Home تاريخ و تراث الجزائر وروسيا.. صداقة لا تصدأ

الجزائر وروسيا.. صداقة لا تصدأ

by Hope Jzr
0 comment
A+A-
Reset

من بلدية العيون في دائرة القالة، حيث تتنفس الأرض ذاكرة التحرير وتحتضن بقايا الألم القديم، ارتفع نصب تذكاري شامخ، يروي للأجيال قصة وفاء متبادل بين شعبين اختارا أن تُكتب صداقتهما بعرق الرجال ودم الشجعان.

لقد جاء تدشين هذا المعلم تخليداً لبطولات فرسان من نوع آخر: خبراء نزع الألغام من جيش الاتحاد السوفيتي الذين، غداة الاستقلال، جاؤوا إلى الجزائر لا ليحملوا السلاح، بل ليزرعوا الأمل. إلى جانب رفقائهم من الجيش الوطني الشعبي، واجهوا معاً الموت الصامت المدفون في الأرض، حاملين أدوات بسيطة وإيماناً عميقاً بالإنسانية.

ما أروع أن تتحول أرض الألم إلى أرض للحياة، ورمز الخطر إلى رمز للنماء. تلك هي الرسالة التي اختزلها المشهد، حين عاد العقيد أندري بافلينكو إلى ولاية الطارف، إلى أرض يعرفها جيداً، وإلى وجوه لم تنسَ جميله. كلماته المؤثرة وهو ينحني أمام ذاكرة الشهداء لامست القلوب، مؤكدة أن العلاقة بين الجزائر وروسيا لم تكن يوماً علاقة مصالح عابرة، بل رابطة روحية صاغتها المواقف لا الخطابات.

لقد أدرك الشعب الجزائري، وهو الذي ناضل كثيراً من أجل الحرية، أن الوفاء قيمة لا تُقاس بالسنوات. فالذين ساهموا في إزالة إرث المستعمر السام، أزالوا أيضاً ما تبقى من خوف في النفوس، ليُعيدوا الحياة إلى مناطق كانت يوماً رمزا للموت.

العلاقات الجزائرية الروسية اليوم تستمد قوتها من ذلك التاريخ المتين. من التحديات المشتركة إلى التعاون في مجالات الدفاع والطاقة والتعليم، يظل الخط الرابط بين البلدين هو نفسه: الثقة، والاحترام المتبادل، والإيمان بالسيادة الوطنية كخط أحمر.

وعندما تُزيَّن ذاكرة الشعوب بأسماء رجال مثل أندري بافلينكو، فإنها لا تحتفل بشخص، بل تحتفي بمعنى الإنسانية ذاته. ذلك الإنسان الذي واجه الموت من أجل أن يعيش الآخرون، والذي بقي رمزاً لما تمثله الصداقة الجزائرية الروسية من إخلاص في القول والعمل.

إن هذا النصب، كما قال والي الطارف في كلمته، سيبقى شاهداً للأجيال على نبل الإنسان الذي مثله هذا العقيد الروسي، وعلى عمق الروابط بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية روسيا الفيدرالية.

في زمن تتبدل فيه التحالفات وتُشترى فيه الصداقات بالمال، تبقى العلاقة الجزائرية الروسية استثناءً يليق بتاريخها. علاقة من معدن لا يصدأ، لأنها وُلدت من تراب المعركة، ونمت على احترام الكرامة، وستستمر ما بقي في الأرض من ذاكرة، وفي القلوب من وفاء.

Hope&ChaDia

You may also like

Leave a Comment

روابط سريعة

من نحن

فريق من المتطوعين تحت إشراف HOPE JZR مؤسس الموقع ، مدفوعا بالرغبة في زرع الأمل من خلال اقتراح حلول فعالة للمشاكل القائمة من خلال مساهماتكم في مختلف القطاعات من أجل التقارب جميعا نحو جزائر جديدة ، جزائرية جزائرية ، تعددية وفخورة بتنوعها الثقافي. لمزيد من المعلومات يرجى زيارة القائمة «الجزائر الجزائرية»

من نحن

جمع Hope JZR ، مؤسس الموقع ومالك قناة YouTube التي تحمل نفس الاسم ، حول مشروعه فريقا من المتطوعين من الأراضي الوطنية والشتات مع ملفات تعريف متنوعة بقدر ما هي متنوعة ، دائرة من الوطنيين التي تحمل فقط ، لك وحماسك للتوسع. في الواقع، ندعوكم، أيها المواطنون ذوو العقلية الإيجابية والبناءة، للانضمام إلينا، من خلال مساهماتكم، في مغامرة الدفاع عن الجزائر الجديدة هذه وبنائها.

ما الذي نفعله

نحن نعمل بشكل مستمر ودقيق لتزويد الجمهور بمعلومات موثوقة وموضوعية وإيجابية بشكل بارز.

مخلصين لعقيدة المؤسس المتمثلة في “زرع الأمل” ، فإن طموحنا هو خلق ديناميكية متحمسة (دون صب في النشوة) ، وتوحيد الكفاءات في خدمة وطنهم. إن إصداراتنا كما ستلاحظون ستسلط الضوء دائما على الأداء الإيجابي والإنجازات في مختلف المجالات، كما تعكس منتقدينا كلما رأينا مشاكل تؤثر على حياة مواطنينا، أو تقدم حلولا مناسبة أو تدعو نخبنا للمساعدة في حلها. 

مهمتنا

هدفنا الفريد هو جعل هذه المنصة الأولى في الجزائر التي تكرس حصريا للمعلومات الإيجابية التي تزرع الأمل بين شبابنا وتغريهم بالمشاركة في تنمية بلدنا.

إن بناء هذه الجزائر الجديدة التي نحلم بها والتي نطمح إليها سيكون عملا جماعيا لكل المواطنين الغيورين من عظمة أمتهم وتأثيرها.

ستكون الضامن للحفاظ على استقلالها وسيادتها وستحترم إرث وتضحيات شهدائنا الباسلة.

© 2023 – Jazair Hope. All Rights Reserved. 

Contact Us At : info@jazairhope.org