لجزائر- ابتكر الجزائري حكيم العايب “خيمة عجيبة” تحتوي على كل ضرورات الإقامة السياحية، مهما كان المكان. وأراد أن تكون “خيمته” المبتكرة “ثورة” في القطاع الحيوي الذي يعمل فيه، لا سيما أن بلاده تزخر بمناطق طبيعية وتاريخية تستقطب آلاف السياح الأجانب سنويا.
كيف ولدت الفكرة؟
“الفكرة تولّدت خلال فترة جائحة كورونا”، يقول العايب (وهو صاحب وكالة سياحية) للجزيرة نت إنه شعر بأن بإمكانه أن ينقل وكالته السياحية التقليدية إلى مستوى وكالة استثمار سياحي تتمتع بالديناميكية (العملية) التي تجعل نطاق عملها أوسع وأكثر ليونة، “وهذا ما دفعني إلى البحث عن حل ناجع يحقق طموحي”. ويضيف صاحب المشروع الذي لاحظ أن أغلب السياح الأجانب الذين يقصدون الصحراء الجزائرية -التي تبلغ مساحتها أكثر من مليوني كيلومتر مربع- يحتاجون إلى مرافق سياحية تُؤويهم خلال رحلتهم.
من هنا، وجد العايب أن الحل يكمن في ابتكار مجموعة من “الخيم العجيبة” -وفق تعبيره- “فعندما يذهب السائح مثلا إلى الصحراء الجزائرية التي تعد قطبا سياحيا بامتياز يجد مرافق سياحية عملية تلائم رحلته وتلبي طلبه بأسعار مناسبة جدا”.
وتضم كل “خيمة عجيبة” كافة الخدمات والتجهيزات التي يمكن أن تتوافر في الفنادق؛ من سرير ومطبخ وحمام وثلاجة، ومكان خاص للأطفال، و”بانوراميك” (مرصد فلكي) للسياحة الفلكية، وشاشة للارتباط بالإنترنت، وجهاز تكييف هوائي.
ويشير العايب إلى أن فكرة “الخيم العجيبة” اكتشفها خلال زياراته لكل من الأردن والصين وتركيا، وعدّها بديلا للمرافق السياحية المعتادة، علما بأن مشروعه يتميّز “بخصوصية جزائرية”، وفق تعبيره.
وانطلق صاحب “الفندق المتنقل” في رحلة إنجاح مشروعه بزيارته مختلف ولايات الجزائر، بحثا عن مواد أولية يحقق بها حلمه في سد ثغرات المرافق السياحية بتلك “الخيمة العجيبة” التي بدت “كقصر مصغّر”، مثل الحديد والقماش الخاص.
وما سهّل مهمته عثوره على حرفيين محترفين في محافظة باتنة (شرقي البلاد)، واضعا شرطا إلزاميا بأن يكون الحرفي “فنانا”.
خيمة 5 نجوم
يعترف العايب بأن فكرته لم تنجح في بداياتها، إلا أن إصراره على إنجاح مشروعه أوصله إلى صناعة فندق متنقل يعمل بالطاقة الشمسية.
ويقول إن المشروع يوازي فنادق “5 نجوم”، لافتا إلى أنه يمكن وضع تلك الخيمة في الجبال والصحراء والشواطئ وغيرها، حتى يجد السائح أمامه كل الوسائل والظروف الملائمة للعيش؛ ترويجا للسياحة المحلية.
ويشير إلى أنه “يمكن تخصيص الخيمة لشخصين، ويمكن تقسيمها إلى غرفتين، ويمكن أن تكون أيضا قاعة للمحاضرات، وكذلك للسباحة والسينما والرياضة”، متوقعا أن يحقق مشروعه استحسان السياح الأجانب لتغيير نظرتهم في الإيواء، واستهداف السياح المحليين أيضا.
دهشة وتفاؤل حذر
وفي حين كانت الجزيرة نت تتحدث مع صاحب مشروع الفندق المتنقل، لم تهدأ تلك الخيمة من الزوار الذين يتأملون كل تفصيلة فيها بدهشة، متسائلين عن “جنسية صاحبها”، ولم تختلف آراؤهم حول أهمية المشروع، لكنها تباينت في نظرة كل واحد إلى “مستقبلها”.
وأبدى خالد (مصور لإحدى وكالات الإنتاج السياحي المحلية) إعجابه بما كان يصوره، حتى أنه أمضى أكثر من ساعة بكاميراته الخاصة لتوثيق كل جزء فيها.
وقال خالد للجزيرة نت إن “المشروع استثنائي بكل معنى الكلمة”، مؤكدا أن الجزائر “تزخر بالكفاءات القادرة على النهوض بكل القطاعات، خصوصا السياحي منها، الذي بقي عقودا متأرجحا بين نقص المرافق وارتفاع أسعار بعضها أو حتى ضعف الخدمات التي تقدم”، حسب تعبيره، وتوقع أن تكون فكرة الفنادق المتنقلة “ثورة سياحية في الجزائر”.
ولم تختلف دهشة سيد علي -الذي زار تلك الخيمة مع زوجته وطفلتيه- بكل تلك التفاصيل التي تميز المشروع. ومع ذلك، كان الرجل حذرا تجاه مستقبل هذا الإنجاز الفردي.
وقال للجزيرة نت إن “ابتكارات كثيرة حققها جزائريون سابقا، وكان مصيرها التجاهل الرسمي، في حين التقطتها دول أجنبية، وهذا ما أخشاه على هذا المشروع المميز”.
ورأى أن “مشروعا كهذا يحتاج إلى دعم مالي ضخم قد لا توفره الحكومة أو القطاع الخاص، مما يشكل عائقا كبيرا أمام تطبيق المشروع بشكل واسع على أرض الواقع، وليس نجاحه فقط”.