صباح الأمل….
تحالف الإرهاب الإداري و المواطن “الفاسد”.
أصبحت الجزائر هذا اليوم 26 فيفري، المصدر الأول للغاز المميع في افريقيا متخطية بذلك نيجيريا، حدث هذا بعد ان ضاعفت الجزائر انتاجها بشكل حاد منذ بداية الحرب الأوكرانية!!. مؤسف أن هناك من يعمل و يجتهد في هذا البلد على المستوى الخارجي ويزيد من مداخيل الدولة من العملة الصعبة، دون ان ينعكس ذلك داخليا كما يجب، على المواطن البسيط !! لماذا؟؟
لي جوابي الخاص على هذا السؤال، بالنسبة لي واضح تماما أن هناك عصابات في الإدارة بكل فروعها تشن حربا شرسة ضد كل من يظهر نية في الإصلاح وتحسين الأوضاع و الإستثمار في رفاهية الوطن والمواطن.
في الوقت نفسه، المواطن يريد للأمور ان تتغير لكن لايريد ان يلعب دوره في التبليغ عن الإبتزاز الإداري و المرتشين!. المواطن الذي يقدم الرشوة أو لايبلغ عنها هو جزء من الفساد الإداري و له يد في بقاء المسؤول الفاسد.
شخصيا لايخيفني شيئ في البلد أكثر من الإرهاب الإداري، عندما يتحالف مع المواطن الفاسد. الشيء الذي يعطل كل جهود التنمية، ويقتل روح المبادرة. لاأذيع سرا هنا، لقد قالها الرئيس بنفسه أن الكثير من المسؤولين عطلوا مصالح المواطنين بحجة الخوف من العقوبة إذا أخطأوا من دون تعمد، فتسبب هذا بتأخير إنطلاق الكثير من المشاريع التنموية، لم تتحصل الكثير من الشركات على مستحقاتها المالية بعد انجازها للمشاريع التي كلفت بها، بحجة الخوف من الإمضاء على مبالغ كبيرة….وتسبب هذا ايضا في تأخير انطلاق الكثير من الاستثمارات بسبب عدم منح التراخيص المطلوبة في المناطق الصناعية للمستثمرين بحجة الخوف من محاسبة السلطة المركزية.
رغم ان الرئيس تبون شرح في عدة مناسبات آخرها لقاء الولاة، أن شرط تطبيق العقوبة، ان لايستفيد المسؤول شخصيا ولاأحد من أقاربه او معارفه، وقال أيضا بصريح العبارة: ” من لا يستطيع تحمل المسؤولية ليس مرغما على البقاء في منصبه”، لكن أحد يريد الانسحاب من منصبه، ولايريد الاجتهاد وينعكس على على المواطن وتتعفن الأمور، يعني عقلية “لعَّاب حرَّام”.
تحول “الخوف من العقاب” إلى خطة لدى ممولي الإرهاب الاداري تسببت في الكثير من المشاكل التي تعرقل انطلاق الاقتصاد من جديد ، بسبب غياب روح المبادرة والقدرة على تحمل المسؤولية لدى معظم اطارات الدولة من الوزير الى المدير
لكن الذي يزعج الإرهاب الإداري في الحقيقة هو انعدام إمكانية تضخيم الفواتير، كما كان يحدث في السابق، لم يعد ممكنا تضخيم الأرقام في الكشوف لإقتسام المبلغ الزائد مع الفلاح أو المقاول أو المتعامل الذي يرفع من قيمة المواد.
لم يعد ممكنا لمسؤولي البنوك الاستفادة من العمولات التي كانوا يتلقونها نظير تسهيل إجراءات سحب الأموال بعد أن تعمدوا منع اخراج السيولة المالية لمستحقيها، سواء كان الأمر يتعلق بأصحاب الحسابات البسيطة أو الضخمة.
لم يعد بامكان المرتشين نيل نصيبهم المعتاد من المقاولين نظير تسهيل اجراءات معالجة الملفات ” Les situations”.
لم يعد بامكان المرتشين ابتزاز الفلاحين لتقديم محاصيلهم للدواوين، فاتجه هؤلاء لبيعها في السوق السوداء..فتتضاعف اسعار المواد بعد ما تتعاقب على يد الكثيرة من السماسرة والوسطاء.
.عمليه التحطيم تحت ذريعة الخوف من العقاب، يالخاوة تتسبب في الكثير من العطب الذي يعيق إنطلاق الإقتصاد من جديد و يعطل من انفراج الأزمات، معروف أن مرحلة التصحيح تكون أكثر قساوة وإيلاما على الشعوب من فترة الفساد التي عاشوها لعقود. يجعل هذا الكثير في البلاد يحلم بالحنين الى فترات الفساد التي كانت فيها مصالحهم تقضى بمجرد اتصال هاتفي مع فاسد، وهذا برأيي تفكير أناني، يشبه تصرفا رأيته بأم عيني في مدينة مستغانم اين كنت أقضي عطلتي، رأيت اكثر من شخص يرمي الزبالة من نافذة سيارته في الشارع لتبقى سيارته نظيفة، غير مكترث لحظتها بالصالح العام، لتمتلئ شوارع مدننا بالنفايات، ثم يتذمر هذا “الحلوف” و يقول “ماهيش بلاد”. وهو يعلم انه أول الفاسدين وفساده مرَّ دون محاسبة.
هؤلاء الإرهابيون يريدون لفترة العصابة ان تعود من جديد، أين كانت الاموال توزع يمينا و شمالا، وجعلت من السوق الجزائرية مزبلة للسلع العالمية و تاجرت بصحة و أمن و سيادة الوطن.
وهناك من ، من شدة الإحباط، يقول أن العهد السابق كان فيه رخاء في المعيشة..! لوكان ذلك صحيحا، مالذي جعل الجزائريين يخرجون الى الشارع مطالبين بتصحيح المسار و بناء دولة على اسس صحيحة مبنية على الشفافية بعيدا أن الفساد و البيروقراطية ؟؟؟.
لكن هل معنى هذا ان استئصال الإرهاب الاداري عملية مستحيلة أو حتى صعبة؟ لا أبدا وصدقوني وسجلوها عني: أقول بدون مبالغة انها عملية بامكاننا ان نجعلها سهلة جدا إذا توفر شرطان أساسيان:
1 – الرقمنة، 2- التخطيط المحكم.
لوتوفر هذان الشرطان، صدقوني يالخاوة “حلوف” من هؤلاء الارهابيين مايبقاش يدور.
الرقمنة تفضح اصحاب الفساد و الرشوة و البيروقراطية.. وبالتالي تخدم المواطن ويخدم التنمية….تطبيقها يجب أن يتم وفق أجال قريبة المدى، محددة بتاريخ معروف مسبقا، غير قابلة للتمديد، يرافقها ردع و محاسبة لكل متقاعس و متماطل.
المسؤول الذي يعمل ويجتهد ويخطئ، أعظم وأشرف من ذلك الذي لايعمل ولايجتهد بحجة الخوف من العقوبة.
MB – 26.02.2023
1 comment
مقال رائع صديقي، مشكور على المجهود الطيّب