يشهد العالم منذ نهاية أزمة كورونا تغيرا على كل الأصعدة بما في ذلك تغير الرقعات الجغرافية و تغير في السياسات و حتى في ثقل العملات النقدية و أيضا في التوازنات,ممّا جعل مقاليد السيطرة تنقسم على إثنين أو بالأحرى قطبين.
حيث عن قريب لن تعود تلك السيطرة الهوليودية التي كانت تجعل دوما الغلبة لجانب الرجل الأمريكي الذي يفهم في كل شيئ,و يخرج منتصرا من كل شيئ,أين لا ينكر أي أحد منا أننا تربّينا على شخصية “رومبو” الذي يقاتل “الفييت كونج” لوحده و يخيط جراحه لوحده و ينزل مظليا ما وراء خطوط العدو لوحده كذلك.
دون أن ننسى شوارزينيغير الذي تقّمص دور “الكومندوس” في فيلم “MISSION COMMANDO” و غيره حيث جعلت هولوييود من تلك الشخصيات المبتدعة أدوات لتخويف العالم بأن الغرب عالم لا يهزم.
و أقول هذا خلال هذه الخاطرة و أنا أتذّكر,كيف كان ينظر أقراني و حتما أسلافنا لأبطال “FAR WEST” من عيار “john wayne” و “Ronald Reagan” الرئيس الأمريكي الراحل دون نسيان سطوة “Clint Eastwood” و مغامرات”macgyver”, حتى وجدنا الآن هذا الغرب المتبّجح في أول اختبار يخوضه بعد الحرب الباردة في الأزمة الأخيرة مع الروس ينهار كقلعة من ورق.
فالعالم الغربي الذي طالما أعطى للعالم الثالث الدروس و العضات في مجال حقوق الإنسان و المرأة و الحيوان سواءا كان أليفا أو متوحشا,كان يعطي وصاياه على شكل تفّسخ و قشور يحسبها المغفلون بأنها هي الإنسانية بينما هي على النقيض تمثل الدوس على الإنسان على أنقاض الإنسانية.
و من هنا أتذكر أن ذاك العالم الغربي نفسه كان فقط منذ ما يقل عن قرن من الزمان هو من يضع الأفارقة و نظرائهم من السكّان الأصليين للأمريكيتين في أقفاص حيوانية و يتم عرضهم في مختلف دورات السيرك المتنقل و في حدائق الحيوان على أنهم البشر البدائي الذي لا يحق له التفكير.
و غير بعيد عن تلك الوقائع لا يزال ذات العالم يوهمنا أن الصهاينة هم شعب الله المختار و هم الأولى باحتلال الأمكنة المقدسة على أنقاض فلسطين,و نفس العالم يرى الظلم و القهر في الصحراء الغربية و لا يحرك ساكنا.
نعم يا سادة و يا سيدات هذا هو الغرب الذي يريد من العالم الثالث أن يبقى دوما مصّدرا فقط للذهب بلونيه الأصفر و الأسود و يريد من بلدانه أن تكون مضخة غازية لا غير بتطبيق سياسة رابح/خاسر.
لكن يبدو أن العالم الثالث من خلال حرب التوازنات الحالية بدأ يحفظ الدروس,و يحفظ كرامته من خلالها و يذود عنها,فمثلما بدأت الحياة من أفريقيا فإن تجّددها سيكون من نفس هذه القارة السمراء العتيقة فطوبى لمن تجّدد قبل أن يتبّدد…و السلام ختام.
elmakal.dz