فبراير، 2021 هيئة تحرير سوبرنوفا
في بلدة الرقيبة بولاية الوادي، التقيت الشاب البهي بشير مسعودي (21 عاما). وهو حرفي في نجارة الألمنيوم، قادني في جولة بواسطة سيارة خاصة هو من صنعها بالكامل من الألمنيوم والخشب. وطورها معتمدا على محرك دراجة نارية أحدث عليه الكثير من التغييرات. وجعله يقبل أوامر محول السرعات، فصار بوسع المركبة أن تتحرك بسرعة 120 كلم/الساعة.
ورغم بساطة تصميمها إلا أن الفكرة في حد ذاتها مبدعة، بل ورائعة مادام أن بشير يستغل سيارة من صنع يديه في قضاء حوائجه كما تساعده في التنقل إلى البلدات القريبة.
في الجزائر العميقة هناك أمران إثنان لفتاني، المدن المتخفية حافلة بقصص التحدي وبالمبدعين والشباب الرائع، الذي يستحق أن يبرز، ولا نرى لهم ظهورًا ولا تشجيعا إلى أن يبتلعهم النسيان فينطفئون في صمت.
وثانيًا الخير المنتشر في هذه المناطق، لا يمكن وصفه ولا تصوره. على بؤس وضعنا وتراجع الحال والأحوال، ما يزال الخير متفشيا، الكرم والطيبة وعرض الخدمة دون انتظار مقابل مع روح التعاون والتكافل المتأصلة، يكفي أن تتوقف لتسأل فيخدمونك بكل محبة.
ويكفي أن تصف على اليمين فيهرعون لتقديم المساعدة لك دون أن تطلبها. أحيانا تجد نفسك في بيوت أشخاص لا تعرفهم يغدقون عليك من فيض كرمهم دون أن يبتغوا منك شيئا. بعيدا عن فردانيتنا المتوحشة في مدننا الكبرى “الخير مبزع” في مدن الأعماق. حتى أن بشير بعد جولة بسيارته أقسم أن يكرمني في بيته بمأدبة تشكلت من كل أنواع الحلويات (فاكتفيت بأخذ علبة عصير حتى لا يعتقد أنني رفضت دعوته). وكان ما أخذته من عنده من نصيب راعي جمال، استوقفنا نواحي سطيل وسألنا أن نعطيه ما يأكل.
وعلى خلاف ما هو في الواقع من قيم مجتمعية جميلة، عندما تدخل “فيسبوك” تعتقد أننا في حرب. حروب هوية ضارية، حرب ثقافية، حرب رؤى بخصوص الحراك، حرب على من يرأس الإتحاد الجزائري للكرة، حرب في التعليقات، حروب دينكوشتوية لا تنتهي، سب وشتم وإساءات مجانية.
الجزائر الحقيقية والجميلة موجودة في الأعماق فيكفي الغوص في الواقع لاكتشافها!.
الكاتب: نجم الدين سيدي عثمان