في عصر التحول الرقمي، أصبحت صناعة المحتوى واحدة من أكثر الصناعات انتشارًا وتأثيرًا في العالم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذا التأثير إيجابي أم سلبي؟ وهل المحتوى المنتج مفيد أم مضر؟ هذه الأسئلة تشغل بال الكثيرين، خاصة في ظل انتشار محتويات قد تكون مخجلة أو حتى خطيرة على المجتمع.
صناعة المحتوى ليست مجرد عملية إعلامية أو ثقافية، بل هي أيضًا عملية اقتصادية بامتياز. هناك تكاليف ومجهودات وأبحاث وأفكار تدخل في صناعة المحتوى، وكل صانع محتوى يختار الطريقة التي تناسبه لتحقيق أهدافه. فمنهم من يستثمر في محتوى تعليمي أو إخباري، بينما يلجأ آخرون إلى ابتذال المحتوى لجذب المتابعين عبر إثارة غرائزهم أو مشاعرهم.
في الوطن العربي، نلاحظ ظاهرة غريبة، خاصة في الجزائر، حيث يتابع الملايين محتويات مبتذلة وخطيرة على التوازن الاجتماعي. هذه المحتويات تسيء إلى فئات عديدة من المجتمع، من النساء إلى الرجال، من الأطفال إلى كبار السن، ومن العاملين إلى العاطلين عن العمل. بل إنها تسيء حتى إلى التماسك الاجتماعي والثقافي والديني.
لذلك، ندعو من هذا المنبر إلى ضرورة عدم متابعة هذه المحتويات أو دعمها، بل نطالب السلطات العمومية بفرض رقابة قانونية وتشريعية وعقابية على هؤلاء “صناع المحتوى” الذين يسيئون إلى المجتمع.
ومن الأمثلة التي تستحق الذكر هو “المثال المصري”، حيث أعلنت مصر عن هروب العديد من الشركات، خاصة تلك المتخصصة في صناعة المحتوى، إلى الاقتصاد الإماراتي. ففي النصف الأول من عام 2024، هربت حوالي 2360 شركة من مصر إلى الإمارات، بسبب جاذبية بيئة الأعمال هناك. ومع ذلك، فإن المحتوى الذي ينتجه هؤلاء يصل إلى الجمهور المصري، بينما الأموال التي يجنونها تذهب إلى حساباتهم في الإمارات.
هذا الأمر يسلط الضوء على ضرورة تنظيم صناعة المحتوى بشكل جدي، ليس فقط على المستوى الوطني، بل ربما على المستوى الإقليمي أو العالمي. فصناعة المحتوى أصبحت سوقًا ضخمًا للترويج والإعلان، ويجب أن تكون هناك قوانين تحكمها وتحمي المجتمعات من آثارها السلبية.
في الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، فرض المجلس الوطني للإعلام رخصة لصناعة المحتوى مقابل رسم قدره 5000 درهم، بالإضافة إلى غرامات للمخالفين. هذه الإجراءات تساعد في تنظيم القطاع وجعله مصدرًا للدخل الوطني.
في الختام، نؤكد على أهمية تنظيم صناعة المحتوى في الجزائر والعالم العربي، ليس فقط لحماية الذوق العام والمجتمع، بل أيضًا لجعل هذا القطاع مصدرًا للدخل الوطني. ندعو السلطات إلى التفكير الجدي في هذا الأمر، ووضع قوانين تحمي المجتمع من المحتويات الضارة، وتضمن استفادة الاقتصاد الوطني من هذا القطاع الواعد.
هذا المقال مستوحى من محتوى podcast الأستاذ كامل ديب.
.Hope&ChaDia