محمد رضا شطيبي
بعد تعادل فريقنا الوطني امس امام أنغولا، و مباشرة بعد صافرة نهاية المقابلة خرج جل المحللين على قنوات تليفزيونية و قنوات يوتيوبرز ليمطروا المدرب بلماضي بالانتقادات غير البنائة تارة و التهكمات الساقطة تارة أخرى.
كلنا بات يعلم ما مدى تأثير كرة القدم في الشارع الجزائري و خاصة عندما يتعلق الامر بالمنتخب الوطني؛ و هذا أدّى ببعض القنوات “الرياضية” المحلية أن تتخذ من هذا الموضوع مطيّة لنيْل مآرب سياسية بعيدة كل البعد عن الرياضة و متعتها.
بدأ هذا النوع الخبيث من الناس في العمل على الفريق الوطني و نتائجه مباشرة بعد كأس أمم إفريقيا 2019 التي أجريت في مصر و كان المنتخب قد فاز بها عن جدارة و استحقاق في 19 جويلية … و للمعلومة فقط:
برهن الناخب الوطني جمال بلماضي للجزائريين قاطبة أن من يعمل مخلصا، متسلحا بكفائته و جِدّه، حتما يستطيع بلوغ أنبل الأهداف و رفع أكبر التحدّيات… و برهن أيضا أن محيط العمل، رغم أهميَّته، فإنه ينصاع و يُذلِّل جناحيه تحت أقدام من كانت له إرادة النجاح.
نعم كانت تلك رسالة جمال بلماضي في جويلية 2019 ، و الشعب الجزائري حينها كان يموج في حراكه ذاك، يريد تغيير سياسات البلاد و وجوه المسيِّرين في السلطة، و يا لها من رسالة معبرة، مفادها:
“استلمت الفريق الوطني في منتصف 2018 و كان منكسرا و مهزوز الأركان،يقول بلماضي، فأخبرت لاعبيه أنني جئت لأعطي كل ما لديَّ للعلَم الوطني، من وقت و خبرة و سأكون مخلصا في ما أقوله و جادّا فيما أفعله، و لنتوكل على الله أولا ثم نثابر و نصبر، فالثمار لا محالة سوف تظهر.”
جوهر رسالته أنه وحده عمله من سوف يُنصفه، لا يريد تدخل فلان او علان ، و رغم تدنّى مستوى التسيير في الحقل الرياضي عامة و في كرة القدم خاصة زيادة عن الفساد الذي كان ينخر كل المجالات؛ فهذا لم يكن ليُثني بلماضي عن بلوغ مراده، و هو المؤمن بمزايا الجِّد و الكّد.
كيف لي أن أنسى من سدد حراك الشارع حينها، و قال للشعب الجزائري فيما معناه: ليس المهم أن “يروحو قاع” إن كنت مثل أولائك “القاع” بل المجدي و المفيد أن لا يكون المرؤ مثلهم، يعمل بإخلاص لربه و وطنه، و لو حتى أحاط به الخراب من كل جانب، فالله كفيل بتوفيقه حينها.
كان وقْع الإنجاز على رؤوس شرذمة المخربين الذي وضعوا كل آمالهم على “حراك” الشارع، كوقْع الصاعقة، خاصة و أن رجالا مخلصين كثُر انظمّوا لاستثمار انجاز بلماضي ، فبعثوا الأمل من جديد بين صفوف الشباب، فراحوا ينشغلون بمستقبلهم…و هذا جد خطير لمن راهن على نشر اليأس و الخراب و شجع و موّل دهماء القوم لاكتساح الشارع… نعم السيد جمال بلماضي و معه كثير من الشرفاء اصابوا مشروع التخريب في مقتل.
بنتيجة الأمس و تعادل المنتخب في أول مباراة له، أحس زارعوا اليأس بنشوة جارفة، فراحت وجوههم الشاحبة، تجد شيئا من نضرة، و صعُب عليهم اخفاء فرحتهم… فهذا يقول “فاجعة” و الآخر يقول “خيبة أمل كبيرة” … غير أنهم فاتهم شيء غاية في الأهمية:
نتائج الاستقرار السياسي في الأربعة أعوام الماضية آتت أكلها حيث ولّت السبع العجاف لتترك مكانها السبع السمان:
فشباب الدولة الجزائرية اليوم انشغل بمشاريع مؤسساته الناشئة، و فقط يحتاج لنصائح بالماضي كي ينجح.
و موضفوا الجزائر رؤوا أجورهم و معاشاتهم تتضاعف الى ما يقارب الخمسين في المئة من الزيادات، و هذا كي يستطيعوا اقتناء سيارات بقروض مطولة من مصنع فيات بوهران…
الشباب العاطل عن العمل يتقاضى اليوم أجرة ليصون كرامته…
فمنجزات جمال بلماضي اعطت شيئا من وقت للسلطات و هذا كي يتسنى لها منح الشعب المنجزات الملموسة و المادية على ارض الواقع و ليس وعود كالتي يطلقها بعض فلاسفة المكر و الخداع هنا و هناك؛ مثل حرية التعبير و الصحافة و غير ذلك من الشعارات الخاوية التي لا تشبع و لا تغني من جوع.
و في الأخير أقول للناخب بلماضي : لقد حققت ما كان مطلوبا منك و أكثر سيدي الفاضل خاصة برجوعك للعارضة التقنية بعد نكسة الكاميرون (التي يعلم الله ان بائعي شرفهم هم من كانوا وراء هذا الإجرام) و هذه شجاعة قل نضيرها ، كون الأعداء كانوا يودّون أن تنكسر، و هُزِموا حين رؤوك ترفض الإنكسار و تعاود الكرّة و تقود المنتخب دون هزيمة الى غاية هذا الموعد الإفريقي…
أقولها و انا جادّ فيما أقول: تستطيع الإستقالة ايها الرجل الشهم مباشرة بعد هذه البطولة إن أردت طبعا، فإنك و الله قد وفّيت و كفيتنا شرّ اعداء الوطن و والله لن ينساك الشعب الجزائري لاحترامك له و لرموزه من لاعبي منتخب جبهة التحرير الوطني الذين لطالما وقّرتهم … أصيل و نبيل و الله يرحم من ربّاك … تحيا بلادي الجزائر برجال من طينة جمال بلماضي