في هذه الحلقة من برنامج “التاريخ الجزائري المفيد”، يتناول موضوع التعليم في الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي.
يعود بالزمن إلى ما بين مئتي إلى ثلاثمئة عام، ويستند إلى كتاب “تاريخ الجزائر” المطبوع عام 1724، حيث يشير إلى وجود عشرة مساجد كبرى وخمسين جامعًا صغيرًا، بالإضافة إلى ثلاثة معاهد والعديد من المدارس الكبرى ومدارس الأطفال. وهذا يعكس المستوى العالي من التعليم والتنظيم في ذلك الوقت.
الفرق بين المؤسسات التعليمية المختلفة
يوضح الفرق بين الجامع الكبير ومسجد الحي والمعاهد ومدارس الأطفال. وفقًا للكتاب، كان هناك عدد لا يحصى من المدارس، مما يدل على أن التعليم كان متاحًا للجميع في عام 1724. وفي كتاب آخر عن تاريخ الجزائر، المطبوع عام 1885، يتم وصف المدينة بوجود مسجد رائع ومعهد للعلوم الشرعية، مع التفريق بين الجامع أو المسجد وبين الكلية أو المدرسة.
يصف الكتاب أيضًا مدارس الأولاد ومدارس البنات، ويشير إلى اعتقاده أن الناس يمكن دفعهم بسهولة نحو التقدم من خلال تحسين نظام الحكم وممارساته. هذا الكتاب المطبوع قبل الاحتلال الفرنسي يعكس أن التعليم كان جزءًا أساسيًا من الحياة في الجزائر.
التعليم في الجزائر عام 1831
الألماني وليم شمبر الذي زار الجزائر بعد عام من الاحتلال الفرنسي، أي في 1831، لاحظ أن جميع الجزائريين كانوا قادرين على القراءة والكتابة، على عكس دول جنوب أوروبا. وقال إنه وجد شابًا جزائريًا يتقن بالإضافة إلى اللغة العربية كلًا من الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والإيطالية واليونانية. ويضيف أنه عندما وصل الاحتلال الفرنسي، وجد أن الجزائريين تقريبًا يتحدثون الفرنسية بطلاقة، بينما كان القليل منهم لا يتحدثون العربية.
التعليم في الجزائر عام 1832
شمبر أشار أيضًا إلى أن الجزائريين كانوا متعلمين أكثر مما كان متوقعًا، وأنهم جميعًا يتقنون القراءة والكتابة، وأن معظمهم كانوا يجيدون الحساب. كما ذكر أن المعلمين الجزائريين لم يكونوا قاسين مع تلاميذهم كما هو الحال في أوروبا، وأنهم كانوا يستخدمون العصي لضرب الأكتاف فقط، وليس على أي جزء آخر من الجسم.
الجبار في 1832 كتب في صحيفة بأن العرب كانوا يتمتعون بفضول كبير للقراءة، خاصة في المواضيع المتعلقة بالصناعة والزراعة والفنون الأخرى. وأكد أن العرب جميعهم يتقنون القراءة والكتابة، وكان هناك مدرستان في كل قرية.
التغيرات بعد الاحتلال الفرنسي
ولكن بعد مجيء الاستعمار الفرنسي، تغير نظام التعليم بشكل كبير. رغم أن فرنسا أنشأت مدارس جديدة في الجزائر، إلا أنها حاولت فرض لغتها وثقافتها. يستشهد هنا برسالة لأحد المعلمين الفرنسيين في الجزائر عام 1899، نشرتها “النوبر ريفو”، حيث عبر عن دهشته لمدى تقدم التعليم بين الجزائريين.
وفي مقال كتبه برنار دوتانو في نفس المجلة ونفس العام، دعا إلى تكثيف التعليم في الجزائر، قائلاً إن اختلافات الأفكار ستختفي تدريجيًا بعد أن
يختلط الشباب الجزائري مع الفرنسيين، مما يجعل أفكارهم تتماشى مع أفكار الفرنسيين.
خاتمة
يختم الحلقة بملاحظاته حول موضوع النقاش، خاصة التعليقات التي تلقاها من بعض المتابعين. يود أن يقول إن هدفه هو تسليط الضوء على التاريخ الجزائري العظيم، وأن التعليم في الجزائر كان راسخًا وقويًا قبل الاحتلال الفرنسي. يعتقد أنه من المهم للشباب الجزائري أن يعرف تاريخه ويتعلق به، لأن هذا هو الذي يمنحه الثقة والاعتزاز بوطنه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.