من خلال تحليله لمشروع قانون المالية لسنة 2026، قدَّم البروفيسور كمال ديب قراءة دقيقة ومفصّلة للأداء الاقتصادي الجزائري خلال النصف الأول من سنة 2025.
لكن ما يلفت النظر في هذا التقرير ليس فقط دقّة الأرقام، بل اتجاهها التصاعدي في أغلب المؤشرات الأساسية — وهو ما يعكس ديناميكية جديدة في الاقتصاد الوطني، قائمة على النمو خارج المحروقات والانضباط المالي.
🔹 جدول المؤشرات الرئيسية حسب عرض البروفيسور كمال ديب
| المؤشر / القطاع | السنة أو الفترة | القيمة أو النسبة | الملاحظة |
|---|---|---|---|
| النمو الاقتصادي الكلي | الربع الأول 2025 | +4.5% | ارتفاع مقارنة بـ 4.2% في 2024 |
| النمو خارج المحروقات | الربع الأول 2025 | +5.7% | تحسن ملحوظ |
| قطاع المحروقات | الربع الأول 2025 | –2.8% | تراجع طفيف |
| القطاع الفلاحي | الربع الأول 2025 | +6.1% | تضاعف المردودية |
| القطاع الصناعي | الربع الأول 2025 | +5.2% | ارتفاع من 3% |
| الخدمات | الربع الأول 2025 | +5.3% | استمرار التحسن |
| البناء والأشغال | الربع الأول 2025 | +3.1% | تراجع طفيف بـ 0.2% |
| الناتج الداخلي الخام | الربع الأول 2025 | 1 047 مليار دج (≈74.6 مليار دولار) | نمو بـ 8% مقارنة بـ 2024 |
| معدل التضخم | النصف الأول 2025 | 3.25% | انخفاض من 4.06% |
| التضخم في المواد الغذائية | النصف الأول 2025 | 1.42% | انخفاض بالنصف تقريبًا |
| مساهمة السلع المصنعة في التضخم | 2025 | ≈80% | تضخم ناتج عن الصناعة |
| إيرادات الميزانية | حتى يونيو 2025 | 5 598 مليار دج | زيادة بـ 35% (تمثل 66% من التقديرات السنوية) |
| الإيرادات خارج الجباية البترولية | حتى يونيو 2025 | 3 630 مليار دج | ارتفاع بـ 74.8% |
| حصة الإيرادات غير البترولية | 2025 | 65% من الإجمالي | مؤشّر على التنوع الحقيقي |
| نفقات الدولة | حتى يونيو 2025 | 6 563 مليار دج | انخفاض بـ 5.5% |
| نفقات الاستثمار | 2025 | –38.6% | نتيجة ضبط الإنفاق |
| التحويلات الاجتماعية | 2025 | –9.1% | ترشيد الدعم |
| الرواتب | 2025 | +3.9% | استقرار في الأجور |
| الدين العام (خدمة الدين) | 2025 | +102.5% | تضاعف |
| العجز العام للخزينة | نهاية يونيو 2025 | 889.9 مليار دج | انخفاض كبير مقارنة بـ 2024 |
| العجز المتوقع لسنة 2025 | عند الإغلاق | –4 045 مليار دج (10% من PIB) | انخفاض عن 24.4% المتوقعة |
| سعر النفط المرجعي | 2026 | 60 دولارًا للبرميل | معقول ومتحفظ |
| سعر النفط في السوق (تقديري) | 2026 | 70 دولارًا للبرميل | متفائل نسبيًا |
| نمو الناتج الداخلي الخام (توقع) | 2026 | +4.1% | استمرار الزخم |
| نسبة الناتج خارج المحروقات من الإجمالي | 2028 | 89% | علامة تحوّل بنيوي |
| قيمة الناتج الداخلي الخام (إجمالي) | 2026 → 2028 | 310 → 359 مليار دولار | نمو متواصل |
| إنتاج الحبوب المتوقع | 2026 → 2028 | 4.4 → 6.2 مليون طن | زيادة بـ 42% |
الاقتصاد الجزائري يغيّر قواعد اللعبة
للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، تبدو الجزائر وهي تكتب قصة نموها بأرقام جديدة لا تعتمد على النفط.
فالفلاحة ترتفع بنسبة تفوق 6%، والصناعة والخدمات تسير بنفس النسق.
هذا التنوع ليس مجرد شعار، بل أصبح اليوم واقعًا قابلاً للقياس.
انخفاض التضخم إلى 3.25% يشير إلى تحكم فعلي في الأسعار، بفضل استقرار الإنتاج الفلاحي وتراجع أسعار بعض الخدمات.
وفي الوقت ذاته، حققت الدولة قفزة في الجباية العادية، ما جعل الإيرادات خارج النفط تمثل أكثر من ثلثي الميزانية — وهو ما لم يحدث منذ عقود.
مالية عمومية في مسار انضباطي
ما يبرزه كمال ديب أيضًا هو أن الجزائر بدأت تنفق بعقلانية.
الخفض في النفقات الاستثمارية لا يعني تراجعًا في المشاريع، بل إعادة ترتيب الأولويات لتوجيه الأموال نحو القطاعات ذات العائد الإنتاجي العالي.
العجز العام انخفض إلى النصف تقريبًا، وهو إنجاز في ظرف دولي متقلب.
الرسالة الضمنية: الجزائر صارت تعرف كيف توازن بين الصرف والتثمير.
نحو اقتصاد أكثر استقلالية
اعتماد قانون المالية 2026 على سعر نفط مرجعي بـ60 دولارًا يعكس حذرًا ماليًا ناضجًا.
فالدولة لم تبنِ ميزانيتها على التفاؤل، بل على سيناريو محافظ يضمن الاستقرار حتى في حال تراجع الأسواق.
أما الأهم، فهو أن 89% من الناتج المحلي بحلول 2028 سيكون من خارج قطاع المحروقات.
إنها نقطة تحول تاريخية في بنية الاقتصاد الجزائري، تعني أن البلاد تقترب من الاكتفاء الذاتي التنموي.
نظرة نحو المستقبل
التحليل الذي قدّمه البروفيسور كمال ديب يُظهر أن الجزائر تخرج تدريجيًا من الاقتصاد الريعي نحو الاقتصاد المنتج.
الطريق ما يزال طويلاً، لكن الاتجاه أصبح واضحًا والأرقام تتكلم بصدق.
التنويع لم يعد أمنية… بل صار مسارًا اقتصاديا ملموسًا، يضع الجزائر بين الدول القادرة على النمو بجهدها الداخلي لا بإيراداتها الباطنية.
وفي النهاية، ما أشار إليه كمال ديب بالأرقام يمكن تلخيصه بمعنى رمزي بسيط:
الجزائر لم تعد تعيش على ما تُخرجه من جوف الأرض، بل على ما تُبدعه من فكر وسواعد أبنائها.
— Hope&ChaDia