في خطوة جريئة تعكس التزام الجزائر بمواقفها الثابتة تجاه القضايا العربية والإسلامية، قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تقديم دعم عاجل للبنان عبر تزويده بكميات من الفيول الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء. يأتي هذا القرار في وقت حساس للغاية، حيث يعاني لبنان من أزمة خانقة في الكهرباء تفاقمت على مدار سنوات نتيجة للفساد المستشري داخل المؤسسات الحكومية وفشل النخب السياسية في تجاوز هذه الأزمة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تقف فيها الجزائر إلى جانب دول شقيقة في أوقات الأزمات، فقد سبق أن قدمت دعمًا ماليًا وماديًا للبنان في إطار القمة العربية الأخيرة التي انعقدت بالجزائر، حيث تعهدت الجزائر بدعم مالي قدره مليار دولار لمساعدة لبنان في مواجهة تحدياته الاقتصادية والإنسانية.
الجزائر ليست جديدة على ميدان الدعم والتضامن مع الدول الشقيقة، فقد قدمت في العديد من المناسبات مساعدات كبيرة لعدة دول عربية وإفريقية. على سبيل المثال، دعمت الجزائر تونس بشكل مكثف خلال أزماتها الاقتصادية من خلال منح قروض ميسرة ومساعدات في مجالات الطاقة. كما ساعدت الجزائر موريتانيا في بناء بنية تحتية قوية، خاصة في مجال الموانئ، ونقلت خبراتها في قطاع الطاقة لمساعدة نواكشوط على تطوير قدراتها في تصدير الغاز. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الجزائر دعمًا ماليًا كبيرًا للصندوق الإفريقي للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية، وأخيرًا، شاركت بفعالية في تعزيز التعاون الإفريقي من خلال دعم انضمام موريتانيا والسنغال إلى مجموعة مصدري الغاز. هذا السجل الحافل بالمساعدات يبرز التزام الجزائر الراسخ بدعم الدول الصديقة والشقيقة في مختلف المحافل والظروف.
وفي هذا السياق، يبرز تزويد الجزائر للبنان بالفيول كخطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز صمود المقاومة اللبنانية، ممثلة في حزب الله، في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والدولية. الجزائر لم تتردد في تقديم هذا الدعم دون النظر إلى الضغوط الخارجية أو الترتيبات السياسية مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة أو فرنسا، بل اتخذت قرارها بشكل سيادي ومستقل، مما يعكس سيادتها الكاملة والتزامها بمبادئها.
إن هذا الدعم الجزائري يأتي في وقت حساس للغاية، حيث تتعرض المقاومة اللبنانية لضغوط متزايدة نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وغزة. ورغم الحصار المفروض على لبنان، قررت الجزائر تقديم يد العون، ما يعكس التزامها بمساندة القضايا العادلة ودعم الشعب اللبناني في مواجهة الاحتلال.
هذا الدعم لم يقتصر على البعد الإنساني فقط، بل يعكس أيضًا دعمًا استراتيجيًا للمقاومة اللبنانية في صراعها مع إسرائيل، خاصة في ظل التوترات الحالية في الشرق الأوسط ومحاولات إسرائيل التوسع على حساب حقوق الشعوب العربية. الجزائر، بهذا الموقف، توجه رسالة قوية إلى دول الخليج التي تطبّع علاقاتها مع إسرائيل، مؤكدة أن دعمها للشعوب المظلومة لا يتزعزع.
تبرز الجزائر كدولة مستقلة ترفض الخضوع للضغوط الدولية أو المساومات السياسية، وتؤكد مرة أخرى على وقوفها إلى جانب الحق الفلسطيني واللبناني ضد العدوان الإسرائيلي. هذه الخطوة من الجزائر تمثل صدمة لحلفاء إسرائيل في المنطقة وتفضح التخاذل الخليجي أمام التحديات التي تواجه الأمة العربية.