بقلم: المعتز بالله منصوري
استفتح العدد 22 للجريدة الرسمية، المؤرخ في 27 مارس الماضي، بقرارات المحكمة الدستورية الخاصة برفع الحصانة البرلمانية عن عضو (امرأة) بمجلس الأمة و6 نواب بالمجلس الشعبي الوطني.
المجموع، إذا، 7 من ممثلي الشعب على مستوى البرلمان، سيمثلون أمام القضاء المدني بعدما جردهم القضاء الدستوري من الحصانة، فإما براءة وإما إدانة وجزاء.
وينبغي الإشارة، إلى أن العهدة التشريعية الحالية ومنذ بدايتها، مليئة بحالات طلب رفع الحصانة والتنازل الطوعي عن الحصانة وإثبات التنافي وشهدت حتى تجريد نائب من عضويته.
هذا الوضع غير المسبوق في تاريخ السلطة التشريعية في الجزائر، يمكن الوقوف عليه لقياس مدى تجسيد التغيير بمفهومه المؤسساتي من عدمه.
ويمكن العودة قليلا إلى ما قبل الانتخابات التشريعية المسبقة لسنة 2021،
حينما صرح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بأن معنى التغيير الذي التزم به أمام الشعب “لا يقصد به تغيير الأشخاص وإنما تغيير نمط الحوكمة بشكل عام، والآداء المؤسساتي بشكل خاص”.
وما التعامل القانوني اليوم، مع موضوع الحصانة البرلمانية، إلا نتيجة للتغيير المؤسساتي الجذري الذي عرفته البلاد،
بدءا من دستور نوفمبر 2020، الذي حصر مفهوم الحصانة في “الأنشطة المتعلقة بالمهام البرلمانية” واستحدث القضاء الدستوري.
وفي وقت سابق كان يتمتع عضو مجلس الأمة أو النائب في المجلس الشعبي الوطني، بالحصانة المطلقة عن جميع أفعاله، ولا يتم رفعها إلا عبر مسار ثقيل للغاية، يحسم بالتصويت في جلسة داخل الغرفة النيابية، في حالة تعنت النائب أو العضو ورفضه التنازل الطوعي عن حصانته.
وفي ظل المنظومة القانونية الجديدة، تتكفل المحكمة الدستورية التي حلت محل المجلس الدستوري بصلاحيات قضائية، باتخاذ قرار رفع الحصانة من عدمه بناء على إخطار من الوزير الأول، في حالة وجود ملف قضائي ضد عضو برلماني.
ودون الإخلال بمبدأ قرينة البراءة، وفي انتظار أن تأخذ العدالة مجراها، يمكن القول، أن عدد النواب المعنيين برفع الحصانة كان سيكون أكبر بكثير، لو لا غربال المادة 200 من القانون العضوي للانتخابات التي تتصدى للمال السياسي، الفاسد وغير الفاسد.
ويكفي التأمل في رقم ضخم، تمثل في إسقاط 700 اسم رغبوا في الترشح في قوائم حزبين اثنين فقط.
وإذا كان لما حصل، معنى، فإنه تجسيد قانوني وسياسي لمسار “أخلقة الحياة السياسية” ومبدأ “فصل المال عن السياسة” خاصة المال الفاسد، وفقا لما التزم به رئيس الجمهورية وشدد عليه في أكثر من مناسبة.
لقد كانت ورشة كبيرة جدا، ومحفوفة بالتحديات ونقاط المقاومة، إذ ليس من السهل استعادة المصداقية الكاملة والشرعية التامة للبرلمان الذي كان بالأمس القريب، ملاذا يتحصن به الفساد وسوء التسيير وعائدات تضخيم فواتير الاستيراد والممنوعات ووكلاء العصابة الذين يمررون القوانين التي تخدم مصالحها.
والمستفيد الأكبر، من المعركة الكبيرة التي خاضها رئيس الجمهورية، هي السلطة التشريعية التي ستكون خالية عما قريب من عضو أو نائب مشبوه تطارده العدالة، الأمر الذي يعطيها كامل المصداقية وغير مخدوشة النزاهة، ما يؤدي بالضرورة إلى تعزيز قوة المؤسسات الدستورية للدولة.
المجلس الشعبي الوطني
الحصانة البرلمانية بين الأمس واليوم – الجزائر اليوم (aljazairalyoum.dz)