يشهد قطاع التعليم العالي في الجزائر تحولاً رقمياً كبيراً يعتبر ركيزة أساسية في بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام. الدكتور إسحاق خرشي، مدير المدرسة العليا للتجارة، تحدث خلال مقابلة حصرية مع قناة “النهار” عن أهمية هذا التحول ودوره في ترشيد النفقات وتحقيق أهداف استراتيجية تجعل من الجامعات قاطرة لتطوير الاقتصاد الوطني.
في مستهل اللقاء، أشار الدكتور خرشي إلى أن قطاع التعليم العالي لم يقتصر على الجانب الأكاديمي فقط، بل أصبح نموذجاً يُحتذى به في الرقمنة. فمن خلال اعتماد تقنيات حديثة في إدارة العمليات البيداغوجية والإدارية، تم توفير الكثير من الموارد المالية والبشرية. على سبيل المثال، تم تسجيل 1.6 مليون طالب لموسم 2023-2024 إلكترونياً، مما وفر ملايين الأوراق المستخدمة في التسجيل التقليدي، وبالتالي توفير مبالغ ضخمة كانت تصرف على الطباعة والأوراق.
أما بالنسبة للجانب الإداري، فقد أشار الدكتور خرشي إلى أن الأساتذة بات بإمكانهم اليوم إتمام إجراءاتهم الإدارية بشكل رقمي بالكامل، دون الحاجة للتنقل إلى الجامعة. كما أن الطلاب يمكنهم القيام بعمليات التسجيل وتجديدها من منازلهم، وتلقي نتائجهم عبر الهواتف الذكية، مما يقلل من الجهد والوقت والتكاليف.
وعلى صعيد الخدمات الجامعية، كشف الدكتور خرشي عن تحقيق إنجازات هامة في قطاع النقل والإطعام بفضل الرقمنة. فعلى سبيل المثال، تم تقليص عدد الحافلات المستخدمة في النقل الجامعي بشكل كبير بعد اعتماد تقنية “ماي باس” التي تتيح للطلاب والوزارة تتبع حركة الحافلات بشكل دقيق. هذا التحول أسفر عن توفير مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدينارات شهرياً. كما تم تقليص عدد الوجبات الغذائية المقدمة للطلاب بفضل تقنية التعرف على الوجه، مما ساهم في توفير نصف التكاليف تقريباً.
أثار الدكتور خرشي أيضاً مسألة التمويل الذاتي للجامعات، مشيراً إلى أن هناك رؤية مستقبلية لتحويل الجامعات الجزائرية إلى مؤسسات قادرة على تمويل نفسها من خلال إنشاء مؤسسات فرعية ذات طابع اقتصادي. ورغم أن هذا التحول لن يحدث بين ليلة وضحاها، إلا أنه يضع الأسس لتحقيق استقلال مالي للجامعات في المستقبل القريب.
وفي ختام حديثه، أكد الدكتور خرشي أن الرقمنة ستستمر كجزء أساسي من استراتيجية تطوير قطاع التعليم العالي، حيث تسعى الجزائر إلى تحويل جامعاتها إلى جامعات ريادية تساهم بشكل فعّال في الاقتصاد الوطني. ومع تزايد التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، بات من الضروري تعزيز دور الجامعات في خلق فرص عمل جديدة وتقديم حلول مبتكرة لدعم التنمية المستدامة.
By Hope & ChaDia