أخذ اسمه من قبيلة بني واسين، حيث رأت والدته التي كانت تنجب البنات الولي الصوفي “سيد محمد الواسيني” في الحلم يرتدي الزي الأبيض، ويقول لها: ستنجبين ذكرا ولكن عليك أن تسميه باسمي وإلا سآخذه، أي أنه سيموت، وانصاعت الوالدة لذلك وسمي “واسيني”، وهي تسمية أمازيغية في الأصل وتعني “الاستقامة”.
كما يقول واسيني الأعرج، الروائي الجزائري والأستاذ الجامعي، الذي يعد واحدا من الأقلام الروائية العربية المهمة على امتداد القرنين الـ20 والـ21، ولد عام 1954 من أصول أندلسية، في قرية سيدي بوجنان الحدودية في مدينة تلمسان الجزائرية، فعاصر في طفولته آخر فترات الاستعمار الفرنسي لبلاده، كما أنه شب يتيما، حيث فقد والده الذي استشهد عام 1959 بسبب مقاومته للاستعمار الفرنسي للجزائر.
حصل الروائي الأعرج على الليسانس من كلية الآداب واللغات من جامعة وهران الجزائرية، كما حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة دمشق، يشغل منصب أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، ويكتب باللغتين الفرنسية والعربية.
من أبرز رواياته “وقائع من أوجاع رجل غامر صوب البحر” (1980)، و”كتاب الأمير” (2005)، و”طوق الياسمين” (2006)، و”حارسة الظلال” (2006)، و”الليلة السابعة بعد الألف” (2002)، و”البيت الأندلسي” (2010)، و”شرفات بحر الشمال” (2015)، و”رواية أنثى السراب” (2009)، و”عازفة البيكاديلي” (2022). ترجمت أعماله إلى لغات عديدة، منها الإيطالية والسويدية والإنجليزية والدانماركية والعبرية والإسبانية.
حاز العديد من الجوائز العربية عن أعماله، منها جائزة الرواية الجزائرية عام 2001، وجائزة كتارا للرواية العربية، عن روايته “مملكة الفراسة” في عام 2005، وجائزة الشيخ زايد للآداب، عن روايته “كتاب الأمير” في عام 2007، وجائزة الكتاب الذهبي عن روايته “أشباح القدس” في عام 2008.
ويؤكد الأعرج أنه “ما زال يبحث عن مكان رفات والده”، وكشف أنه سيتوقف عن العمل الأكاديمي، وأن هذه آخر سنة له في جامعة السوربون، ويفسر ذلك قائلا “لأنني أصبحت متعبا، ولم أعد قادرا على الجمع بين العمل الأكاديمي والأدبي، وسأكتفي بالعمل الروائي، وكل رهاناتي هي رهانات روائية”.
وفي حوار مطول مع الروائي الجزائري نتناول موضوعاته الروائية، وأصوله الأندلسية، ولماذا تمثل النساء أغلب شخصيات رواياته، وعن علاقته باللغة العربية، وخلافه مع حفيدة الأمير عبد القادر الجزائري، وتأثير كتاب “ألف ليلة وليلة” عليه، الذي ظل يحمله معه في أسفاره عبر العالم منذ أن كان في عمر 11 عاما.
المسار العائلي.. بين الأسطورة والتاريخ
-
وثق عالم الاجتماع ابن خلدون بضعا من سنوات تاريخ قبيلتك الأندلسية الموريسكية، ماذا بقي لك من هذه الجذور؟
في الحقيقية لا يتعلق الأمر بالقبيلة في هذا السؤال، ولكن يتعلق بمسار تاريخي عائلي مهم، المسار التاريخي العائلي يعود إلى عائلة من العائلات الموجودة في الأندلس بغرناطة، وهو ما أسميه أنا بالجد الأول، اضطر إلى الهجرة إلى الجزائر ضمن هجرة مأساوية ولدي بعض تفاصيلها، وتحكى في القرية والعائلة من خلال الحكي الأسطوري، وكأنك أمام أسطورة، كيف خرج الجد الأول من الأندلس، أولا، وكيف كانت عنده مكتبة وكيف أحرقت هذه المكتبة عن آخرها من طرف محاكم التفتيش المقدس التابعة للكنيسة الأندلسية.
وكيف جاءته الخادمة بقطعة خشب وطلبت منه أن يلقي بنفسه في البحر ويعتنق هذه القطعة الخشبية، ثم وجد نفسه بعد أيام وهو ملتصق بقطعة الخشب في الناحية الثانية من البحر جهة الجزائر في ميناء صغير يسمى سيدي وشاع، وهو ميناء روماني قديم، ومن هناك غامر في مواصلة طريقه عبر رحلة ليست فردية، كي يبدأ بزراعة الحياة في المناطق التي ارتادها.
لكن الحقيقية أعقد من الأسطورة، حيث كان جدي من بين الموجات الأولى التي هجرت من الأندلس في سنة 1608، عندما أعلن ملك إسبانيا فيليب الثالث (1578-1621)، قرارا خطيرا وهو طرد كل من له علاقة سلالية بالمسلمين أو اليهود.
ففي عام 1492 عندما سقطت غرناطة كان الاتفاق أنه من أراد أن يبقى في الأندلس فله ذلك شرط أن يغير دينه، ومن لا يريد أن يغير دينه فعليه أن يهاجر، فهاجر الكثيرون وبقي الكثيرون أيضا، والذين بقوا أصبحوا مسيحيين في ظل حروب دينية طاحنة وطرد للمسلمين من الأراضي التي كانوا يعيشون فيها.
والمشكلة بعد مرور زمن طويل، أي في عام 1692، صدر هذا القرار من الملك الإسباني، يعني حتى لو كنت مسيحيا هذا لم يكن كافيا لخروجك سالما من الطرد من إسبانيا، وجدي كان من الذين طردوا ولا أعتقد أنه جاء برضاه، مثله مثل الملايين الذين كانت وراءهم قوة طاغية دفعت بهم إلى الهجرة والخروج من الأراضي الأندلسية.