في زمن قلما نسمع فيه عن الشباب الذين يختارون الأدب وسيلة للتعبير، يبرز المعتصم بالله واثق، ابن الأوراس الشامخ، كنموذج فريد من نوعه، كونه أصغر كاتب في الجزائر. بدأ مسيرته الأدبية في عمر مبكر للغاية، حيث كتب أولى مؤلفاته وهو في سن العاشرة، في ذروة فترة الحجر الصحي لعام 2020.
من الحجر الصحي إلى منصة الإبداع
في زمن كان أغلب الأطفال يقضون أوقاتهم بين الألعاب والأنشطة الترفيهية، وجد المعتصم بالله ملاذه في الكتابة. حملت أولى أعماله عنوان “حكايات وعبر”، وهدف من خلالها إلى توجيه الأطفال وزرع القيم النبيلة في نفوسهم، بعيدًا عن الرذائل التي انتشرت بشكل متزايد في المجتمعات الحديثة. يذكر أن كتاباته لم تكن مجرد كلمات، بل كانت رسائل محفزة لجيلي الصغير، تدعو إلى الابتعاد عن الفساد والتحلي بالأخلاق الحميدة.
دعم عائلي يلهم الطموح
ما كان لهذا الشاب أن يحقق إنجازاته لولا دعم والدته، السيدة هنية، أستاذة الفلسفة، التي غرست فيه حب الأدب والقراءة منذ نعومة أظافره. يحكي المعتصم بالله بفخر عن والدته التي كانت تقرأ له قصصًا قبل النوم عندما كان في الثالثة أو الرابعة من عمره. رغم عدم معرفته القراءة في تلك الفترة، كان يحفظ القصص عن ظهر قلب ويعيد سردها وكأنه يقرأ من الكتاب.
هذا الدعم الأسري ساعده على تطوير موهبته وصقلها، ليصبح بعد ذلك كاتبًا متعدد المؤلفات. ومع تقدمه في العمر، شارك المعتصم بالله في معارض الكتب، كان أحدثها معرض الكتاب الذي دخل فيه بروايته “من ريحين من غزة”، ليحظى بلقب أصغر روائي في طبعته الأخيرة.
الأدب كرسالة وأداة للنصر
لم تكن أعماله مجرد كلمات منمقة، بل جاءت محملة برسائل تهدف إلى إلهام أقرانه، ترسيخ القيم الأخلاقية، وتعزيز روح النضال والانتصار. عنوان المعرض الذي شارك فيه “لنقرأ لننتصر” يختصر فلسفته؛ إذ يرى أن المعرفة والقراءة هما السبيلان لتحقيق النصر الحقيقي في مجتمع يسعى إلى البناء والتطور.
المعتصم بالله واثق هو تجسيد حي لشباب الجزائر الطموح والمبدع، الذي يسعى إلى التغيير من خلال القلم والكلمة. ترك بصمة مبكرة لا تنسى في الأدب الجزائري، وأصبح قدوة لجيل يسعى للنهضة بالرغم من كل التحديات.
Hope&ChaDia