خلال لقاء مع الدكتور إسحاق خرشي، مدير المدرسة العليا للتجارة، تطرق إلى عدة نقاط محورية حول ما يجب أن يتم لتثبيت الإنجازات الاقتصادية واستكمالها في المستقبل. أوضح الدكتور خرشي أن هناك حاجة مُلحة للتركيز على بعض القطاعات المفتاحية التي توفر إيرادات جبائية وضريبية ضرورية للموازنة العامة للدولة، خاصة مع توقعات تشير إلى أن النفقات العامة ستبلغ حوالي 150 مليار دولار بحلول عام 2030-2032، في حين أن الإيرادات قد تكون في حدود 80-90 مليار دولار فقط.
قطاع الصناعة: مفتاح التنمية الاقتصادية
أبرز الدكتور خرشي أن قطاع الصناعة يأتي على رأس الأولويات، حيث يوجد أكثر من 8000 مشروع استثماري مسجل على مستوى الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار. وأكد على أهمية الإسراع في تنفيذ هذه المشاريع لتحقيق الإيرادات الجبائية المطلوبة ولزيادة المعروض السلعي في السوق، مما يساعد في توازن العرض والطلب ويؤدي إلى انخفاض الأسعار والتضخم ورفع القدرة الشرائية للمواطن.
الشركات الناشئة: عامل تسريع للاقتصاد
كما شدد الدكتور خرشي على أهمية دعم قطاع الشركات الناشئة، خاصة بعد الانتهاء من المرحلة الأولى المتعلقة بتأسيس الأطر القانونية وهياكل الدعم. والآن، يجب الانتقال إلى مرحلة التمويل من القطاع الخاص والجامعات، لإطلاق هذه الشركات وتحقيق إيرادات جديدة وزيادة الإنتاجية.
قطاع الطاقة: الرافعة المالية للاقتصاد
رغم جهود تنويع الاقتصاد، أكد الدكتور خرشي أن قطاع الطاقة سيظل الرافعة المالية الأساسية للجزائر. في هذا السياق، تم توقيع مذكرات تفاهم مع شركتي شيفرون وإكسون موبيل بالتعاون مع سوناطراك، لاستغلال احتياطيات الغاز في جنوب الجزائر. الهدف هو زيادة صادرات الغاز لتصل إلى حوالي 100 مليار متر مكعب.
قطاع المناجم: بدائل طويلة الأمد
إلى جانب قطاعي الصناعة والطاقة، يبرز قطاع المناجم كبديل استراتيجي مهم لتحقيق التنمية الاقتصادية. حيث تعمل الدولة على استغلال مناجم مثل غار جبيلات والفوسفات المدمج، ومنجم الزنك والرصاص في بجاية، لتوفير إيرادات جديدة في المستقبل.
الرؤية الاستراتيجية: مواجهة التحديات المستقبلية
أوضح الدكتور خرشي أن الجزائر تواجه تحديات اقتصادية متعددة، أبرزها التوازن بين الإيرادات والنفقات، والزيادة السكانية الكبيرة التي تتطلب توفير الغذاء والماء. ومن هنا تأتي أهمية المشاريع الكبرى التي أطلقتها الدولة، مثل محطات تحلية مياه البحر في الجنوب، بالتعاون مع دولة قطر، والتي تمثل جزءًا من الرؤية الاستراتيجية لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية.
الصناعات العسكرية: فخر للاقتصاد الوطني
من بين القطاعات التي برزت في الفترة الأخيرة، قطاع الصناعات العسكرية الذي حقق نسب إدماج عالية، وشهد نجاحات ملموسة في معرض الإنتاج الجزائري. وتم التأكيد على أهمية التعاون بين الصناعات العسكرية والمدنية لرفع نسب الإدماج وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود.
في الختام، أشار الدكتور خرشي إلى أن الإرادة السياسية القوية كانت وراء إطلاق هذه المشاريع الكبيرة، وأن الالتفاف حول المشروع الوطني من قِبل النقابات والمجتمع المدني والأحزاب كان عاملاً حاسمًا في تحقيق هذه الإنجازات. وأضاف أن الجزائر تسعى إلى رفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 5-7% إلى 15% في المستقبل القريب.