في أحد صباحات باب الواد، يمشي تين تين بحذر وسط أزقة القصبة، يلاحق فضوله الصحفي المعتاد. لكن هذه المرة، لم يكن وراء سرٍّ عالمي أو شبكة تهريب، بل وراء جدران صامتة تنطق بتاريخ شعب.
توقفه جداريات خضراء وحمراء، حروف تقطر ذاكرةً، وأسماء تُذكّر أن الرياضة لم تكن دومًا لعبة. بجانبه، شيخ من أهل المدينة يشرح بابتسامة: “ما تتعجبش يا وليدي… الجدران هذي حكات بزاف.”
تين تين، اللي طالما كان راوٍ للمغامرات، صار هذه المرة مستمعًا، تلميذًا يتعلم من الذاكرة الشعبية. المولودية، كما يخبره الشيخ، لم تكن ناديًا فقط، بل أول صرخة كروية جزائرية في وجه الاستعمار، تأسست في 1921 ككيان سياسي مقنّع في شكل رياضي.
“كاين فرق بين تلعب كورة… وبين تلعبها بشرف بلادك كامل وراك”، يقولها الشيخ وهو يشير إلى جدارية ضخمة كتب عليها “المولودية 1921”. كانت الألوان مشفّرة: الأخضر أمل، الأحمر دم، والأبيض نقاء الهدف.
ما فهمه تين تين، ربما لأول مرة، أن بعض النوادي ما تنشأتش باش تفرّح الجمهور بالأهداف فقط، بل باش تعلّمو معنى الكرامة، الهوية، والنضال.
القصبة كانت ملعبًا آخر، جدرانها لوحات، وسكانها جمهورًا لا يهتف فقط، بل يقاوم بالصوت، بالرسم، وبالحكاية. حتى التاريخ، في هذه الأزقة، لم يُكتب في الكتب، بل في القلوب وعلى الحيطان.
تين تين غادر الحي العتيق وهو يعرف أن الجزائر لا تُفهم فقط من خلال السياسة أو الحروب، بل من خلال نادي كالمولودية، كتب أول سطر من المقاومة بـ”ركلة بداية”.
بقلم Hope & ChaDia