لمصادر: وثائقي كارل ماركس عن arte.
كتاب رحلة كارل ماركس للجزائر لعبد العزيز بوباكير.
اقام ماركس في فندق يطل على مدينة الجزائر من تلة مرتفعة وسط حي يعجّ بالناس، وكتب يصف منظر المدينة “إنني لا أشبع من النظر إلى البحر من شرفتي.. هنا المكان جميل، فأمام غرفتي يقع خليج من خلجان البحر الأبيض المتوسط وميناء الجزائر، والفيلات تتناثر بشكل متدرج على التلال.. من بعيد تبدو الجبال، ويستطيع المرء أن يشاهد من بين أشياء أخرى قمم الجبال المغطاة بالثلوج الواقع على جبال القبائل، وفي الساعة الثامنة صباحا لا يوجد أكثر سحرا من المناظر الطبيعية والهواء والمزروعات، والامتزاج الرائع بين ما هو أوروبي وما هو أفريقي”.
‘لا يعرفون الخضوع’
وصف ماركس التركيبة السكانية في الجزائر قائلا “إنهم أقلية صغيرة هجرت الصحراء وقبائلها وقطنت في المدينة إلى جانب الأوروبيين، وهم أطول من متوسط الفرنسيين، وجوههم بيضوية الشكل وأنوفهم كمنقار الصقر، وشعورهم ولحاهم سود ولون بشرتهم يتدرج من الأبيض إلى السمرة الداكنة، أما لباسهم فأنيق ورشيق..”.
وعن تعامل الجزائريين مع السلطات الاستعمارية وثوراتهم المتتالية عليها، كتب ماركس “العنصر المغربي لا يعرف شيئا اسمه الخضوع، فهم ليسوا رعايا ولا محكومين، ولا سلطة هناك إلا فيما يختص بالسياسة”.
ويواصل ماركس إعجابه “إن أزرى المغاربة شأنا، يتفوّق على أكبر ممثلي أوروبا في فن التّدثّر بردائه، في اتحاد هيئة طبيعية ورشيقة ووقار، سواء عندما يمشي أو عندما ينتصب واقفا”.
حديقة الحامّة
كان ماركس يتجول في شوارع الجزائر العاصمة كثيرا، فزار حديقة كبيرة تسمى الحامّة، لا تزال موجودة إلى اليوم، ومما كتبته عنها “إنها تستعمل كمنتزه للعامة وكمشتل لإنتاج ونشر الخضراوات المحلية، وأخيرا كمقر للتجارب العلمية النباتية وكحديقة لأقلمة النباتات.. ولمشاهدة تفاصيلها يتطلب الأمر يوما كاملا”.
ويضيف متغنيا بجمال الحديقة “الجزء السفلي من الحديقة تمر بطوله ثلاثة طرق كبرى رائعة الجمال، ومقابل المدخل الرئيسي هناك طريق الأشجار الساحلية، يليه طريق النخيل الذي ينتهي عند واحة بها 72 نخلة ضخمة، تحدّها السكة الحديدية من جهة والبحر من جهة أخرى والطريق الثالث هو طريق المغنولية، وهو نوع من أشجار التين، وتتقاطع تلك الطرق الثلاثة مع طرق فرعية أخرى؛ مثل طرق أشجار الخيزران المدهش.. وبطبيعة الحال لا يمكن تقليد ذلك المخطط في حدائق التأقلم بأوروبا.. وقد زادت أشجار البرتقال والليمون واللوز والزيتون وأنواع الصبار وغيرها، زادت من انتعاش المكان ورونقه”.
أنهى أبو الاشتراكية رحلته الاستشفائية إلى الجزائر وقفل عائدا إلى لندن في شهر ماي 1882م، دون أن تفلح تلك الرحلة في علاجه من مرض كان قد التهم رئتيه، فتوفي في لندن في 14 مايو 1883، دون أن يعلم بأن الجزائر المستقلة ستحاول تبني نظامه الاشتراكي في الاقتصاد.
Source : https://www.youtube.com/@Qadim-is7qv