تعد شبكة السكك الحديدية في الجزائر جزءًا حيويًا من البنية التحتية الوطنية التي تهدف إلى تعزيز النقل وتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. تسعى الجزائر من خلال استثمارات ضخمة في هذا القطاع إلى تحسين شبكة النقل وتعزيز ربط المناطق الداخلية والحدودية بمختلف المراكز الاقتصادية الحيوية، مما يسهم في تسهيل التنقل وتنشيط الحركية التجارية.
تعتبر السكك الحديدية أحد العوامل الأساسية في تطوير المناطق النائية والصحراوية، حيث يجري العمل على توسيع وتحديث الشبكة لربط مختلف الولايات والمناطق الصحراوية بالموانئ والمناطق الاقتصادية الكبرى. ومن بين هذه المشاريع الكبرى، تأتي خطوط السكك الحديدية العابرة للصحراء، التي تربط شمال البلاد بجنوبها، ممتدة من الجزائر العاصمة إلى عمق الصحراء الجزائرية، مرورًا بمدن مثل البليدة، المدية، الجلفة، الأغواط، غرداية، وصولا إلى تمنراست. هذا الخط الحديدي الضخم يمتد على مسافة تتجاوز 2400 كيلومتر ويتيح للقطارات السير بسرعات تصل إلى 220 كم/ساعة.
تعكس هذه المشاريع الضخمة التزام الجزائر بتطوير بنيتها التحتية بما يتناسب مع احتياجاتها الاقتصادية، لا سيما في ما يتعلق باستغلال الموارد الطبيعية. فالسكك الحديدية تساهم في نقل الفوسفات من مناطق الإنتاج إلى موانئ التصدير، كما تلعب دورًا محوريًا في نقل الحديد من المناجم إلى الموانئ الرئيسية. على سبيل المثال، تم العمل على ربط مناجم الحديد في “غار جبيلات” بميناء وهران، وذلك لتسهيل عمليات التصدير وتدفق المواد الخام.
من بين الإنجازات الكبرى التي تم تحقيقها أو التي هي قيد الإنجاز في إطار تطوير شبكة السكك الحديدية الجزائرية، هناك العديد من البنى التحتية الحديثة والمتطورة التي تمثل علامات بارزة في هذا المشروع:
محطات القطار العصرية:
-
- تم بناء خمس محطات رئيسية في كل من عين وسارة، حاسي بحبح، الجلفة، سيدي مخلوف، والأغواط.
- تتميز المحطات بتصميم معماري عصري يضم صالات انتظار بمساحات كبيرة، مكاتب إدارية، فضاءات تجارية، مصاعد كهربائية، مواقف سيارات ومساحات خضراء.
الجسور والمنشآت الفنية:
-
- تم إنشاء 60 جسرًا لضمان عدم تقاطع مسارات القطارات مع شبكات الطرق الوطنية والولائية.
- تم بناء 9 منشآت فنية لضمان سلامة الحركة، وتسمح للقطارات بتحقيق سرعات عالية تصل إلى 220 كم/ساعة.
الأنفاق:
-
- تم حفر 3 أنفاق بطول إجمالي يتجاوز 1 كيلومتر في المناطق الجبلية، خاصة في منطقة الجلفة.
الخطوط الحديدية:
-
- يمتد الخط الحديدي العابر للصحراء على مسافة 2439 كيلومترًا، ويمر عبر مدن عدة، مثل البليدة، المدية، الجلفة، الأغواط، غرداية، تمنراست.
الوحدات الصناعية:
-
- إنشاء وحدتين محليتين؛ واحدة لتلحيم القضبان المعدنية، وأخرى لصناعة العوارض الخرسانية.
- تم استخدام حوالي 53 ألف وحدة من العوارض الخرسانية في المشروع الممتد بين بوغزول والجلفة.
توسعة الشبكة:
-
- تمتد شبكة السكك الحديدية الجزائرية الآن على طول 4722 كيلومترًا مع خطط لمزيد من التوسع.
يمثل تحسين وتوسيع شبكة السكك الحديدية ركيزة أساسية لتطوير الاقتصاد الوطني، إذ تعزز قدرة البلاد على نقل البضائع والمسافرين بكفاءة وسرعة. وقد بلغت شبكة السكك الحديدية الوطنية طولًا يقارب 4722 كيلومترًا، مع خطط لمزيد من التوسع في المستقبل. يشرف على تنفيذ هذه المشاريع الضخمة مجموعة من الشركات الوطنية التي تعتمد على كفاءات جزائرية، مما يعزز من الاعتماد على الذات ويقلل الحاجة إلى الشركات الأجنبية.
تأتي هذه التطورات في ظل تحديات جغرافية معقدة، لا سيما في المناطق الجبلية والصحراوية، حيث تتطلب الأعمال إنشاء جسور وأنفاق لتجاوز التضاريس الصعبة. في منطقة الجلفة، على سبيل المثال، تم حفر ثلاثة أنفاق وإنشاء العديد من الجسور لتسهيل مرور القطارات. كما تم بناء منشآت فنية حديثة على طول الخط الحديدي لضمان سرعات عالية تصل إلى 220 كم/ساعة دون تقاطع مع شبكات الطرق.
بالإضافة إلى التطوير الفني، شهدت مشاريع السكك الحديدية في الجزائر إدخال تقنيات متقدمة في مجالات البناء والصناعة. حيث تم إنشاء وحدات محلية لتلحيم القضبان المعدنية وصناعة العوارض الخرسانية، مما قلل من الاعتماد على المواد المستوردة وساهم في تحسين الكفاءة والسرعة في تنفيذ المشاريع. على سبيل المثال، تم استخدام حوالي 53 ألف وحدة من العوارض الخرسانية في مشروع السكة الحديدية الممتد بين بوغزول والجلفة.
من ناحية أخرى، تعد محطات القطار الحديثة جزءًا لا يتجزأ من هذه البنية التحتية الجديدة. إذ تم بناء محطات ذات طابع عصري على طول الخطوط الجديدة، مثل محطات بوغزول، الجلفة، والأغواط، والتي تتميز بتصاميم معمارية راقية ومرافق متكاملة لخدمة المسافرين وشحن البضائع. هذه المحطات تضم مكاتب إدارية، فضاءات تجارية، وصالات انتظار مجهزة بكل ما يلزم لراحة المسافرين، بالإضافة إلى مواقف سيارات ومساحات خضراء.
بفضل هذه الجهود، يتوقع أن يسهم تطوير شبكة السكك الحديدية الجزائرية في تحسين حركة النقل اليومية لأكثر من 15 ألف مسافر، وزيادة القدرة على نقل كميات كبيرة من البضائع، مما سيعزز من النشاط الاقتصادي في مختلف أنحاء البلاد، ويؤمن مستقبلًا أفضل للتنمية المستدامة في الجزائر.