في مقابلة حصرية مع إذاعة “إفريقيا إف إم”، تحدث السفير لامين بعلي، الممثل الدائم للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (RASD) لدى الاتحاد الإفريقي، عن الانتصار الدبلوماسي الذي حققته القضية الصحراوية في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (TICAD). تناول السفير في حديثه جوانب متعددة من هذا الإنجاز، بدءًا من تأكيد الاتحاد الإفريقي على حق جميع أعضائه، بما فيهم RASD، في المشاركة في الاجتماعات الدولية، وصولًا إلى التصرفات العدائية التي شهدتها القمة من جانب الوفد المغربي.
الخلفية والأحداث
انتهت أعمال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الإفريقي واليابان وشركائه بتحضير القمة التاسعة لتيكاد، والتي ستنعقد في أغسطس 2025. من أبرز مخرجات هذا الاجتماع كان البيان الختامي الذي أكد على حق الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي في المشاركة، بما فيها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهي خطوة عدها السفير لامين بعلي “ضربة قاضية” لمحاولات المغرب المستمرة لإقصاء القضية الصحراوية.
تطرق السفير إلى تفاصيل التحضير لهذا الاجتماع، مشيرًا إلى الاجتماعات المكثفة التي عقدت بين سفراء وممثلي دول الاتحاد الإفريقي وشركائهم اليابانيين. وأوضح أن البيان الختامي كان نتيجة نقاشات معمقة بين الأطراف، وأسفر عن توافق على تسمية الاجتماع بوصفه اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الإفريقي واليابان، مما يعزز الموقف السياسي للاتحاد الإفريقي ويدعم القرارات التي تم اتخاذها في قمتي تيكاد السابقتين.
المحاولات المغربية والردود الإفريقية
لم يخف السفير استياءه من محاولات المغرب التلاعب بالتسميات والبيانات لإقصاء الصحراء الغربية من المشاركة في القمة. وأشار إلى أن المغرب كان يسعى لتجنب ذكر اسم RASD في الوثائق الرسمية للمؤتمر، محاولًا خلق حالة من الغموض حول وضعها كعضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي. ومع ذلك، أكد السفير بعلي أن الدول الإفريقية وقفت صفًا واحدًا ضد هذه المحاولات، وأصرت على احترام القرارات السابقة التي تعترف بحق جميع الدول الأعضاء في المشاركة الكاملة.
من بين الدول التي عبرت عن موقف قوي لدعم الصحراء الغربية كانت الجزائر، التي هددت بالانسحاب من القمة في حال إقصاء RASD. واعتبر السفير أن هذا الدعم يعكس وحدة الصف الإفريقي في الدفاع عن القضايا المشتركة، مؤكدًا أن القرار الأخير يمثل نجاحًا كبيرًا للقضية الصحراوية وللدول الداعمة لها.
العنف المغربي وردود الفعل
خلال المقابلة، تناول السفير لامين بعلي بالتفصيل الحادثة الخطيرة التي تعرض لها أثناء الاجتماع التحضيري لمؤتمر TICAD، حيث تعرض لهجوم جسدي ولفظي من قبل أحد أعضاء الوفد المغربي. وأوضح السفير أن الاعتداء وقع يوم 23 من الشهر الجاري في الجلسة الافتتاحية لاجتماع الخبراء المشترك بين الاتحاد الإفريقي واليابان وشركائه. كانت الجلسة تسير بشكل طبيعي إلى أن بدأ الوفد المغربي بمحاولات استفزازية هدفها إثارة الفوضى وتعكير أجواء الاجتماع. قام أحد أعضاء الوفد المغربي، الذي كان يدعي سابقًا أن بلاده انضمت إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017 من أجل تعزيز الوحدة والعمل المشترك، بالتصرف بطريقة همجية، حيث اعتدى جسديًا على السفير بعلي وأطلق عليه ألفاظًا نابية.
السفير وصف هذا التصرف بأنه “بلطجة” و”غير دبلوماسي”، مؤكدًا أن الحادث كشف الوجه الحقيقي للدبلوماسية المغربية أمام الحضور، بما في ذلك سفراء الدول الإفريقية والشركاء اليابانيين وغيرهم من ممثلي الدول الحاضرة. وأشار إلى أن هذا النوع من السلوك العدواني ليس جديدًا على المغرب، فقد تكرر في مناسبات سابقة، بما في ذلك حادثة مماثلة وقعت في 2017 في موزمبيق، حيث حاول المغرب استخدام القوة لفرض موقفه على الدول الإفريقية.
وأثار السفير بعلي خلال المقابلة تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا السلوك المغربي، مشيرًا إلى أن المغرب يسعى باستمرار لخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المحافل الدولية كلما شعر بأن القضية الصحراوية تحرز تقدمًا دبلوماسيًا. وأضاف أن هذا التصرف العدواني يتناقض تمامًا مع الادعاءات المغربية بالانضمام إلى الاتحاد الإفريقي لتعزيز الوحدة الإفريقية، مشيرًا إلى أن ما حدث في الجلسة الافتتاحية كان بمثابة “فضيحة دبلوماسية” للمغرب.
أوضح السفير بعلي أن هناك نية لاتخاذ إجراءات قانونية ضد الدبلوماسي المغربي الذي قام بالاعتداء. وأكد أن الموضوع قيد الدراسة على مستوى مفوضية الاتحاد الإفريقي، وسيتم اتخاذ خطوات صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات التي تسيء لصورة وسمعة الاتحاد الإفريقي. كما دعا إلى ضرورة وضع آليات تضمن احترام جميع الدول الأعضاء لقواعد السلوك الدبلوماسي والابتعاد عن التصرفات العدائية التي تعرقل العمل الدبلوماسي المشترك وتضر بالعلاقات بين الدول الأعضاء.
أشار السفير إلى أن هذه الخطوة القانونية ليست مجرد رد فعل على الحادثة الأخيرة، بل تأتي ضمن جهود أوسع لضمان أن يكون الاتحاد الإفريقي بيئة عمل آمنة ومحترمة لجميع ممثليه. وأكد على أن هذه التصرفات غير المقبولة تعكس عدم احترام المغرب للقوانين والأعراف الدولية، وأنها تعزز من عزلة المغرب داخل المجتمع الدولي، خصوصًا في إفريقيا حيث تزداد المواقف المؤيدة للقضية الصحراوية وضوحًا وقوة. وفي ختام حديثه، شدد السفير بعلي على أهمية استمرار العمل الدبلوماسي الجاد لتعزيز مكانة القضية الصحراوية على الساحة الدولية، وعدم السماح للمغرب بتعطيل هذا التقدم من خلال استخدام القوة والعنف.
الخطوات المستقبلية
عن الخطوات المقبلة، أشار السفير إلى أن هناك دراسة جارية على مستوى الاتحاد الإفريقي لاتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه التصرفات. وأكد على أهمية الحفاظ على سمعة وصورة الاتحاد الإفريقي، داعيًا إلى ضرورة اتخاذ تدابير حازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
في ختام المقابلة، أعرب السفير بعلي عن شكره للدول الإفريقية التي دعمت الموقف الصحراوي، وأكد أن هذا الانتصار الدبلوماسي يعزز وحدة الصف الإفريقي ويسهم في تحقيق أهداف أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي وأجندة الأمم المتحدة 2030.
بهذا، اختتمت المقابلة التي سلطت الضوء على التحديات والانتصارات التي تواجهها القضية الصحراوية في المحافل الدولية، مؤكدة على أهمية التضامن الإفريقي في مواجهة التحديات المشتركة.