في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، تتعدد أشكال المقاومة التي يتمسك بها الفلسطينيون للدفاع عن أرضهم وكرامتهم. من بين هذه الوسائل، برزت الكاميرا والصورة كأدوات نضالية في أيدي العديد من المخرجين الذين اختاروا توثيق يوميات شعبهم داخل الحصار وتحت القصف. هؤلاء الفنانون يعكسون بأعمالهم المأساة التي تعيشها غزة وأهلها، وقد نالوا تقديرًا واسعًا خلال مشاركتهم في مهرجان الفيلم العربي الدولي بوهران.
شهدت قاعة “السعادة” بوهران عرض أفلام 22 مخرجًا ومخرجة، حيث استعرضت أعمالهم المقاومة السينمائية ضد الاحتلال والظلم. جاءت هذه الأفلام لتكون أداة تنديد بجرائم الكيان الصهيوني، حيث تعرض القمع والانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل. وفي ظل هذا المشهد، تبدو الكاميرا ليس فقط وسيلة لنقل الحقيقة، بل سلاحًا فنيًا للمقاومة وإسماع صوت المستضعفين إلى العالم.
يعبر أحد الحاضرين عن استيائه من الهيمنة الإعلامية الصهيونية على وسائل الإعلام العالمية، ويدعو وسائل الإعلام العربية إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني من المجازر والتهجير القسري منذ عقود. ويشير إلى الاستقبال الحار الذي حظيت به الأفلام الفلسطينية في مهرجانات دولية مثل مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في كندا، حيث عبر الجمهور عن حاجته للاستماع إلى القصص القادمة من الداخل الفلسطيني مباشرةً، بعيدًا عن الأخبار والصور المشوهة التي تنقلها بعض وسائل الإعلام الغربية.
وفي إطار مشروع سينمائي يُدعى “من غزة إلى المسافة”، الذي أطلقه المنتج والمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، قُدمت عدة أفلام قصيرة للمخرجين الشباب في غزة. يعبر هذا المشروع عن أهمية السينما في معركة الصور التي تدور رحاها اليوم، فهي ليست مجرد أداة فنية، بل أصبحت جزءًا من حرب الإعلام بين القوى الاستعمارية والشعوب المضطهدة. السينما، كما يقول مشهراوي، تروي القصة الحقيقية للشعب الفلسطيني، القصة التي يحاول الإعلام الغربي طمسها أو تحريفها.
تتحدث هذه الأفلام عن حضارة الشعب الفلسطيني وثقافته الغنية، وكذلك جغرافيته وأرضه التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي سرقتها وتشويهها. السينما هنا تُعبر عن تلك الحضارة التي ما زالت تقاوم وتبني مستقبلها رغم محاولات الطمس والاقتلاع.
وخلال هذا المهرجان، أتيحت الفرصة للجمهور الوهراني لمشاهدة أعمال كلاسيكية مثل فيلم “المخدوعون” للمخرج السوري توفيق صالح، الذي يعكس قصة مستوحاة من رواية الشهيد غسان كنفاني، وهو بمثابة تكريم ودعم للقضية الفلسطينية ولشعبها الصامد.
من خلال الكاميرا، يروي الشباب في غزة واقعهم المرير، ويعكسون للعالم صورة المقاومة والصمود في وجه آلة الحرب الصهيونية. يعتبر المخرجون الفلسطينيون جزءًا أساسيًا من المقاومة الثقافية، حيث تُستخدم أفلامهم لفضح الانتهاكات وإظهار الحقيقة، في مواجهة حملات التشويه الإعلامية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.
Hope & Chadia