في الذكرى السنوية لوفاة فرانتز فانون، يقف العالم متأملاً إرثاً لا يزال ينبض بالحياة، إرث رجل كرس حياته للدفاع عن الكرامة والحرية. فانون، الطبيب النفسي والمفكر الثوري، تجاوز حدود مهنته ليصبح صوتاً مدوياً للمظلومين، ليس فقط في الجزائر التي أحبها وناضل من أجلها، بل عبر العالم بأسره.
ولد فرانتز فانون عام 1925 في جزيرة مارتينيك، إلا أن ارتباطه بالجزائر بدأ عندما عمل كطبيب نفسي في مستشفى بليدة، حيث عاين عن قرب آثار الاستعمار الفرنسي على الصحة النفسية للمواطنين. تلك التجربة شكلت الأساس لرؤيته الفكرية والسياسية، حيث أدرك أن التحرر ليس مجرد صراع سياسي، بل معركة على الوجود الإنساني بأكمله.
في مؤلفاته، وخاصة “معذبو الأرض” و”بشرة سوداء، أقنعة بيضاء”، تناول فانون القضايا الأكثر تعقيداً في مجالات الهوية، العنصرية، والنضال من أجل التحرر. لكن دوره لم يتوقف عند التنظير؛ فقد انضم إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية، حيث استخدم قلمه وكلماته لخدمة القضية الجزائرية، ودعا الشعوب المستعمَرة إلى رفع أصواتها وكسر قيود الاستبداد.
رغم مرضه المفاجئ، ظل فانون يعمل بلا كلل حتى أيامه الأخيرة. في ديسمبر 1961، رحل عن عالمنا في الولايات المتحدة، حيث كان يعالج من سرطان الدم. كان عمره آنذاك 36 عاماً، لكنه ترك إرثاً فكرياً يتجاوز عمره القصير.
في الذكرى الـ63 لوفاته، يبرز فيلم “فرانتز فانون” الذي عرض مؤخراً في 19es Rencontres Cinématographiques de Béjaïa كواحد من أبرز أشكال الاحتفاء بهذا الرمز. الفيلم الذي أخرجه عبدالنور زحزاح، لم يقتصر على عرض سيرة فانون، بل نجح في استعادة عمق أفكاره وجعلها تتردد بقوة في وجدان المشاهدين.
اليوم، يحتاج العالم إلى استذكار فانون أكثر من أي وقت مضى. في ظل استمرار الظلم والاستبداد بأشكاله المتنوعة، تظل كلماته دعوة للأمل والنضال، وشهادته على أن الحرية ليست منحة، بل حق ينتزع.
فرانتز فانون: صوت لن يموت، ونداء للإنسانية جمعاء.
بالمناسبة، ندعوكم إلى مشاهدة هذا الفيديو المميز بعنوان ملخص كتاب “معذبو الأرض” للفيلسوف الاجتماعي الفرنسي الجزائري فرانتز فانون عبر هذا الرابط: اضغط هنا.
Hope&Chadia