قبل 8 أشهر، أصدر الرئيس عبد المجيد تبون مرسومًا رئاسيًا بإنشاء أول مدرسة مخصصة للأمن السيبراني في الجزائر. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز القدرات البشرية والدفاعية في مجال الأمن الرقمي، لحماية الأنظمة المعلوماتية من محاولات الاختراق والتجسس.
في ذلك الوقت، كانت الجزائر من بين الدول العربية الأكثر استهدافًا بالهجمات الإلكترونية، حيث سُجلت أكثر من 8000 هجوم يوميًا. حذرت السلطات الجزائرية بشكل مستمر من محاولات التجسس والاختراق، خاصة المؤسسات الحكومية الحساسة، تحت تهديد الاحتلال الإسرائيلي ودول أخرى.
وفقًا لبيانات معهد تراند مايكرو الياباني، تعرضت الجزائر لنحو 30 مليون هجوم إلكتروني خلال العام الماضي، مما أبرز أهمية تطوير استراتيجية وطنية شاملة في مجال الأمن السيبراني، تشمل الاستباقية والرصد والرقابة والوقاية من التهديدات الإلكترونية، إلى جانب التحضير الكامل لحروب الإنترنت المحتملة.
تُبرز هذه الخطوة التزام الجزائر بحماية سيادتها الرقمية وتأمين أنظمتها المعلوماتية، في ظل تصاعد التهديدات السيبرانية على الصعيدين الإقليمي والدولي
الأمن السيبراني رؤية شاملة
في خطوة تعزز القدرات التقنية وترفع من مستوى الأمن الوطني، أعلنت الجزائر عن إنشاء مدرسة وطنية عليا في الأمن السيبراني، وفقاً لمرسوم رئاسيى رقم 24-181 نُشر مؤخراً في الجريدة الرسمية. يأتي هذا الإعلان في إطار توجه واضح نحو تعزيز القدرات التقنية لمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة التي تهدد الأمن القومي والذاكرة الوطنية.
دور المدرسة الوطنية العليا في الأمن السيبراني
تأتي هذه المدرسة كجزء من مبادرات وطنية لتعزيز البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مجال الأمن السيبراني. تهدف المدرسة إلى تأهيل الكوادر العلمية والتقنية ذات المستوى العالي، من خلال توفير برامج تعليمية متقدمة وفرص بحثية تساهم في تطوير تقنيات حديثة وحلول مبتكرة في مجال الأمن السيبراني. كما تضطلع المدرسة بمهمة أساسية في ضمان التكوين العالي ودعم البحث العلمي، بهدف تأهيل الخبراء اللازمين لتعزيز قدرات الدولة في هذا المجال الحيوي.
ستكون المدرسة العليا تحت إشراف وزير التعليم العالي والبحث العلمي. وستقوم الوزارة بتنسيق برامج التدريب بالتعاون مع وكالة أمن الأنظمة المعلوماتية، بهدف تقديم حلول مبتكرة وتقنيات متطورة.
من جانبها، ستساهم المدرسة العليا في الجهود الوطنية لتعزيز أمن الأنظمة المعلوماتية، وتعزيز التطور العلمي والتكنولوجي في هذا المجال. وسوف تسهم أيضًا في تعزيز القدرات الوطنية وتقديم الدعم في مجال الأمن السيبراني.
وتضم مجلس إدارة المدرسة الوطنية العليا للأمن السيبراني ممثلين عن 8 وزارات، من بينها الدفاع، الخارجية، الداخلية، الطاقة، الصناعة، الصحة، المواصلات، اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغرة. ويشمل المجلس أيضًا ممثلين عن وكالة أمن الأنظمة المعلوماتية، المحافظة السامية للرقمنة، هيئة الوقاية من الجرائم المرتبطة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، والسلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، إضافة إلى مدير مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني وممثلين من المؤسسات الاقتصادية
الجيش الجزائري وحماية الذاكرة الوطنية
في سياق موازٍ، يلعب الجيش الجزائري دوراً بارزاً في حماية الذاكرة الوطنية ومواجهة التحديات الحديثة التي تشمل الحروب الهجينة والتهديدات السيبرانية. يشدد الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، على أهمية استخدام التقنيات الحديثة لتعزيز الوعي الوطني والدفاع عن الهوية والثقافة الوطنية. من خلال ندوات ومبادرات توعوية، يسعى الجيش إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي والتضامن الوطني، بالإضافة إلى حماية البنية التحتية الرقمية والمعلوماتية من التهديدات السيبرانية المتقدمة.
التحديات الحديثة واستجابة شاملة
تأتي هذه المبادرات والمشاريع في ظل تحديات حديثة تتطلب استجابة شاملة تشمل الأمن السيبراني، وحماية الذاكرة الوطنية من التزييف والتحريف. إن إنشاء المدرسة الوطنية العليا في الأمن السيبراني يمثل خطوة استراتيجية تعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الأمن الوطني في وجه التحديات الرقمية الحديثة.
في الختام، تبرز هذه الخطوات الوطنية الرائدة دور الجزائر في مجابهة التحديات السيبرانية والحفاظ على الذاكرة الوطنية، مما يعكس التزاماً راسخاً بالحفاظ على الهوية الوطنية والتصدي للتهديدات الحديثة التي تستهدف الاستقرار والتماسك الاجتماعي.