في يوليو 1974، قدم البروفيسور روبرت بي. سوبو دراسة إلى مجلس الشيوخ الأمريكي تشير إلى أن الحظر النفطي الذي فرضته الدول العربية في 1973 كان فعّالاً بنسبة 100% تقريبًا في خفض واردات النفط للولايات المتحدة. ووفقًا للدراسة، انخفضت صادرات النفط العربي لأمريكا من 12 مليون برميل يوميًا في سبتمبر 1973 إلى 19000 برميل يوميًا فقط في يناير وفبراير 1974. هذا الحدث كان لحظة تاريخية مهمة لكل من الأمريكيين والعرب، حيث نجحت الدول العربية في استخدام النفط كسلاح فعال للضغط على الدول الغربية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.
دور الجزائر في الحظر النفطي
كانت الجزائر من بين الدول العربية التي لعبت دورًا قياديًا ومؤثرًا خلال أزمة الحظر النفطي. رغم أن الجزائر لم تطور علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلا أنها كانت على علم مسبق بالهجوم المصري والسوري المشترك على القوات الإسرائيلية في 6 أكتوبر 1973. هذا التنبؤ جاء بفضل التعاون الوثيق بين الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، والرئيس الجزائري هواري بومدين.
في فبراير 1972، زار الشاذلي الجزائر وأبلغ بومدين بنية مصر شن هجوم على إسرائيل. وافق بومدين على دعم مصر في هذه الحرب، مؤكدًا استعداد الطائرات الجزائرية. وفي سبتمبر 1973، أبلغ الشاذلي الجزائر بموعد تقريبي للهجوم، مما سمح للجزائر بالتحضير الكامل للمشاركة في الحرب.
الدعم العسكري والاقتصادي الجزائري
مع بداية الحرب، أرسلت الجزائر أسرابًا من الطائرات المقاتلة من طرازات ميج 21، ميج 17، وسوخوي 7، بالإضافة إلى لواء مدرع لدعم المجهود الحربي المصري والسوري. هذا الدعم كان جزءًا من التزام الجزائر بالوقوف إلى جانب الدول العربية في صراعها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
لم يقتصر الدعم الجزائري على الجانب العسكري فقط، بل شمل أيضًا الدعم المالي والاقتصادي. في 14 أكتوبر 1973، قام الرئيس بومدين بزيارة سريعة إلى موسكو حيث التقى مع زعيم الاتحاد السوفيتي ليونيد بريجنيف، وطلب منه دعم المجهود الحربي العربي من خلال ضمان استمرار تدفق السلاح والذخيرة لمصر وسوريا. في هذه الزيارة، اشترت الجزائر أسلحة ومعدات بقيمة 200 مليون دولار لصالح الجيشين المصري والسوري.
القيادة الجزائرية في الحظر النفطي
كانت الجزائر أيضًا في مقدمة الدول التي قادت جهود الحظر النفطي العربي. في اجتماع لمنظمة أوبك في الكويت في 17 أكتوبر 1973، تم الاتفاق على رفع سعر النفط بنسبة 70% وخفض الإنتاج بنسبة 5% شهريًا حتى ينسحب الإسرائيليون من الأراضي المحتلة قبل 1967. أعلنت الجزائر والسعودية خفض إنتاجهما بنسبة 10% وتوقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة.
الموقف الجزائري في مواجهة الضغوط الأمريكية
في ديسمبر 1973، حاول وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر إقناع الجزائر والسعودية بتغيير موقفهما خلال اجتماعات مع وزير البترول السعودي أحمد زكي يماني ووزير الصناعة والطاقة الجزائري بلعيد عبد السلام، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل. كما حاول كيسنجر لاحقًا خلال زيارته للجزائر في 13 ديسمبر 1973 إقناع الرئيس بومدين بالمساعدة في رفع الحظر، ولكن بومدين رفض مؤكدًا أن كل طرف يستخدم الأسلحة التي بحوزته.
خاتمة
استمر الحظر النفطي حتى مارس 1974، عندما قررت الدول العربية رفع الحظر عن الولايات المتحدة بعد تحقيق بعض أهدافها. ولكن هذا الحظر أظهر قوة التضامن العربي وقدرتهم على استخدام النفط كسلاح سياسي فعال. تبقى الجزائر واحدة من أبرز الدول التي لعبت دورًا قياديًا في هذه الأزمة، مما يعكس التزامها الثابت بدعم القضايا العربية.
شاركونا بآرائكم: هل تعتقدون أن النفط لا يزال سلاحًا فعالاً في الوقت الحالي؟ دعونا نعرف آرائكم في التعليقات.