بقلم: المعتز بالله منصوري
تجاهل الرأي العام الوطني، خلال زيارة رئيس الجمهورية إلى موسكو، ببراعة، أصوات النحيب والعويل، التي ارتفعت من ثلاثة مواقع معروفة بعدائها. ووفر الكثير من الحجارة لتقوية الجدار الخارجي لبلاده ، بعد أن ترفع عن رمي حصى واحدة على من لا يستحق.
كان واضحا جدا، أن زيارة الرئيس تبون إلى روسيا، أحرقت قلوب الحاقدين على كل ما هو جزائري.
لقد كان حالهم في الأيام الخمس الماضية، كمن تمزقت معدته وبرزت أحشاءه وترك في العراء ينزف، فيصرخ ثم يسب ثم يخرسه اليأس، الذي يفوق مفعوله، مفعول الكي.
أما الجزائريون، فراقبوا في صمت، ومن حين لآخر، ما يصدر عن وسائل الإعلام الصهيونية والمخزنية والفرنسية ودعائمهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يعودون للاستغراق في متابعة تفاصيل زيارة الرئيس تبون إلى فيدرالية روسيا، التي وصفها الجميع بـ “التاريخية” مثلما وصفوا الاستقبال القيصري بـ “الأسطوري”.
ولم يكن ممكنا في أي حال من الأحوال، التشويش على ما حدث في موسكو وسانت بطرسبورغ، لأن مستوى الحضور الاتصالي كان أقوى نفوذا وأشد اختراقا للأجندة التحريرية لوسائل الإعلام الدولية، ما أدى بالأعداء التقليديين إلى الجهر بالتنسيق فيما بينهم، وبدا وكأن رئيس تحريرهم واحد يشرف على قاعة عمليات مششتركة.
من مقطع النشيد الوطني، إلى محاولة إقحام الجزائر في تداعيا الحرب الحاصلة في أوروبا والصراع بين الغرب وروسيا، إلى زيارة الرئيس المحتملة إلى فرنسا، تداول إعلام المخزن والصهاينة وفرنسا، على اجترار هذه المواضيع بعشرات الحصص ومئات الفيديوهات وآلاف التغريدات والمناشير.
ولأول مرة، تنخرط وسائل الإعلام الفرنسية، في هكذا حملات مغلوطة ومزيفة، وهي التي طالما ادعت الاحترافية، غير أن الظرف ربما دفعها إلى إظهار موقف أكثر وضوحا، حينما استلهمت من المحتوى المغشوش لمواقع التواصل الاجتماع في انتاج حصص وبرامج، ضد الجزائر.
والذي حصل إذا، هو اكتمال هيكل “مجمع الدعاية التخريبية” ضد الجزائر، بفروعه من الإعلام التقليدي، ومنصات الإعلام الجديد وتلك الأبواق التي تصرخ مثل الماشية العطشى في حسابات منصات التواصل الاجتماعي.
غير أن طريقة آداء هذا المجمع، في الأيام الماضية، لابد أن تقود إلى إعادة تقييم مصطلح “حروب الجيل الرابع” الذي يوصف به ذلك الضجيج المزعج الذي تصدره، فقد كان كافيا تجاهل الرأي العام الوطني، ليصاب عدد من تلك الأبواق بـ “حبسة” الكلام والكتابة، بل هناك من توجه إلى المرآة لينظر إلى نفسه وحاله كيف أًصبح.
نعم، الموقف قاسي جدا، دولة حسمت توجهاتها الاستراتيجية للسنوات العشر المقبلة، من خلال رغبة مستعجلة في دخول تنظيم البريكس، والاهتمام بمنظمات شنغهاي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وتبرم اتفاقيات ومذكرات مع دول صديقة بحجم روسيا وأخرى وسط وغرب أوروبا، بينما يجد موظفو مجمع الدعاية التخريبية أنفسهم مرغمين عن الاستمرار الصراخ.. فكم هو محبط، أن تفعل نفس الشي بنفس الطريقة كل يوما، وكل يوم النتيجة عكسية.
بل في كل ما تقوم به الجزائر، يشعر هؤلاء بـ “الهزيمة والعار”، ومن جهلهم لا يعرفون أن ما بين الدول لا يقاس بالهزيمة والفوز، وإنما بأشياء أخرى كالتاريخ والشرف والرفعة، ومن يشعر بهزيمة نفسية والعار أمام الصهاينة، ما عليه إلى النظر في مرآة بلده وليس الجزائر.
بعض من تعبت أحبالهم الصوتية، واختلفوا على الطريدة، قالوا بالحرف الواحد أنهم “اتفقوا على التأثير نفسيا على الجزائريين”، فهل تأثر الجزائريون نفسيا؟ وهل يرقى ما يتفوهون من نفايات كلامية إلى مستوى أن يوصف بالحرب؟. إن مجمع الشر هذا مفلس فكريا وإخلاقيا، وخسر معركة الشرف قبل أن تبدأ أصلا.
aljazairalyoum.dz