أي إنسان إجتاز عتبة الثلاثين، يالخاوة، يكون قد تأكد بأن مسألة “الإختيار” هي التي قررت مصيره في الأخير، وقررت شخصيته و شكل حياته الحالي وحتى شكله في قادم الأيام ان لم يفعل شيئا وهي ايضا التي ستحسم الطريقة التي سيغادر بها العالم…. أي عملية اختيار مهما كانت بسيطة لها تبعات عظيمة……اختيار صديق من بين مجموعة من الأصدقاء سيغير توجهاتك الفكرية وعلاقاتك الاجتماعية كاملة، اختيار فكرة معينة من بين آلاف الافكار ستغير نظامك العقلي كله، اختيارك البقاء في مكان ما او المغادرة قد تدفع ثمنه باهضا بالسلب او الإيجاب وهكذا…..
كذلك مسألة اختيارك للتخصص بعد النجاح في البكالوريا، ايها الشاب، ستكون ربما أخطر قرار في حياتك …ستحدد هل ستكون إيجابي في عالم صارت السلبية شعاره الوحيد؟ هل ستكون وفي او خائن؟ سطحي تافه ام مهم وعظيم؟ ان تظل مزيفا كما أراد المجتمع لك او ان تعاني كل أنواع المعاناة لتكون انسانيا حقيقيا؟ ان تكون لاهثا وراء المال او راكضا وراء الافكار ؟ أن تكون فردا خارج القطعان البشرية او مجرد شاة منه داخل المجتمع؟ ان تقرأ او تموت عقليا؟ ان تفهم أو تؤمن ؟ ان تستخدم عقلك بكل إمكانياته او ان تظل صورة باهتة من المجتمع.. ؟! لاتستهن بالأمر ياولدي..
بالنسبة لك كناجح جديد في البكالوريا (برافو) سيكون أخذ قسط من الراحة دون التفكير في أي شيئ لمدة اسبوعين على الأقل، أمرا مستحقا بكل تأكيد، مخصصة فقط للإحتفال و الشعور بالفخر. للدخول بعد ذلك في مرحلة مثيرة للتوتر والخوف وهي تحديدك لمجال الدراسة🤔.
أصبحت مجالات الدراسة واسعة بشكل مشتت للذهن ، بل وأكثر من ذلك إذا كانت مجالات اهتمامك كثيرة ومتنوعة. سيزيد هذا من تعقيد مهمة العثور على طريقك في الحياة، خاصة وياللأسف، في ظل عدم وجود أدوات توجيه مساعدة تسمح بتحديد برامج دراسة تناسب شخصيتك وتطلعاتك المهنية.
لكن رغم ذلك أظن انك محظوظ بأنك ولدت في عصر النت هذا الذي ربطك بما يجري في كل الكوكب…المعلومة أصبحت متوفرة ماعليك إلا ان تبحث عما يستهويك ويثير شغفك ويبقي شعلة التفكير في ذهنك ملتهبة🔥🔥.
معروف عالميا انك “إن أحببت شيئًا ما فسوف تبدع فيه حتمًا”. أظن ان هذا هو الشيئ الأساسي في الموضوع لكن لاتنس في نفس الوقت انك ستضيع أحلى سنوات عمرك في دراسة هذا الشيئ الذي فيه شغفك….تأكد أنه سيستحق هذا الاستثمار !! هناك أشياء نحبها لكن نستطيع ان ندرسها كهوايات بجانب تخصصاتنا الأكاديمية…..ماأقصده هنا هو انه يحب ان تكون لديك عقلية “المقاول” Entrepreneur، يعني تعلّم شيئا تحبه بشرط أن يعود عليك بالمقابل المادي في المستقبل لتعويض الاستثمار الكبير للوقت والجهد من أحلى مراحل شبابك….
إذن هناك عملية موازنة بين الشغف و واقع سوق العمل في بلدك…. اذا راعيت هذين الأمرين في اختيارك سيكون غالبا استثمارا جيدا. حتى لو لم تجد وظيفة مناسبة في بداية حياتك المهنية، فالاختيار الصحيح سيمكّنك على الأقل من اكتساب المهارات اللازمة التي تساعدك على إيجاد الوظيفة المناسبة والنجاح في مسيرتك المهنية بغضّ النظر عن طبيعتها. وحتى لو لم تكن في مجال اختصاصك .
تقول الاحصائيات هنا في كندا أن ما نسبته 40% من الأشخاص يغيّرون مجالات عملهم كلّ ثلاث سنوات حيث قد تكون مجالات العمل هذه في الغالب بعيدة كلّ البعد عن تخصصاتهم الجامعية.
بكل واقعية لوكان لي ولد على اهبة التسجيل في الجامعة ، لنصحته أن يبحث عن تخصص يمكنه في المستقبل من ان يشتغل حرا أي “رجل أعمال”، لحسابه الخاص، وان لايضيع خمس سنوات هي أحلى سنوات العمر ، في مجال سيحوله الى مجرد موظف….
أظن أن المرحلة القادمة تقتضي من الناس ان يربوا اولادهم على عقلية رجل الاعمال وليس على عقلية الموظف.
MB – 18.07.2023
Source : https://www.facebook.com/mhamed.babou