إيمان كيموش
تُحضّر الحكومة، بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لإعادة بعث صناعة الهواتف الذكية في الجزائر، من خلال صياغة دفتر شروط مرن، يكرّس تحقيق الاكتفاء الذاتي، ويشجّع المتعاملين المحرزين لنسب إدماج مرتفعة، ويفتح أبواب التصدير مستقبلا نحو إفريقيا وأوروبا، ويقضي على السوق الموازية للهواتف النقالة.
وثمّن خبير التكنولوجيا والمعلوماتية يونس قرار مُخرجات مجلس الوزراء المنعقد، أول أمس الأحد، المتخذة من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لإعادة بعث صناعة الهواتف النقالة الذكّية، عبر التحضير لدفتر شروط جديد ينظّم العملية، قائلا إن صناعة الهواتف الذكية موجودة في الجزائر منذ سنوات لكنها كانت تشهد الكثير من الفوضى التي كرّست صعوبة التمييز بين المؤسسات الجدّية المُمارسة للتصنيع الحقيقي، والمؤسسات المتسلقة المُفسدة في السوق.
ويقول قرار في إفادة لـ”الشروق”: “مادامت هذه المؤسّسات كانت تستفيد من نفس التسهيلات التي كانت تُمنح لكافة المنتمين لهذا الفرع ويتعلق الأمر بأولئك المحققين لنسبة إدماج عالية، وحتى أصحاب نسبة الإدماج المنخفضة، بات الكثير من المتعاملين يختارون الحلول السهلة للقيام بتركيب قطع خفيفة، مقابل الاستفادة من نفس امتيازات الشركات المحقّقة لنسبة إدماج عالية”، مردفا: “هذه الفوضى شجعت الشركات غير الجدية للاستمرار، لذلك ارتأت الحكومة توقيف النشاط مؤقتا خلال السنوات الماضية لإعادة صياغة دفتر شروط جديد يشجع المهنيين الراغبين في البروز في هذا المجال.
ومن المنتظر أن يتضمّن دفتر الشروط الجديد تسهيلات جمركية ضريبية تمنحها الدولة للمؤسسات، بحيث تتماشى الإعفاءات مع نسبة الإدماج.
ومن المعلوم أيضا أن رفع نسبة الإدماج تساهم في خلق مناصب شغل جديدة وتحريك قطاع الصناعة الجزائرية، من خلال إشراك أصحاب شركات المناولة الذين يصنعون قطعا تدخل في إنتاج الهواتف الذكية على غرار البطاريات والمواصل والبطاقات الإلكترونية، إذ يؤكّد الخبير: “كلما ارتفعت نسبة الإدماج تزايدت التسهيلات الخاصة بتشجيع المتعاملين”، مردفا أن صاحب الهاتف المفكّك لعشر جزئيات ليس مثل من يقوم بتركيب هاتف مفكّك إلى 40 جزءا.
ودعا قرار أيضا إلى إشراك المؤسسات الناشئة في مشروع إعادة بعث صناعة الهواتف الذكية، وهي المؤسسات التي وصفها بالناجحة في البرمجيات والمتفوّقة في التطوير والصيانة والتطبيقات وتجميع الهواتف النقالة، مشدّدا: “أصحاب المصانع مُلزمون بالاستعانة بالمؤسسات الناشئة، للتحكم بشكل أكبر في حيثيات هذه الصناعة ونقل المعرفة ورفع نسبة الإدماج وأيضا لمنح تسهيلات أكبر لهذه المؤسسات”.
واعتبر الخبير أن إعادة بعث صناعة الهواتف النقالة سيمكّن من التمييز بين نوعين من المصانع، وهي إما الوحدات الإنتاجية ذات العلامات الجزائرية على غرار “إيريس” و”ستريم” و”كوندور” أو متعاملون جزائريون بشراكة مع مصانع أجنبية على غرار سامسونغ وهواوي وغيرها، مشدّدا على أن الأهم هو توطيد العلاقات مع الشركاء الأجانب على غرار الشركات الصينية المتفوّقة في هذا المجال، حيث يجب أن تقتنع المؤسسة الأجنبية بمدى تحكم المؤسسة الجزائرية في هذه التكنولوجيا، متوقّعا توجّه الجزائر بعد سنوات قليلة للتصدير نحو الخارج، وبالدرجة الأولى إفريقيا وحتى أوروبا وذلك بعد التحكم بشكل تدريجي في تطوير التقنيات والكفاءة وإنتاج تطبيقات تتناسب مع الدول العربية بالتعاون مع شركات ناشئة.
وأثار قرار ملفا حساسا في قطاع إنتاج الهواتف الذكّية وهو محاربة السوق الموازية ومواجهة الشبكة غير الرسمية التي تسوّق الهواتف دون تسديد الرسوم والضرائب بأسعار غير تنافسية، حيث يجد المصنّع نفسه مضطرا لمواجهة منافسة غير نزيهة، في حين توجد حلول تقنية وإجراءات قانونية للتقليل من تأثير السوق الموازية من خلال منع دخول أي هاتف للجزائر دون التسجيل في منصة إلكترونية تُخصّص لهذا الغرض، تتضمّن قاعدة بيانات لكل الهواتف التي تدخل التراب الوطني بعد المرور عبر المراقبة الجمركية بطرق شرعية، وإذا تمّ ذلك بطريقة غير شرعية، تنبّه المنصة صاحب الهاتف الذي يكون ملزما بالتقدم من المصالح المعنية لدفع كل الرسوم الجمركية وغيرها.