في لقاء مطوّل عبر قناة «Interviews By Roula» مع الإعلامية رولا نصر، قدّم المفكر الجزائري الدكتور يحيى أبو زكريا قراءة معمّقة للمشهد العربي والإسلامي، اتّسمت بالسوداوية في تشخيصها والوضوح في عباراتها، لكنه عندما وصل إلى الجزائر، تحوّل خطابه إلى لغة مختلفة تمامًا: لغة القسم، والانتماء، والاستعداد للتضحية.
أكد أبو زكريا أنّ الجزائر مستهدفة عبر عدّة جبهات، من بينها: – استغلال الورقة العرقية بين العرب والأمازيغ، – إعادة بعث الجماعات الإرهابية من ليبيا، – تسلل طائرات مسيّرة تركية إلى أقصى الجنوب، – تفعيل شبكات إعلامية ودبلوماسية لاستهداف القرار الوطني المستقل.
أما الخطر الأكبر بحسب تعبيره، فهو محاولة إزاحة الرئيس عبد المجيد تبون وتنصيب شخصية قابلة للتطويع، تُدار عن بُعد من الخارج.
وصف أبو زكريا هذا المخطط بأنه لا يختلف عن تجربة إدخال “جولاني” إلى رأس القرار في سوريا، قائلاً إن بعض الجهات تسعى إلى “صناعة جولاني جديد للجزائر”، بما يعني تصنيع شخصية عسكرية أو مدنية تنفّذ السياسات المرسومة من واشنطن وتل أبيب دون نقاش، وتُنهي بذلك استقلالية القرار الجزائري.
وفي خضم هذا التوصيف المتسارع، فجّر أبو زكريا عبارته الصادمة التي تحولت إلى شعار متداول: «الشعب الجزائري سيأكل لحم وعظم من يدنو من الجزائر.» وتابع بتصريح شخصي يرقى إلى القسم: «أنا يحيى أبو زكريا، إذا تعرّضت الجزائر لخطر شديد، سأخلع سترتي وأحمل الكلاشنيكوف دفاعًا عن وطني.»
لم تكن عبارة بلاغية، بل كانت قَسَم رجل لا يرى في الجزائر مجرّد جغرافيا، بل دماءً وذاكرة وشهداء.
وأشار إلى أن الجزائر دفعت ثمناً باهظًا من أجل سيادتها، تجاوز اثني عشر مليون شهيد، مؤكداً أن كل من يقترب من الجزائر سيجد أمامه شعباً لا يُقهر، يملك مناعة وطنية لا تتزعزع، وجيشًا شعبياً هو سليل جيش التحرير الوطني، تمرّس في قتال الإرهاب ويحمل تجربة لا تضاهيها تجارب في محيطه الإقليمي.
في السياق نفسه، استعرض أبو زكريا كيف فشلت عدة محاولات لضرب الجزائر، بدءًا من الورقة العرقية، مرورًا بورقة الإرهاب، وصولاً إلى الضغوط السياسية والإعلامية، مشدداً على أن كل تلك المحاولات ارتطمت بجدار الوعي الشعبي وبصلابة الجيش الجزائري.
وفي إطار تحليله للعلاقات الدولية، أوضح أبو زكريا أن الجزائر تُستهدف اليوم لأنها رفضت الانضمام إلى موجة التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني. واعتبر أن هذا الموقف الثابت هو الذي دفع جهات غربية وعربية متصهينة لمحاولة شيطنة الجزائر والتحريض عليها. وقال بالحرف: «يريدون أن تنزل الجزائر رأسها كما فعلت بقية العواصم.»
كما خصّص حيزاً مهماً من حديثه للرد على الحملات التي حاولت تشويه الجزائر دبلوماسيًا، واعتبر أن الدبلوماسية الجزائرية لا تزال من بين القلائل التي ترفع رأسها في المحافل الدولية، مستشهدًا بمواقف مندوب الجزائر في الأمم المتحدة، الذي واجه الضغط الأمريكي والإسرائيلي بشجاعة نادرة في ملف فلسطين.
ثم ختم ذلك كله بعبارة جامعة: «أقسمنا بالدماء أن تحيا الجزائر، وسنقول لشهدائنا: نحن على العهد.»
ما قاله أبو زكريا عن الجزائر لم يكن مجرّد خطاب انفعالي، بل إعلان نضالي موجه إلى من يهمه الأمر. في خضم هذا الانهيار العربي العام، تظهر الجزائر – في منطقه – كواحة للممانعة السياسية، ومقبرة للمشاريع التفتيتية. والعبارة التي رددها، “أنا على العهد”، لم تكن فقط له، بل أرادها رسالة إلى كل من يعتبر أن مقاومة الهيمنة خيار شخصي، لا حكومي، وأن الدفاع عن الجزائر فريضة أخلاقية قبل أن يكون قرارا سيادياً.
🎙️ اللقاء الكامل على قناة السيدة رولا نصر:
🔗
Hope&ChaDia