عام 2024 كان بحق عامًا استثنائيًا للجزائر، حيث سجلت البلاد قفزات نوعية في مسار التنمية الاقتصادية. هذا العام لم يكن فقط مرحلة لتحقيق الطموحات، بل فرصة لإثبات قدرات الجزائر على التحول إلى قوة اقتصادية صاعدة بفضل الرؤية الحكيمة والتخطيط السليم.
تنويع الاقتصاد ومشاريع عملاقة
شهدت الجزائر تنويعًا غير مسبوق في مصادر دخلها، مع زيادة ملحوظة في حجم الصادرات مقارنة بالواردات. بفضل الجهود المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار، أصبحت الجزائر محط إشادة من المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو ما انعكس على المؤشرات الاقتصادية التي كانت كلها إيجابية.
إلى جانب ذلك، شهد العام إطلاق عدة مشاريع مهيكلة كبرى، أبرزها مشروع استغلال مناجم المعادن مثل منجم الحديد بغار جبيلات في ولاية تندوف ومنجم الفوسفات ببلاد الحدبة في ولاية تبسة. هذه المشاريع تسير بخطى ثابتة لتحويل الموارد الطبيعية إلى ثروات حقيقية تعزز الاقتصاد الوطني وتخلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة.
طفرة في قطاع النقل والتعدين
أعطى الرئيس عبد المجيد تبون توجيهات صارمة لتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المتعلقة بالسكك الحديدية، ما جعل هذا القطاع شريانًا حيويًا للاقتصاد. تمتد شبكة السكك الحديدية لتربط الشمال بالجنوب، بما في ذلك المشروع الضخم للخط المنجمي الغربي بشار-غار جبيلات.
أما في قطاع التعدين، فقد تم تدشين مشاريع ضخمة مثل مصنع معالجة خام الحديد في بشار ومشروع منجم الزنك والرصاص في وادي أميزور. هذه المشاريع، إلى جانب استغلال منجم الفوسفات، ستضع الجزائر في مصاف الدول الرائدة في تصدير المواد الأولية.
الأمن الغذائي والمائي أولوية قصوى
لأن الأمن الغذائي يشكل أساس التنمية المستدامة، شهد عام 2024 إطلاق مشاريع زراعية ضخمة. كان من أبرزها المشروع المتكامل لتربية الأبقار وإنتاج الحليب في ولاية أدرار بالشراكة مع شركات قطرية. هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 3.5 مليار دولار، سيغطي 50% من احتياجات الجزائر من الحليب ويوفر آلاف فرص العمل.
في نفس السياق، أُطلق مشروع آخر في ولاية تيميمون لإنتاج الحبوب والبقوليات بالشراكة مع شركة إيطالية، مما يعزز الأمن الغذائي ويدعم الاقتصاد الوطني.
أما الأمن المائي، فقد كان محورًا آخر لجهود الدولة، حيث شهد عام 2024 تقدمًا كبيرًا في إنجاز خمس محطات لتحلية مياه البحر في ولايات الطارف، بجاية، بومرداس، تيبازة، ووهران. هذه المحطات، التي بلغت نسبة إنجازها أكثر من 90%، ستوفر المياه لنحو 15 مليون مواطن وتضع الجزائر في طليعة الدول التي تعتمد على تحلية المياه كمصدر استراتيجي.
نظرة نحو المستقبل
الإنجازات المحققة خلال عام 2024 لم تكن وليدة اللحظة، بل ثمرة رؤية استراتيجية بدأت منذ خمس سنوات. تسعى الجزائر إلى بناء اقتصاد قوي متنوع يعتمد على الموارد الذاتية ويبتعد عن التبعية للمحروقات.
بفضل هذه الرؤية، استطاعت الجزائر أن تعزز مكانتها الإقليمية والدولية، وتثبت أن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي يمكن تحقيقه من خلال استغلال الثروات الطبيعية بذكاء، وتطوير البنية التحتية، والاستثمار في الطاقات الشابة.
عام 2024 كان عامًا للإنجازات والانتصارات، وعامًا أثبتت فيه الجزائر أنها على الطريق الصحيح نحو مستقبل واعد.
Hope&Chadia