وهيبة سليماني
يفضل الكثير من الجزائريين قضاء أوقات ممتعة على موائد الإفطار في الفنادق والمطاعم الراقية، وهذا لكسر الروتين، ومنح راحة نفسية وتقدير للزوجات اللواتي ينشغلن كثيرا خلال الشهر الكريم بالطبخ والعزائم، فبين البحث عن التغيير واكتشاف أجواء خارج المنزل بنوع من” البريستيج”، هناك أجانب من دول أوربية وعربية، ومن دول افريقية يتقاسمون مع هؤلاء الجزائريين لحظات الإفطار، تتخللها الموسيقى ويحيطها الديكور التقليدي الجزائري المبهر.. فنادق تجندت للتنافس على استقطاب زبائن مطاعمها في شهر الصوم، لتجعل من موائد الإفطار فرصة سانحة تروج من خلالها للسياحة والموروث الثقافي والاجتماعي الجزائري.
وباتت منصات التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية للفنادق والمطاعم الراقية، السبيل الأنجح لجلب زبائن موائد الإفطار من خلال عرض قائمة الأطباق، والأسعار، والترويج لديكورات تلفت الانتباه، وتمنح فرصة المقارنة والاختيار.
ديكورات وأطباق من وحي التراث الجزائري
وتزينت بعض الفنادق والمطاعم الراقية على غرار “دار الزليج” بحيدرة بالعاصمة، بأبهى حلة رمضانية، فإلى جانب تسطير وجبات إفطار وبمبالغ محددة للكبار والصغار، برمجت حفلات وسهرات فنية يغلب عليها الطابع الديني والشعبي.
وتفننت مطاعم في العاصمة في إضفاء بيئة إسلامية تقليدية جزائرية، مستغلة في ذلك إقبال بعض الأجانب، قصد التعريف بالموروث الجزائري، والحرف التقليدية، وهذا من خلال تخصيص زوايا لعرض أوان نحاسية، وأفرشة تقليدية، وصناعات الفخار والطين، والفضة، وغيرها من الحرف.
وسارعت أشهر الفنادق كفندق “الماركير”، والأوراسي، وسوفيتال، الشيراطون، فندق الجزائر، إلى دخول معركة الترويج لما هو جزائري، من خلال الديكور أو الأطباق والحفلات الموسيقية، فقد عبر مؤثرون أجانب عبر “السوشيال ميديا”، عن انبهارهم بالثقافة الفندقية في رمضان، وعما تتمتع به الجزائر من أطباق تقليدية وحرف متنوعة، وموروث اجتماعي وتراثي ضارب في عمق تاريخها الأصيل.
ورغم أسعار الإفطار الرمضاني في الفنادق والمطاعم الراقية، التي وصلت إلى مليون سنتيم للكبار و4000دج للصغار في بعض المناطق الجزائرية، إلا أن أغلب موائد الإفطار وخاصة في المدن الصحراوية أو الساحلية، كانت بأسعار لا تتعدى 5000دج، متبوعة بسهرات فنية، وكل ذلك لم يمنع بعض العائلات من مشاركة الأجانب إفطار “البريستيج”.
حملة فندقية للتعريف بالموروث الجزائري
وفي هذا السياق، أكد عبد الوهاب بولفخاد، رئيس الفدرالية الجزائرية للفندقة والسياحة، لـ”الشروق”، أن الكثير من المطاعم الراقية سواء التابعة للفنادق أم مراكز سياحية أم خاصة، دخلت في حملة معركة الرد على بعض الجهات الأجنبية التي تريد أن تنتزع من الجزائر، بعض الخصوصيات التراثية وبعض العادات والتقاليد، من خلال فرض الديكور التقليدي، والترويج للأطباق والحلويات التقليدية الجزائرية.
وقال بولفخاد، إن تواجد الأجانب أعطى فرصة، التعريف بكل ما هو جزائري، بحيث شاهدت الكثير من الفنادق، حيوية في مطاعمها سواء من خلال تنظيم تظاهرات وموائد إفطار بتمويل بعض الجمعيات والهيئات، أم من خلال الإفطار المبرمج لخدمة الزبون، المقيم أو الذي يرغب في إفطار بماله الخاص.
واستحسن رئيس الفيدرالية الجزائرية للفندقة والسياحة، الهبة الترويجية التي خاضتها الفنادق من أجل التعريف بالموروث الاجتماعي والثقافي والتراثي الجزائري، مستغلة بذلك منصات التواصل الاجتماعي، بنشر لحظات إفطار وسط أجواء رمضانية بديكور تقليدي وأطباق متنوعة تحمل الخصوصية الجزائرية.
المرأة تقود قاطرة الموروث الثقافي والاجتماعي الجزائري
وحول هذا الموضوع، قالت شائعة جعفري، رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، إن ثقافة إفطار بعض العائلات في الفنادق خلال رمضان، جديدة، لكنها غير مرفوضة، فهي رائجة في دول الخليج، فبعض الأزواج بحسبها، يكرمون نسائهم ويمنحون لهن لحظات راحة واستجمام، من خلال الذهاب خارج المنزل للإفطار في أماكن سياحية كالفنادق، والهدف يختلف عند هؤلاء، فبعضهم يريد استكشاف أجواء مغايرة وبنوع من الاختلاف والرقي، وبعضهم يعفي زوجته من عناء التحضير اليومي لمائدة الإفطار.
ويجد، بحسب جعفري، بعض الجزائريين متعتهم في إفطار متبوع بحفلات وسهرات فنية، وبمشاركة الآخرين سواء جزائريين، أم أجانب، وكما يرغب البعض في تذوق أطباق تقليدية معينة، أو اكتشاف فنادق تزينت بديكورات تبهر وتمتع العين، تسمح أيضا بالتقاط صور وفيديوهات للذكرى أو لنشرها عبر “الفايسبوك”.
وترى جعفري بأن المرأة الجزائرية هي التي تقود قاطرة الترويج للموروث الثقافي والاجتماعي الجزائري، من خلال مشاركتها في عروض الحرف التقليدية التي تعرض في المساحات السياحية والفنادق مؤخرا، إلى جانب قيامها بالترويج عبر “السوشيال ميديا”، لكل ما هو جزائري مستغلة مثل هذه المبادرات.
وأوضحت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، أن رمضان فرصة الجميع لإضفاء الأجواء الإسلامية والعربية والوطنية، واستغلال كل العادات والتقاليد، والخصوصية الهوياتية للتميز عن تلك الأعياد والمناسبات التي يروج لها الغرب في منصات التواصل الاجتماعي.
موائد إفطار تدخل معترك الترويج للموروث الجزائري – الشروق أونلاين (echoroukonline.com)