“الرسم من المسافة صفر” هو عنوان معرض للفنان التشكيلي العراقي يوسف الناصر، الذي عرض فيه عشرين لوحة تصور عذاب الناس في غزة وفداحة الجريمة التي تجري هناك. احتضن المعرض “أتيليه دانييل لوازيل” في العاصمة الفرنسية باريس، من 13 إلى 22 من الشهر الماضي.
يوسف الناصر هو اسم بارز في ساحة الفن التشكيلي العراقي والعربي. رحلة فنية طويلة وشاقة قضاها بين بلده الأم والتنقل بين المنافي شرقًا وغربًا، قدم خلالها رؤيته كإنسان ومناضل وفنان وباحث. يؤرخ اليوم برسوماته حرب الإبادة الصهيونية الجماعية المستمرة في قطاع غزة المحاصر منذ السابع من أكتوبر 2023.
بداية المشروع
بدأ الناصر في عام 2003، وخلال الغزو الأمريكي للعراق، مشروعًا بعنوان “المطر الأسود”، حيث اهتم بتوثيق جرائم الحروب ومعاناة الضحايا. ضمن هذا المشروع يأتي معرضه الأخير في باريس “الرسم من المسافة صفر”، الذي لا يزال يعمل عليه.
في حديثه عن المعرض، يقول الناصر: “بدأ كل شيء بينما أراقب الوحشية النازية تمارس ما اعتادت عليه من بشاعات مهولة. أردت أن أفعل شيئًا بيدي، أن أصيح وأن أشتم وألعن وأن أبكي. تركت يدي تعمل على هواها، بما تجده متناسبًا مع وقع الحدث وحدته وهوله”.
رؤية الناصر في اللوحات
يقول الناصر: “عرضتُ عشرين لوحة مادتها عذاب الناس في غزة وفداحة الجريمة التي تجري هناك، لكني رسمت عشرات اللوحات بأحجام مختلفة وبمواد سريعة الجفاف تتناسب مع إيقاعي المتوتر في أثناء العمل”. يصف الناقد خالد خضير الصالحي المعرض بأنه “مسافة صفرية يتخذ الرسم فيها مقاربة استثنائية للأحداث الدموية الجارية الآن، فلا مسافة بين العمل الفني وبين الواقعة الحياتية”.
الجمهور والانطباعات
على الرغم من طبيعة الموضوع الصعبة، كان الحضور في المعرض معقولًا جدًا وازدحمت القاعة الصغيرة بالزوار ليلة الافتتاح. جرت أحاديث شتى بين الحاضرين عن اللوحات المعروضة وعن الوضع المرعب في غزة، مما حقق الهدف الذي سعى إليه الناصر.
تغيرات في حياة الناصر
يقول الناصر: “تغيرت تفاصيل ووقائع أيامي والكثير من شؤون حياتي. روتين عملي الفني وطرق ممارسته لم تعد كما هي؛ لم تهدأ روحي ولا عقلي منذ أن بدأ الهجوم النازي على غزة إلى اليوم”.
مستقبل المشروع
ما زال الناصر مستمرًا في العمل على “الرسم من المسافة صفر”، ولم ينته بعد. لا يزال الناس في غزة يتعذبون ويموتون، وأتمنى أن تتوافر فرص أخرى لمعارض جديدة لإبقاء معاناة الغزيين تحت الضوء.
يوسف الناصر: لمحة عن الفنان
ولد يوسف الناصر في مدينة العمارة جنوب العراق عام 1952. حصل على البكالوريوس في الرسم من “أكاديمية الفنون الجميلة” في بغداد عام 1975، وماجستير في الفن من “جامعة مدلسكس” في لندن. غادر العراق عام 1979 وعاش في لبنان وسوريا وقبرص، ويعيش ويعمل في لندن منذ عام 1990. أقام معارض فنية فردية واشترك في معارض جماعية في معظم الدول الأوروبية وأمريكا واليابان والدول العربية.
كان يوسف الناصر مصممًا في صحيفة “طريق الشعب”، ثم في الصحافة الفلسطينية واللبنانية، وعمل مصممًا ومديرًا فنيًا لمجلة “الهدف” الفلسطينية ومجلة الهلال الأحمر الفلسطيني حتى عام 1990. بدأ الكتابة بانتظام في الصحافة العربية الصادرة في بريطانيا منذ عام 1992، وعمل في التلفزيون والإذاعة وله برنامج خاص عن الفن.
من أعمال الفنان يوسف الناصر في هذا المعرض: