لجزيرة داس في الخليج العربي.
وحُمِّلَت الناقلة بكميات من النفط الخام الذي أنتجه حقل أم الشيف البحري التابع جغرافياً لمشيخة أبو ظبي. كانت تلك الشحنة أول ما أنتجته أبوظبي من النفط المكتشف حديثاً في سواحلها.
ووصل بعدها مندوبو شركة البترول البريطانية BPيحملون نصيب الشيخ شخبوط حاكم أبو ظبي من ريع البترول المستخرج من أراضيه. كانالمبلغ مليون جنيه إسترليني بالتمام والكمال. ولم يكن الشيخ قد رأى مثل هذا المبلغ الهائل، ولا حلم به يوماً في منامه. واقترح مندوبو «بي بي» أن يودعوا المبلغ المذكور في حساب مصرفي يفتح باسم شخبوط، في البنك البريطاني للشرق الأوسط ــ فرع أبو ظبي.
لكن شخبوط لم يستوعب فكرة إيداع ثروته الجديدة في مكان آخر غير بيته. وعبثاً حاول مندوبو «بي بي» أن يفهموا ابن نهيان أن المال سيبقى دائماً له، وأن المصرف سيحمي النقود في خزائنه وسيمنحه فوائد على قيمتها، وأن أمواله وديعة في البنك يسحب منها شخبوط كيف ومتى يشاء… وبعد محاولات، وتدخلات،ووساطات، وضمانات قبِل الشيخ أخيراً أن يذهب مع الجماعة الإنكليز إلى البنك حاملاً حقيبة المال بنفسه، وأنجز مبعوثو «بي بي» الإجراءات الكاملة لفتح الحساب في المصرف البريطاني. وحينما عاد الشيخ إلى داره، جاءه بعض أولاده ليعلموه أن البنك يقفل أبوابه في المساء. وجزع شخبوط لهذا النبأ. كيف لهم أن يغلقوا أبواب البنك وفيه أمواله، من دون أن يستأذنوه، أو يخبروه؟! وكيف يصنع هو إذا أحب أن يطمئن على أمواله في الليل؟! وعلى عجل، هرع شيخ أبو ظبي إلى البنك من جديد، وأخبر الموظفين أنه يريد أن يسترجع حالاً كل أمواله المودعة هناك. ولم يكن على المصرفيين إلا القبول برغبة زبونهم الغريب الأطوار.
وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية التي نشرت القصة انه بعد خلع زايد بن آل نهيان أخيه شخبوط قاموا بمعاينة المكان الذي اخبأ فيه الأموال فوجد معظمها قد أكلته الجرذان.
ليس المفترض من هذه المقدمة استعراض الفقر الذي كان يعيشه آل نهيان قبل استخراج النفط،فالفقر أمر لا يعيب، لكن ما يعيب هذه العائلة الحاكمة أن تاريخها مليء بغدر الأخوة والأشقاء والأبناء وكيف تم استخدام المال بعد ذلك لمحاربة الإسلام السياسي، وإجهاض الثورات العربية، وتوسيع النفوذ الصهيوني تحت الغطاء الإماراتي.
تاريخ من الغدر
بداية إمارة أبوظبي كانت مع عيسى بن نهيان الذي تولى بداية حكم الإمارة في عام 1761 حتى وفاته عام 1793، والذي يعد أول من استقر في تلك المنطقة، خلفه ذياب بن عيسى الذي تولى الحكم لمدة أقٌل من عام عقب وفاة والده،واغتيل في منطقة سهل الحمرا بتدبير من بعض أفراد العائلة، بعد ذلك تولى شخبوط بن ذياب الحكم من 1793 حتى 1816 ونقل السلطة بعد ذلك لابنه محمد بن شخبوط، الذي ظل في الحكم عامين فقط من 1816 إلى 1818.بعد ذلك جاء طحنون بن شخبوط الذي تولى الحكم من 1818 حتى اغتيل عام 1833، وبعده خليفة بن شخبوط وحكم من 1833 إلى أن كان مصيره الاغتيال أيضا عام 1845 في ظروف غامضة، قيل إن لأفراد العائلة يدا بها، وكان يساعده في فترة ولايته في إدارة شئون الإمارة أخوه سلطان بن شخبوط .
وتولى الحكم بعد ذلك عيسى بن خالد نفس العام،ليخرج على الحاكم السابق، لكنه شرب من نفس الكأس أيضا، وخرج عليه خلال هذا العام أيضا ذياب بن عيسي، إلى أن تولى سعيد بن طحنون سدة الحكم لكنه عزل من منصبه عام 1855.وجاء بعد ذلك زايد بن خليفة من سنة 1855 إلى 1909،وبعده ابنه طحنون بن زايد من عام 1909 إلىوفاته عام 1912.ثم تولي حمدان بن زايد سدة الحكم في الإمارة عام 1912،وعاد مسلسل القتل العائلي مجددا، حيث جرى اغتياله على يد أخيه سلطان بن زايد عام 1922، والذي تولى السلطة 4 سنوات انتهت بأن شرب من نفس الكأس المعتاد بين آل نهيان، حيث اغتيل على يد أخيه صقر عام 1926، وحكم صقر الإمارة مدة عامين فقط وكالعادة اغتيل ليس على يد أخ له، ولكن على يد ابن أخيه شخبوط بن سلطان عام 1928، وتولى شخبوط الحكم فى تلك السنة إلى أن أجبر على التنازل لأخيه الشيخ زايد بن سلطان، الذي حكم الإمارة حتى وفاته عام 2004.
ظل زايد بن آل نهيان مهتماً بتطوير، وإعمار الإمارات ولا يذكر خلال فترة حكمه أن لعبت بلده أي دور رئيسي على المستوى العربي والإقليمي، لكن فترة حكمه لم تخلُ من الفضائح وكانت الفضيحة الشهيرة المتعلقة بانهيار بنك الاعتماد الدولي، ملتصقة بالشيخ زايد بالإضافة إلى قضايا تتعلق بغسيل الأموال والمتاجرة بالبشر وهي أعمال ورثها أبناء زايد عن أبيهم وتوسعوا فيها وظلوا يمارسونها إلى يومنا هذا.
بعد وفاة زايد آل نهيان تولى السلطة صورياً ابنه خليفة بن زايد لكن بقي ولي العهد محمد بن زايد الحاكم الفعلي لإمارة أبو ظبي، بل كل الإمارات.وانتشرت الكثير من الأقوال التي تتهم محمد بن زايد بتسميم شقيقه بمادة “البولوينيوم”، حيث ظل يرقد بغيبوبة ولا يمارس صلاحياته كحاكم حتى وفاته عام 2004.
كيف غدر محمد بن زايد بأخيه أحمد بن زايد؟
لم يظهر كشف علمي يقول إن هناك جينات تتعلق بالغدر والخسة تنتقل عبر الأجيال، لكننا وجدنا التاريخ الذي يشرح كمية الغدر، والخسةالتي تميز عائلة “آل نهيان” عن باقي القبائل العربية. فمنذ نشوء هذه القبيلة أو المشيخة كما أسلفنا وكل أخ يغدر بأخيه أو أبيه أو ابن عمه، ولم يكن محمد بن زايد استثناءً بل كان أكثرهم دموية وأكثرهم غدراً في إخوته.
في شهر نيسان تقريبا قبل 14 سنة وقع خبر تحطم طائرة الشيخ أحمد بن زايد كالصاعقة لمن عرف هذا الشيخ، الذي كان يوصف بالاستقامة،والنزاهة، وهو ليس من نفس والدة العصابة التي تحكم الإمارات الآن وجميعهم إخوة من أم واحدة.
مقتل أحمد بن زايد وقصة خلافه مع منصور ومحمد بن زايد
كان الشيخ أحمد بن زايد آل نهيان، الأخ غير الشقيق لمحمد بن زايد هو المرشح الثاني، كي يخلف شقيقه خليفة بن زايد بالحكم، وكان يقود صندوقا سياديا داخل الدولة بقيمة 600 مليار دولار، ومن يتحكم بالثروة في الإمارات يتحكم بكل مفاصلها.
وبدأ الخلاف حين قرر شقيقه منصور بن زايد أخذ أموال صفقة “Barclays” الضخمة جداً من جهاز أبوظبي للاستثمار.
استغل منصور بن زايد الصفقة، وسرق مبالغ خيالية من أموال الدولة مما أغضب أحمد بن زايدواشترى منصور أسهم البنك بـ 10 مليار دولار، ثم قام ببيعها بعد أربع سنوات بـ 6 مليار ثم أعاد 4 مليار لجهاز أبوظبي للاستثمار ، واحتفظ بـ 2 مليار لنفسه.قبل ذلك اشترتْ أبوظبي أسهُم ”الستي بانك“ بـ 4 مليار جنية إسترليني بضغط من الولايات المتحدة، 13 دولار لكل سهم أملاً أن تباع بـ 35 دولارا.
الإمارات ،،عراب الخراب
نزلت أسهم ”الستي بانك“ لـ 3 دولارات. وكل هذا الأموال كانت تؤخذ من جهاز أبوظبي للاستثمار الذي كان أحمد بن زايد يرأسه.
غضب أحمد بن زايد من تلاعب منصور بن زايد واستغلال أموال الأجيال الإماراتية لمصلحته الشخصية ولأخيه محمد بن زايد، فواجههما بكل مسؤولية.ا
المعارض السعودي السابق “كساب العتيبي” كشف القصة أثناء إقامته في لندن. وبعدها بأشهر توجه له وفد سعودي بناء على طلب إماراتي،ليتصالح مع النظام السعودي والإماراتي ويعود إلى المملكة ويصير يكيل المديح للنظامين.وأكد “العتيبي” عن مصادر خاصة وموثوقة ـ كما قال ـ أن سبب مقتل أحمد بن زايد هو “الحزام” الذي كان يرتديه في الطائرة. حيث تلاعب به المُتلاعبون و أوثقوا ربطه بقوة فلم يُفتح.
فقُتل.ما يؤكد رواية العتيبي عدة أمور: أولها أن أبوظبي امتنعت عن فتح أي تحقيق بملابسات الحادث. وثانيها: أن مدربه الطيار الإسباني “خوليولوبيث” كان يجلس في الجزء الخلفي من الطائرة الشراعية يقدم شروحات بخصوص كيفية الطيران، فكيف تم فقدان السيطرة على الطائرة ولماذا لم يحاول الطيار إنقاذ الشيخ أحمد بن زايد.
حادث اغتيال أحمد بن زايد ليس الوحيد
وعلى مدار أسبوع كامل بحثت عن اسم مدرب الطيران “خوليو لوبيث” بالإنجليزية والإسبانية وبكل لغات العالم، ولا وجود لأي أثر له على شبكةالنت. ويذكر أن حادث اغتيال أحمد بن زايد ليس الوحيد، فقد توفي سعيد بن زايد وهو في الخمسينات من عمره. وكان يتمتع بصحة جيدة بظروف غامضة جدا إذ نعاه محمد بن زايد زاعماً أنه مات بجلطة دماغية.
كما قتل الشيخ ناصر بن زايد عام 2008، في حادث مشابه لحادث أحمد بن زايد. إذ تحطمت طائرته نتيجة خلل فني في الخليج، وتم تصفيته سريعاً وبصمت شديد.في هذا الوقت كان محمد بن زايد يعمل على تقوية أواصر إخوته من الأم نفسها، ولم يكن خليفة بينهم. وعمل على استبعاد جميع أشقائه كي يستقر الحكم بيديهّ، لكن كان من بين إخوته شخصية وصفت بأنها كانت الأكثر نزاهة من بقية إخوته.
بداية الربيع العربي وتبني الإمارات الثورات المضادة
حين ثار المصريون للإطاحة بالرئيس مبارك، كانت الطائرة الوحيدة التي تحوم في سماء القاهرة هي طائرة إماراتية تقل وزير الخارجية عبدالله بن زايد (العيل كما وصفه عبدالله النفيسي) ساعياً للقائه كي يقنعه بعدم التنحي،مقابل دعم غير محدود من الإمارات.ولم يتوقف الكثيرون وقتذاك عند هذه الزيارة الغريبة لرئيس انتفض ملايين المصريين للإطاحة به، وكانوا لا يزالون يفترشون الشوارع. قد تكون تلك شرارة الثورة المضادة التي أشعلها أبناء زايد ضد تطلعات الشعوب للتحرر من الطغيان، سعيا وراء العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفساد ونشر الحريات.
لكن ما الذي أوجع الإمارات؟
كان البعض يتندر بأن الدولة الأخيرة التي قد تلحق بها الثورات هي الإمارات. فما حاجة شعبها المرفه للثورة؟! وتلك حقيقة اعتقدها الكثيرون، إلى أن بدأت حملة اعتقالات طالت عشرات الإماراتيين، وهم بالمناسبة من نخبة رجال الإمارات منهم المحامي البارز عالميا والمدافع عن حقوق الإنسان، ومنهم خبير اقتصادي عالمي،ومنهم أيضا شيخ من العائلة الحاكمة “القاسمي”. وكان هؤلاء جميعا محل فخر، وتكريم، دولتهم، وربما هذا ما شجعهم على توجيه رسالة إلى رئيس البلاد المغيب، أو الذي أطيح به خليفة بن زايد تطالبه بالإصلاح.
وباعتقال نحو 500 ناشط إماراتي مزق محمد بن زايد النسيج الاجتماعي، الذي يجمع شعبها وعدده صغير جداً، مقارنة بعدد المعتقلين. لم يكن وقتها قد أطيح بالإخوان” بعد، ولم يكن أحد يعرف أن الإمارات هي رأس حربة الثورات المضادة، وأنها دخلت في الفلك الصهيونيوأصبحت عاصمة المؤامرات، وملتقى الأمنيين،والجواسيس، ورموز الأنظمة الساقطة، أو الدولة العميقة، وأسر الطغاة والمجرمين. من محمد دحلان، وأحمد شفيق، وأحمد علي عبدالله صالح،مرورا بأقرباء بشار الأسد، ووصولا لضباط كبار في استخبارات الأنظمة السابقة في ليبيا وتونس.
واتضحت بعد ذلك الأدوار!
وكان أول ظهور علني حين نشر (العيل) عبدالله بن زايد صورته يتوسط منظمي حركة “تمرد” التي ساهمت في صنع مسرحية الخروج للإطاحة بأول رئيس منتخب، ولم تكن هنا المصيبة بل كانت حين طلب الجيش من الشعب أن يخرج يناشده العودة إلى الحكم تحت زعم محاربة الإرهاب!
كانت كل هذه المخططات هي مخططات صهيونية بالأصل تجرى في أبوظبي بما فيها تحريض،ودعم ومساندة مجزرة فض متظاهري رابعة، والنهضة.
لم تكن الإمارات تخشى من ثورة شعبية تسقط حكم آل نهيان، فكما قلنا شعب الإمارات يضيع بين ملايين الوافدين، ومع ذلك استبقت أي محاولة بحملة اعتقالات، ومحاكمات لشخصيات إماراتية إسلامية تم تكريمها من الدولة سابقاً،وتمت محاكمتهم جميعاً بتهمة محاولة الانقلاب على الحكم، فيما أصغرهم يبلغ من العمر 30عاماً، ومعظمهم من حفظة القرآن، ولا علاقة لهم بأي جهاز أمني داخل الإمارات. لكن ابن زايد ما كان ليتحمل أي صوت معارض لمخططاته التي لم تكن بعد واضحة وقتذاك وسنوضحها هنا:
لماذا قال محمد بن زايد “لو عرف الإماراتيون ما أفعله لرجموني بالحجارة”؟!
التفت محمد بن زايد نحو ضيفه المسؤول الأمريكي الكبير قائلا: “لو عرف الإماراتيون ما أفعل لرجموني بالحجارة”. كان ذلك قبل الثورات العربية، وبالتحديد منذ أن تمكّن من الانقلاب على أخيه “خليفة” ليستفرد بالحكم.
وهذه المقولة جاءت في برقية مسربة ضمن وثائق “ويكليكس”. ويبدو أن “الشيخ” كان يبالغ أو يحاول أن يظهر للمسؤول الأمريكي أنه مستعدللذهاب إلى أبعد ما تكون الخيانات والانقلابات.
ورغم انكشاف بعض أفعاله لم يرجم الإماراتيون حاكمهم ابن زايد بالحجارة. أرسلت فقط كما أسلفنا بعض النخب الإماراتية التي كانت محلتكريم من دولتها رسالة إلى “خليفة”، قبل أن يقصيه شقيقه عن الحكم،لكن محمد بن زايد رأى أن يحاكمهم بمحاكمة هزيلة، والتهمة المعلبةالجاهزة هي محاولة الانقلاب على الحكم، وزج بهم جميعاً وبينهم واحد من الأسرة الحاكمة بسجن “الرزين” الذي نافس سجن “غوانتنامو” ببشاعته.
يقال إن “محمد دحلان” مستشاره ورجل الاستخبارات العالمية المفصول من “فتح” والهارب من القضاء نصحه بذلك. فابن زايد للعلم لا يثقبعائلته. ومن الغباء أن يثق بأحد من أقربائه وهو الذي ينتمي لعائلة اشتهرت بغدر الأشقاء وأبناء العم.
وهذا ما يفسر كيف استعان ابن زايد بعد الانقلاب على أخيه خليفة بضباط المخابرات، و مستشاري السوء، والتآمر ، والفوضى، من الأنظمة الهالكة، لينهضوا بالدول العميقة ويطلقوا الثورات المضادة .
وهذا أيضا يرتبط بحقيقة كشفت عنها وثيقة أخرى مسربة، تظهر عدم ثقة ابن زايد حتى في جيشه، إذ قال -حسب الوثيقة- “إن شيخاً في جامع يستطيع تحريك 60٪ من أفراد الجيش الإماراتي. حينها نصحه المستشارون بجلب المرتزقة من جيش كولومبيا، والاستعانة برجال عصابات“بلاك ووتر”، ومجرمي الحرب في العراق، كي تحرس قصوره وتحميه من غدر إخوته وأبناء عمومته، وتشارك في حرب مضادة للثورات التي انفق عليها مليارات بلده ناشراً الفوضى والحروب الأهلية، فيما طائراته، خرقاً لكل القوانين، تقصف بلا هوادة الأبرياء في اليمن وليبيا والسودان.
وليس من المهم أن يتوقف المرء بحثاً عما يريده هذا الحاكم الذي جاء في أسوأ عصور العرب، فلا يمكن لهذا الرجل أن يتحرك ويتدخل ويحاصرجارته ويطلق طائراته تقصف الدول بمفرده. ثمة شرطي وحيد للمنطقة هو أمريكا، وكل تحرك أمريكي هو لتأمين مصالح الكيان الصهيوني،قبل مصالح واشنطن. وابن زايد لا ينفذ مخططات فقط، بل ينفق عليها المليارات، ويسير أمور بعض الدول العربية، على أهوائه وحسب أحقاده، من خلال المال القذر الذي ينفقه “سمساره” يوسف العتيبة في واشنطن.
لا شك أن أكثر من عالم تاريخ واجتماع وسياسة سيتوقف عند هذه الصفحة السوداء من تاريخ العرب، في الألفية الثانية. سيكون عنوانها المالوالسلطة والعمالة. إذ أن العميل لحساب واشنطن بدل أن يقبض المال ثمن عمالته أصبح هو الذي يدفع الجزية، مليارات يسرقها من أفواه شعبها الجائع، لا لكي يحمي رعيته، بل ليحمي عرشه. وإن أسوأ ما في هذا العصر أن تولى أمر العرب جاهل مستهتر متصهين يده ملوثة بدماء الأبرياء في اليمن وليبيا ومصر وحتى مالي.
يعرف ابن زايد انه حين يمضي بعض الوقت، وقد يكون أصبح تحت التراب، سيعرف الإماراتيون ماذا جنت يداه؟! ولم يهمه إن رجموا قبرهبالحجارة. لن يهمه ماذا سيقول التاريخ عنه لأنه لم يقرأ كتاب تاريخ بحياته، وهو الذي يشاع عنه أنه “ساقط ابتدائية”. ولم يهمه الدماء التيسالت على يديه، ولا الثورات التي حاربها وأجهض حلمها.
ثمة غرابة في هذه الشخصية الفريدة، إنها تقدم أنموذجاً لما يمكن أن يذهب إليه الحاكم العربي مقابل أن يحافظ على عرشه ولو شيده علىجماجم الملايين.
الثورات المضادة في الوطن العربي.
إذن تزعم محمد بن زايد الثورات المضادة في كل الأقطار العربية التي خرجت شعوبها تنادي بالحريات ومحاربة الفساد، وإنهاء القمع،والاعتقال،تحركه الصهيونية التي كانت تخشى من أي حكم ديمقراطي في الأقطار العربية، وهي التي تعلم أن معظم الشعوب العربية عصية على التطبيع، وبالتالي إن كان صندوق الاقتراع هو الذي سيفرز الحاكم، فإن فرص ظهور حاكم وطني معادي للمشروع الصهيوني كبيرة جداً.
وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي تعلم حدود إمكانياتها، وتأثيرها على العالم العربي، وكان لا بد من توظيف شخصية محسوبة على العرب والإسلام، ويفضل أن تكون الشخصية ذات نفوذ مالي وبالطبع لم يكن هناك أفضل مرشح لهذه المهمة سوى محمد بن زايد الذي عرض خدماته حتى قبل، أن يطلب منه ذلك.
كانت الإمارات تركز على مصر الدولة الكبيرة في المنطقة صاحبة التأثير الإقليمي والثقافي،والسياسي، وكان ابن زايد والصهاينة يعلمون ماذا يعني تولي زعيم وطني عرش مصر ، ولهذا كان الانقلاب الذي خطط له ودعمه السيسي لإزاحة أول رئيس مصري منتخب.
حين ضمن مصر بخضوعها للثورات المضادة بدأ بتوسيع نفوذه في المشرق والمغرب العربي.
ومن هنا جاءت حرب اليمن والتي كان هدف الإمارات منها السيطرة على موانئ اليمن،وإنشاء قواعد عسكرية مطلة على البحر الأحمر ، واحتلال كامل لجزيرة سقطرى اليمنية، وهدف الإمارات لم يكن هو هدف المملكة العربية السعودية، التي أرادت الإطاحة بقوة الحوثيين،فيما كانت الإمارات في فترات كثيرة تتحالف معهم لأن عدوها الأول كان حزب الاصلاح، وهم يمثلون تيار الإخوان المسلمين.
ونلاحظ اليوم التباين والخلافات التي طرأت بين السعودية والإمارات بعد تشكيل تحالفهما القوي للحرب على اليمن وفي مرحلة لاحقة حصار قطر.
محمد بن زايد والتوغل شمال إفريقيا
وخلال حربه في اليمن كان محمد بن زايد يسير بخطى متوازية لنشر النفوذ الصهيوني في المنطقة محاولا جر الدول العربية للتطبيع معالكيان الصهيوني.
وقد حاول في السودان مستغلاً الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، حتى جعل زعيم الجيش وزعيم الميليشيا يتسابقان للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وكانت مهمته في المغرب سهلة جداً. فالملك المغربي لا يختلف عن عقيدة أبيه الحسن الثاني الصهيونية. فالأخير عرف عنه أنه كان يعمل بمثابة جاسوس لدى الكيان الصهيوني، وقام بتسريب محضر لقاء القمة ببث مباشر للصهاينة.
محمد السادس كانت حاجته للكيان الصهيوني،ورضا الولايات المتحدة ملحة جداً، فهو يريد انتزاع اعتراف من قبل الدولتين بضمه للصحراء الغربية، في انتهاك فاضح لما أقرته الأمم المتحدة حول وضع الصحراء الغربية، وأن لأهلها ثقافة وخصوصية تختلف عن المغربيين.
وجد محمد بن زايد المغرب الحليف القوي في شمال إفريقيا له، وللكيان الصهيوني، وعينه منذ سنوات ومنذ رحيل الرئيس بوتفليقة على الجزائر، وهو الأمر الذي جعل الإمارات تعرف جيداً أن الجزائر بفساد النظام السابق قد أفلتت من يديه.
من الجزائر المدللة إلى الجزائر العدوة
كانت الإمارات في عهد الرئيس الراحل بوتفليقة تصف الجزائر بالمدللة، وهذا ليس وداً أو حباً للجزائر بل لأنها كانت مرتعاً لهم للنهب والفساد.
الصهيونية والجزائر
لم يكن تبدد نفوذ محمد بن زايد في الجزائر هو السبب الوحيد لعدائه لهذا البلد. بالحقيقة كانت الصهيونية تعمل جاهدة لكسر صخرة الجزائر،وكانت معاهد الفكر في الكيان تصنف الجزائر بأنه أكثر البلاد العربية عصية على التطبيع، وإقامة العلاقات حتى لو حصل الفلسطينيون على دولة مستقلة.
الجزائر بتاريخها لا تعد النموذج الذي يريد الكيان الصهيوني رؤيته يشق طريقه للتطور،والازدهار. فالبلد تحمل إرثا طويلاً من النضال والتضحيات، وأكثر من مليوني شهيد، لم يسلم فيها الجزائريون ولم يتخلوا عن موطنهم واستقلالهم.
هذا النموذج ليس بالجيد الذي يمكن أن يشكل قدوة للشعوب التي تحت الاحتلال، أو تديرها أنظمة عميلة. الصهاينة تعجبهمة أنظمة مشيخات، وظيفية، بدون تاريخ وشيوخها ضعاف يحتمون بالأجنبي ولا يثقون ببني جلدتهم.
كيف تتغلغل الإمارات في شمال إفريقيا
أنشأت الإمارات وستقوم بتشغيل مستشفى ميداني جديد بتكلفة 50 مليون دولار أمريكي في تشاد، وهو المستشفى الثاني الذي تفتتحه الإمارات في المنطقة.
خبر تتناقله وكالات الأنباء يحمل في طياته أنه عمل إماراتي خيري، لكن سرعان ما ستكتشف أن كل الأعمال القذرة التي تقوم بها الإمارات تغليفها بغلاف إنساني، فيما تخفي مخططات إجرامية.
في تشاد هناك تدفقات ضخمة للاجئين من الصراع في السودان وهو صراع تسببت فيه الإمارات نفسها، ومولت ودعمت بالسلاح، والمال،والمرتزقة، قوات “الدعم السريع” التي ترتكب جرائم حرب في حق السودانيين.
الإهتمام الإماراتي بشرق إفريقيا ازداد في الوقت الذي تحاول فيه الدولة تطوير روابط تجارية، وتأمين الوصول عبر “مضيق باب المندب” الاستراتيجي في البحر الأحمر.
وقد ازداد هذا الاهتمام بعد عقد اتفاقيات عديدة مع الجانب الإسرائيلي تضمنت اتفاقيات تعاون وشركات تجارية خارج أرض الإمارات، فيماتخفي مخططات سرقات لثروات إفريقيا من المعادن والذهب والسيطرة على كامل المغرب العربي بعد تفتيت المشرق العربي.
في القرن الإفريقي، ساعدت موانئ دبي العالمية، وهي شركة لوجستية عملاقة مقرها دبي، في تطوير ميناء بربرة في منطقة “أرض الصومال” المتمتعة بالحكم الذاتي في الصومال.
ومن الناحية الدبلوماسية أيضًا، دعمت الإمارات اتفاق يناير/كانون الثاني، الذي منح إثيوبيا حق الوصول إلى “ميناء بربرة”، على الرغم منالمعارضة المصرية القوية. وبرزت إثيوبيا كحليف مهم لدولة الإمارات في المنطقة، حيث ورد أن الأخيرة زودتها بطائرات مسلحة بدون طيارلمساعدة الجيش الإثيوبي في الصراع في منطقة “تيغراي” الإثيوبية.
هذا التعاون يفجر مسألة مهمة تتعلق بمخطط تدمير مصر الذي عمل عليه محمد بن زايد لمصلحة الصهاينة، منذ دعمه للانقلاب الذي قام به عبدالفتاح السيسي، ويخفي جوانب تتعلق بسد النهضة بعد تنازل السيسي عن مياه النيل بمباركة “ابن زايد” الداعم القوي لإثيوبيا.
كما أبرمت الإمارات اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع كينيا في، فبراير 2024.وفي تنزانيا المجاورة، فازت موانئ دبي العالمية بمناقصة في أواخر عام 2023، لتحديث وتشغيل جزء من “ميناء دار السلام”. وهذا يرقى إلى مستوى العلاقات التجارية والأمنية الكبيرة في شرق إفريقيا.
ستستمر الإمارات بتوسيع الروابط التجارية والاستثمارية في شرق إفريقيا بالتعاون مع الكيان الصهيوني، على الرغم من أنها ستواجه منافسة على النفوذ من قوى أجنبية أخرى، بما في ذلك الصين والسعودية.
ويثير نشاطها بعض الانتقادات دوليا، وقد يؤدي إلى هجمات ضد رعاياها أو منشآتها. إذ قتل في فبراير/شباط، ثلاثة أفراد عسكريين إماراتيين، في الصومال على يد جماعة الشباب المسلحة.
محاصرة الجزائر
كما أسلفنا للشيطان دور مهم منوط به وهو تفكيك دول شمال إفريقيا والمغرب العربي الكبير.
بدأ ابن زايد وهو واجهة الموساد، في دعم الانقلابي الليبي خليفة حفتر، واستطاع أن يمزق ليبيا بحرب أهلية قتلت عشرات الآلاف من الليبيين.ولم يسلم السودان من حرب طاحنة من خلال دعم ابن زايد لقوات الدعم السريع التي ارتكبت الفظائع من جرائم قتل واغتصاب وحرب تجويع.
في هذه الأثناء، كانت الإمارات تعزز علاقاتها مع المغرب الذي نقل علاقته مع الكيان الصهيونيإلى العلن، وصار حليفا قوياً للإمارات ووقع البلدان اتفاقيات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار.
هل الامارات لها كل هذه القوة لمحاصرة الحزائر؟
عبر التاريخ، ظلت جمهوريتي مالي والنيجر من حلفاء وأصدقاء للجزائر. وظلت الأخيرة الدولة الإقليمية المهمة والقادرة على حل النزاعات وضمان السلم.
لكن فجأة انقلبت مالي على حليفها الجزائر بعد أن تلقت دعماً مالياً وعسكرياً من الإمارات التي كانت تفرض نفوذها بتحالفها مع قوات فاغنرالروسية، وألغت اتفاقية عام 2015 وقالت للجزائر بما معناه قد انتهى دوركم للأبد.. الآن معنا روسيا، والإمارات، والمغرب.
وبعد طرد الفرنسيين من دول شمال أفريقيا، حلّ محله تحالف آخر هو تحالف روسي إماراتي صهيوني، في النيجر، ومالي، وتشاد، وبوركينا فاسو.
كانت هذه طامة كبرى للجزائر لأنها قد تفضي مثلاً إلى بناء قاعدة عسكرية إماراتية على حدود الجزائر ومالي، وبالنظر إلى الخريطة وجدتالجزائر نفسها تحت حصار إماراتي صهيوني يمتد من تونس وليبيا ومالي وموريتانيا والمغرب وربما قريبا النيجر التي لديها فيها قاعدة عسكرية.
وهذه القاعدة العسكرية بعيدة عن الجزائر نحو 300 كيلو متر، ومن السهل استخدامها لإطلاق الطائرات المسيرة التي قد تستهدف مواقع حيوية في الجزائر.
إذن، خسرت الجزائر مالي وقد تخسر النيجر أيضاً وصارت تتلقى تهديدات علنية من خلف حدودها مع مالي من العسكر الذي طالما دعمتهم.
بالمقابل، تصاعد خلاف الجزائر والمغرب حيث استقوت الأخيرة بالدعم الصهيوني والإماراتي وشكلت تهديداً حقيقيا للجزائر بعد أن وجدت الإمارات في الخلافات حول قضية الصحراء الغربية ثغرة واسعة ساعدتها على أن تتمدد بشمال إفريقيا.
ولعل هذا يفسر تصريحات زعيمة حزب العمال الجزائري لويزة حنون التي هاجمت فيها الإمارات وطالبت بلادها بتجميد علاقتها مع الإمارات.
وهذا أيضا ما يفسر تصريحات الرئيس الجزائري الذي لمح في رمضان الفائت لدور الإمارات في استهداف بلده.
الجزائر اتخذت سياسة الهدوء والنفس الطويل ضد الإمارات لأنها تعلم أن معركتها ليست مع دولة مارقة، وليدة الأمس وتدرك جيداً أنها دولةوظيفية، تنفذ مخططات لقوى أكبر على رأسها الصهيونية وحجم العداء للجزائر يكاد يكون متساويا بين ثلاثة أضلع تستهدف الجزائر
بمخططات خطيرة وهي: إسرائيل والمغرب والإمارات