الحملة الانتخابية للرئاسيات الجزائرية لعام 2024 تجري في أجواء تحمل الكثير من الأمل والتطلع نحو مستقبل أفضل. المواطنين الجزائريين يتابعون بترقب وحماس سير هذه الحملة، التي تعتبر فرصة هامة للنقاش والحوار حول مستقبل البلاد، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
هذه الحملة تتميز بالتركيز الكبير على القضايا الاقتصادية التي تمثل همًّا رئيسيًا للمواطنين. منذ البداية، تصدرت وعود تحسين الأجور وتوفير فرص العمل وتوفير السكن برامج المرشحين، حيث تباينت هذه الوعود بين تعزيز الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية، وبين تقديم رؤى جديدة لبناء اقتصاد قوي ومستدام. الاقتصاد الوطني، الذي يعتمد بشكل كبير على الثروات الطبيعية، وخاصة النفط والغاز، يحتاج إلى تحول جذري نحو التنوع والابتكار. لذلك، تجد كل المرشحين يتفقون على أهمية بناء اقتصاد متين يضمن للجزائر مكانة متقدمة على المستوى الدولي.
في هذا السياق، تناول المرشحون قضية محاربة التضخم وتقليص البطالة وتنويع مصادر الدخل الوطني بعيداً عن الاعتماد على العائدات النفطية. وقد أكدوا في حملاتهم على ضرورة تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومعالجة الأزمات الاقتصادية التي تواجه البلاد بسبب التغيرات العالمية. هذه القضايا كانت دائماً في صدارة اهتمامات الشعب الجزائري، ولهذا كانت محور النقاشات في التجمعات الشعبية خلال الحملة الانتخابية.
الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يسعى لولاية ثانية، يركز حملته على نتائج ولايته الأولى، مشيراً إلى تحقيقات مكافحة الفساد واسترجاع الأموال العامة، فضلاً عن تحسين الميزان التجاري للبلاد. حملته تستند إلى هذه الإنجازات كقاعدة قوية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام. يتعهد تبون في حالة فوزه بتطبيق برنامج اقتصادي يعتمد على تنمية الصناعات المحلية وتوسيع نطاق المشروعات الكبرى، مع التركيز على الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي. كما يرى تبون أن الحفاظ على التوازن بين الاقتصاد الحر والمحافظة على الدعم الاجتماعي للفئات الفقيرة والمتوسطة يعد من أبرز التحديات التي يواجهها.
أما المرشح يوسف أوشيش، فيسعى إلى تنظيم الاقتصاد الجزائري على أسس علمية والتخلص من اقتصاد البازار الذي يعتبره عقبة أمام التقدم الاقتصادي. يركز برنامجه على تعزيز الوضع السياسي الحالي وتحقيق توازن اجتماعي من خلال تقديم منح مالية للنساء غير العاملات وزيادة الحد الأدنى للأجور. يرى أوشيش أن هذه الخطوات ستسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية، معتمداً على الموارد البترولية لتمويل هذه الإجراءات. كما يطمح إلى زيادة قيمة العملة الوطنية ورفع الصادرات خارج قطاع المحروقات إلى 40 مليار دولار، مما سيسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
المرشح عبد العالي حساني شريف، من جهته، يضع حماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة في سلم أولوياته، مع التركيز على المنافسة العادلة وتشجيع الصيرفة الإسلامية وتوزيع الثروة بشكل متوازن. يعتقد شريف أن تحقيق هذا التوازن سيسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل ملموس، مؤكداً على ضرورة أن تكون هذه السياسات مبنية على أسس علمية ودراسات دقيقة.
التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر تتطلب من الرئيس القادم وضع استراتيجيات دقيقة لتنفيذ هذه الوعود وتحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة. ومن هنا تأتي أهمية التفاعل بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية لضمان نجاح البرامج المطروحة.
الحملة الانتخابية الحالية لا تقتصر فقط على تقديم وعود اقتصادية، بل تشمل أيضاً مناقشة القضايا الاجتماعية المرتبطة بتحسين مستوى المعيشة وتوفير الخدمات الأساسية. هذه الحملة تعكس رغبة قوية لدى المرشحين في إحداث تغيير حقيقي يمس حياة المواطنين بشكل إيجابي.
مع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى السؤال الأهم هو مدى قدرة المرشحين على تنفيذ وعودهم وتحقيق تطلعات الشعب الجزائري. كل مرشح يقدم برنامجه برؤية مختلفة، لكن الهدف المشترك هو بناء جزائر قوية اقتصادياً واجتماعياً. هذه الحملة الانتخابية تبرز كفرصة مهمة لإعادة النظر في الأولويات الوطنية وتحديد مسار جديد للتنمية في البلاد. الشعب الجزائري ينتظر بفارغ الصبر رؤية النتائج على أرض الواقع، حيث الأمل معقود على القيادة القادمة في تحقيق تقدم ملموس يقود الجزائر نحو مستقبل مشرق.