في حلقة جديدة من البرنامج الإذاعي الأسبوعي “الساحل وإفريقيا” الذي يُبث على إذاعة إفريكا إف إم، تم التطرق إلى موضوع الهجرة غير الشرعية من المغرب، والمعروفة بظاهرة “الهروب الكبير”. كان ضيف الحلقة الدكتور عبد القادر سوفي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حيث ناقش مع مقدم البرنامج، السيد رضا شنوف، الأسباب والتداعيات التي أدت إلى هذا الهروب الجماعي لآلاف المواطنين المغاربة نحو جيب سبتة الإسباني.
افتُتحت الحلقة بمقدمة موسيقية هادئة، تلاها تعريف البرنامج وما يهدف إلى مناقشته من قضايا سياسية وأمنية تخص منطقة الساحل وإفريقيا. ثم بدأ المقدم بالحديث عن “الهروب الكبير”، والذي وصفه بأنه يوم غير مسبوق في تاريخ المغرب وربما في العالم، حيث شهدت مدينة الفنيدق المغربية توافد آلاف المواطنين من مختلف الأعمار، بما فيهم الأطفال والنساء، متجهين نحو سبتة في هجرة غير نظامية ولكنها علنية. هذا التحدي الصارخ لقوات الأمن المغربية أثار جدلاً واسعاً داخل المغرب وخارجه، خاصة بعد تداول صور صادمة تُظهر معاملة غير إنسانية من قبل القوات الأمنية تجاه المهاجرين.
تحدثت الحلقة عن كيفية تفاعل وسائل التواصل الاجتماعي مع هذه الأحداث، حيث بدأت حملات تدعو المواطنين للهروب من بلادهم، مما أدى إلى يوم “الهروب الكبير”. واعتبر العديد من المتابعين هذه الهجرة بمثابة تمرد شعبي ضد النظام المغربي ورفض واضح للظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المغاربة.
وقد استضاف البرنامج الدكتور عبد القادر سوفي، الذي وصف المشهد بأنه “مهول ومريب”، معبراً عن دهشته من كيفية اتفاق هذا العدد الكبير من المواطنين على الهجرة الجماعية، مشيراً إلى أن ذلك يعكس تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المغرب. وأضاف أن الشعب المغربي يعاني من ضغوطات كبيرة، بدءاً من الفقر المدقع وارتفاع الأسعار وصولاً إلى الوعود الحكومية التي لم تتحقق.
وأوضح الدكتور سوفي أن هذا “الهروب الكبير” يأتي بعد مرور عام على زلزال الحوز الذي ضرب المنطقة، ورغم المساعدات الكبيرة التي قدمتها الدول لمساعدة المتضررين، إلا أن تلك المساعدات لم تصل إلى مستحقيها، مما زاد من حالة الإحباط واليأس لدى الشعب المغربي. وتابع قائلاً إن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في جميع المواد الأساسية، جعل من الحياة في المغرب غير قابلة للتحمل، وهو ما دفع هؤلاء المواطنين للهروب بشكل علني.
وفي تعليق له على مشاركة النساء والأطفال في هذا الهروب الجماعي، قال الدكتور سوفي إن ذلك يعكس مدى اليأس الذي وصل إليه الشعب المغربي، مشيراً إلى أن هذه الهجرة ليست سرية وإنما هي “هروب علني” من واقع مرير. كما أشار إلى أن هذه الأحداث تذكر بممارسات الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، خاصة بعد تداول صور المهاجرين المغاربة الذين تعرضوا للتعذيب والإهانة.
من جهة أخرى، تطرقت الحلقة إلى تصريحات خديجة عيناني، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تحدثت عن الأسباب التي دفعت هؤلاء الشباب، وكان عددهم بالآلاف، لمحاولة الهروب من المغرب، مشيرة إلى أن التعامل الأمني مع الأزمة الاجتماعية كان قمعياً وغير إنساني. كما أكدت عيناني على ضرورة متابعة المسؤولين عن هذه الأحداث قضائياً، وطالبت بالإفراج عن المعتقلين الذين اعتبرتهم ضحايا لسياسات النظام المغربي.
وأضاف الدكتور سوفي أن الهروب الجماعي الذي شهدته مدينة الفنيدق يوم 15 سبتمبر ليس إلا تعبيراً عن حالة الإحباط الشديد التي يعيشها الشعب المغربي، وأن هذا الهروب الجماعي هو إنذار للحكومة المغربية التي فشلت في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.
واختتمت الحلقة بمناقشة تصريحات أخرى لجمعيات حقوقية، التي أكدت على أن موقف السلطات المغربية يُكرس لاستمرار الاستعمار الإسباني للمدينتين سبتة ومليلية، وهو ما اعتبرته تخلياً عن المطالب المشروعة باسترجاع المدينتين.
في نهاية الحلقة، وجه السيد رضا شنوف شكره للدكتور عبد القادر سوفي على تحليله العميق للأوضاع في المغرب، متمنياً أن تحظى هذه القضية بالاهتمام الذي تستحقه من قبل الرأي العام الدولي والمحلي. كما دعا المستمعين إلى متابعة باقي برامج إذاعة إفريكا إف إم عبر تطبيق القناة المتاح على متجر بلاي ستور، مؤكداً أن البرنامج سيستمر في مناقشة القضايا الهامة التي تمس منطقة الساحل وإفريقيا.
By Hope & Chadia