وهران – يشهد قطاع التعليم العالي في الجزائر تحولًا جذريًا مع إطلاق مشاريع طموحة للرقمنة وتعزيز الابتكار التكنولوجي. خلال زيارته لجامعة وهران 1 “أحمد بن بلة”، أبرز وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، أن الرقمنة بدأت تؤتي ثمارها، حيث أصبحت الأهداف المتعلقة بـالكفاءة، السرعة، وتبسيط الإجراءات واقعًا ملموسًا. من أبرز النجاحات في هذا السياق، تحويل المكتبة المركزية إلى أول مكتبة رقمية بالكامل، حيث يمكن للطلبة والباحثين الوصول إلى الوثائق والكتب باستخدام شرائح رقمية ذكية. هذه المبادرة التي تمثل قفزة نوعية في تحسين البيئة الأكاديمية سيتم تعميمها على كل المكتبات الجامعية الوطنية بحلول نهاية مارس المقبل.
إلى جانب الرقمنة، تُولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا بتطوير التخصصات الأكاديمية التي تخدم الاقتصاد الوطني. في هذا الإطار، دُشّن معهد علم الإجرام بجامعة وهران 1، وهو الأول من نوعه على المستويات الوطني، العربي، والإفريقي. يهدف هذا المعهد إلى دراسة الجريمة وأسبابها، والبحث في الجرائم السيبرانية، المالية، والطب الشرعي، مما يعكس رؤية أكاديمية تهدف إلى معالجة القضايا الأمنية والاجتماعية من منظور علمي.
خلال اختتام فعاليات المدرسة الشتوية للبرمجيات الحرة “لينوكس”، شدّد الوزير على أهمية التكنولوجيا الحديثة في دعم التحول الرقمي الوطني، مشيرًا إلى أن الأمن السيبراني يشكّل تحديًا محوريًا يجب رفعه لضمان نجاح هذا التحول. هذا التوجه يدعمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي يضع في صميم برامجه تعزيز الريادة الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتطوير الابتكار.
الجامعات الجزائرية أصبحت اليوم حاضنة للأفكار الإبداعية ومصدرًا رئيسيًا للمشاريع الاقتصادية الناشئة. أكد الوزير على ضرورة مرافقة الطلبة وأفكارهم لتحويلها إلى منتجات قابلة للتسويق، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. تم بالفعل تخصيص مكاتب في جامعة وهران 1 لعدد من الطلبة أصحاب المشاريع الناشئة، مع تسليم شهادات لـ 70 طالبًا شاركوا في مدرسة البرمجيات الحرة، مما يُبرز الدور المتنامي للجامعات في تنمية المواهب الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، شدّد الوزير على أن البحث العلمي يجب ألا يقتصر على الجانب الأكاديمي فقط، بل ينبغي أن يكون له قيمة اقتصادية مضافة. مشروع المنشأة البحثية للكيمياء الخضراء في مجمع “عبد المالك مرتاض” هو نموذج آخر يوضح كيف يمكن للجامعات المساهمة في التنمية المستدامة. دعا الوزير إلى توجيه مثل هذه المنشآت نحو مشاريع تساهم في النمو الاقتصادي الوطني وتعزز من قدرة الجزائر على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
التحول الرقمي في الجامعات ليس مجرد هدف مؤقت بل هو رؤية استراتيجية طويلة الأمد. بالاستثمار في الرقمنة، الابتكار، والأمن السيبراني، تثبت الجامعات الجزائرية أنها ليست مجرد مراكز تعليمية، بل هي قواعد أساسية للتنمية الوطنية. هذه الرؤية الطموحة تسعى لجعل الجزائر بلدًا قادرًا على منافسة الاقتصاديات العالمية، مما يعزز مكانتها كقوة صاعدة في مجال التكنولوجيا والمعرفة.
Hope&ChaDia