كان كريم بلقاسم من الشباب المتحمس لاستعمال القوة العسكرية ضد المستعمر، مثله مثل أقرانه من مناضلي حزب مسالي حاج MTLD و لا يؤمن كثيرا بالنضال السياسي، رغم ان هذا النضال الحزبي كان هو من شكل و صاغ تلك الشخصيّات الثورية التي امتاز بها ابطلنا مفجِّري ثورتناالمجيدة.
كانت فرنسا قد دخلت في عهد جديد بعد الحرب العالمية الثانية، حيث راح سيّاسيّوها ، خاصة الحزب الشيوعي الذي ذاع صيته بعدما كان للإتحاد السوفياتي من دور محوري في هزم المانية النازية… فشكلت هذه النخب السياسية ما اصطلح على تسميته بالجمهورية الرابعة في أكتوبر 1946…
و كان وقتها موضوع الجزائر من أهم ما جائت من اجله جمهوريتهم الرابعة لان خيرات الجزائر لا يُستغنى عنها و كان، للحفاض على ديمومتها ،لزاما عليهم إضفاء شيئ من اصلاحات سياسية على المشهد الجزائري البائس الذي خرج من الحرب العالمية منتصرا لفرنسا الاستعمارية … فعِوَض مكافئة الجزائريين ،راح المستعمر يقتِّل فيهم تقتيلا إبان مجازر 8 ماي 1945
و من بين أهم القوانين التي ساغها برلمان الاستعمار، هو ما سُمي حينها بالقانون التنظيمي للجزائر و هذا ضمن قوانين عضوية انبثقت عن دستورهم الجديد : “statut de 1947” حيث صودِق عليه في سبتمبر 1947.
و أصبح للجزائر بموجب القانون السالف الذكر محافظ حاكم يُعيَّن من باريس مباشرة و برلمان منتخبا ينقسم الى قسمين طبعا (1er et 2ème collège). و جاء فيه: نذكر اهم المواد
الفصل الثالث: فعنوانه المجلس الجزائري و تضمن 11 مادة و هي:
المادة11 :يتألف المجلس الجزائري من مواطنين الجزائر الذين ينتخبون انتخاب
سري مباشر لمدة 4 سنوات و هو يتألف من 120 عضوا.
المادة12 :يقسم الهيكل الانتخابي إلى هيئتين انتخابيتين مختلفتين.(واحد أوربي مجنّس فرنسيا و الثاني جزائري أصلي indigène)
المادة13 :يتألف المجلس الجزائري بصورة انتقالية من 60 ممثلا للهيئة الانتخابية
الأولى و60 ممثلا للهيئة الانتخابية الثانية…
الستين نائبا أوربيا ينتخب عليهم 63.194 ناخب ،بينما الستون نائبا مسلما ينتخب عليهم باقي الشعب (اكثر من 2 مليون ناخب).. و أُضيف للتقسيم الأداري الاستعماري القديم 4 ولايت من الجنوب، كما في الصورة.
نت الإنتخابات التشريعية في افريل 1948 و طبعا تخللها كثيرا من العنف لعدم قبول “الأهالي” التصويت فكانوا يُساقون قصرا … غير ان كريم بلقاسم كان له رأي آخر، فالرجل أقنع الناس بعدم التصويت و انصاعوا طوعا لما دعاهم له…فحدث ما حدث و قتل 8 جزائريين في المناوشات و كان هذا بداية كريم بلقاسم في العمل المسلح حيث اغتال قايد جزائري تابع للادارة الفرنسية، فكُشِف امره و حوكِم غيابيا بالاعدام وعدها صعد للجبال مع ثلّة من المقربين و بدأوا في العيش السري و المنظمة الخاصة التي يشرف عليها آيت أحمد بعد إشتداد مرض السل على محمد بلوزداد.
يتبع…