Home تاريخ و تراث سوق أهراس المدينة الجزائرية العتيقة

سوق أهراس المدينة الجزائرية العتيقة

by Mohamed Redha Chettibi
0 comment
A+A-
Reset
تعاقبت على ولاية سوق أهراس عدة حضارات من القدم إلى يومنا هذا ، وتعتبر كتابا تاريخيا مفتوحا ثري جدير بالإطلاع و التمعن ، و بدراسة ما خلفته هذه الحضارات يتبادر إلى ذهنك عبقرية وذكاء سكانها القدامى ، وعمق تاريخها و أصالتها الضاربين في القدم ، بداية من عصور ما قبل التاريخ ، إلى الفترة النوميدية ،الفينيقية ،الرومانية ،البيزنطية ،والوندالية ، إلى غاية الفتوحات الإسلامية.
ولو تمعنا كثيرا في الأطلال المترامية هنا وهناك في ولايتنا لتبادر إلى ذهننا عظمة كل حضارة من هذه الحضارات ولتبين لنا بصمة كل حقبة من هذه الحقب التي تجعل ولايتنا في مصاف الولايات التي تزخر بموروث ثقافي رائع والأكثر من الناحية الأثرية.
أصل تسمية سوق أهراس هو امتزاج كلمتين الأولى عربية وهي “سوق” والثانية بربرية” أهراس” جمع “أهر” وهو” الأسد” كما عرفت بإسم طاغاست الرومانية ، والتي اشتقت بدورها من التسمية الرومانية “تاقوست” بمعنى الكيس نظرا لوقوعها في السفوح بين ثلاث جبال وسميت أيضا بالسكرة ، والقصر الإفريق ، كما سميت أولى القبائل المستقرة بها باسم “تيرينا” و”بابيريا” ثم سكنتها قبائل الحنانشة والحراقط [الحراكتة] .
فترة ما قبل التاريخ
نظرا لقرب طاغاست جغرافيا من أكبر الحضارات وهي الحضارة العاترية بتبسة و القفصية بتونس شهدت أثار الوجود البشري خلال هذه الفترات وذلك من خلال النقوش الحجرية بالموقع الأثري كاف المصورة والذي يعتبر من نوادر الفنون الصخرية بشمال إفريقيا ومن شواهد ما قبل التاريخ أيضا الرسومات الليبية لموقع كاف رجم بضواحي سدراتة.
الفترتين البونيقية والنوميدية .
سكن طاغست البربر المعروفين بالنوميديين وهم السكان الأصليون للمنطقة ، وقد كانت لهم علاقات وطيدة مع البونيقيين [القرطاجيين] ارتكزت أساسا على التجارة وتبادل السلع ، وهذا ما جعل قرطاج ترسل جالية بونيقية لبناء مدن رئيسية بالمنطقة وهي طاغست ، مادور ، وتيفاش أخذ النوميديون عنهم تقنيات متطورة في الفلاحة ، البناء والتعمير كما تأثروا ببعض معتقداتهم وطقوسهم ، لتمثل فيما بعد امتداد ثقافيا وجغرافيا لها ، وظهرت خلال هذه الفترة أيضا مملكتين بربريتين عظيمتين هما ماسيليا ومامسيسيليا التي حكمها على التوالي الإغليد ماسنيسا وصفاكس ، وتواجدت هاتين المملكتين تحت حكم ماسنيسا بعدما هزمت روما قرطاج وحليفهما صفاكس إثر معركة زاما التاريخية .
الفترة الرومانية
بسطت روما نفوذها على طاغست حوالي القرن الأول ميلادي بعدما اصطدمت مصالحها بطموح ماسينيسا ورغبته في استقلال نوميديا عن وصايتها ، عندما استقل الرومان بطاغست شيدوا العديد من الحصون والمدن لجاليتهم من مدنيين وقدماء الجنود على غرار طاغاست مادوروس تيبازة نوميداروم [تيفاش] تاقورة [تاورة] سيفيتاس بوبتونسيس[هنشير قصيبة] و توبورسيكوم نوميداروم[خميسة]، أدرج الرومان طاغست ضمن إقليم أفريكا نوفا ، وعاصمته هيبون[عنابة]، وعندما أعيد تنظيم الإمبراطورية الرومانية حوالي 27م ضمت إلى إقليم إفريقيا البروقنصلية وعاصمته قرطاج صدر الرومان خيرات المنطقة نحو عاصمة الإمبراطورية واعتبرت طاغست خزانا للثمرات والأنعام ، فإلى جانب استنزاف مواردها الفلاحية من قمح وشعير وزيتون استغلت حيوانات المنطقة كالأسود والنمور للمبارزة ، فيما استعملت عاج الفيلة لتزيين القصور والبيوت الفاخرة شن السكان المحليون العديد من الثورات أمام هذا الوضع كثورات الجيتول ، تاكفاريناس ، وميزيبا ثم فيرموس ونوبل لتطرد الرومان .
الفترة الوندالية
بعد سنة 430م استعمر الوندال قرطاج عاصمة إفريقيا البر وقنصلية واحتلوا المدن الرومانية بطاغست ، إستخلفوا الرومان في تسيير العقارات والأراضي الفلاحية وكذا جمع الضرائب من ملاكها الرومان والنوميديين ، لم يدم حكم الوندال طويلا بطاغست حيث ثار سكانها ليضع البيزنطيون حدا لتواجدهم بالمنطقة حوالى534م .
الفترة البيزنطية
حوالى534م استخلف البيزنطيون الوندال في طاغست وقد كان هدفهم من ذلك ، استعادة مخازن الثروات لتموين القسطنطينية ، عمد البزنطيون لتحصين وجودهم بالمنطقة وبذلك شيدوا القلاع الضخمة وسوروا معظم المدن اتقاء تمرد البربر وهذا يبدو جليا بكل من خميسة ومادور ، وكانت الثورات المستمرة للنوميديين التي اشتدت رحاها في عصر الكاهنة وإييابداس أدت إلى انحلال الوجود البيزنطي.
الفتوحات الإسلامية
فتح عقبة بن نافع الجزائر ابتداء من الشرق خلال القرن السابع ميلادي ،اصطدمت جيوش الفتح بالقبائل البربرية الثائرة بقيادة كسيلة ودهينة إلى أن تمكنت موجات الفتح الإسلامي وسط سكان المنطقة وهذا ما أدى بهم في نهاية المطاف إلى اعتناقه وخاصة بعدما أيقنوا ألأهداف السامية التي جاءوا بها وعدم تحركهم بنزعة استعمارية أو استطانية لنهب خيرات المنطقة ، ومن شواهد هذه الفترة :الأدوات الفخارية والزليج ذات التزيين العربي الإسلامي ، أما اليوم فيعتبر الإسلام الدين الرسمي بسوق أهراس ولا تخلو المدينة من المساجد البديعة التصميم أو صوت الأذان لأداء الصلاة.
الفترة العثمانية
ضمت السلطة العثمانية سوق أهراس ضمن بايلك قسنطينة الذي تأسس سنة 1537م ،لم تكن للسكان علاقة مباشرة بالعثمانيين غير أنهم دفعوا الضرائب للمخزن بعدما جمعها شيوخ قبائل الحنانشة والحراكتة ، مالت السلطة العثمانية بالمنطقة إلى الفساد والبذخ وهذا ما جعل سكان سوق أهراس ينظمون ثورات للتخلص منها ، ومن أشهرها ثورة الحنانشة ضد باي قسنطينة بقيادة الوزناجي ، ظلت الأمور متدهورة فيما بينها إلى غاية انسحاب الأتراك إثر الاحتلال الفرنسي .
الفترة الفرنسية
احتلت الجيوش الفرنسية سوق أهراس سنة 1843م ، إثر حملتين عسكريتين الأولى من عنابة والثانية من قسنطينة ، شهدت فيما بعد موجات من المعمرين للاستقرار في المنطقة في مختلف نواحي أوربا ، بالمقابل انتفض سكانها ضد الوجود الفرنسي في مقاومات شعبية ومن أشهرها مقاومة الصبايحية سنة 1871م بقيادة محمد الكبلوتي، ومع حلول القرن التاسع عشر ميلادي اتخذت المقاومة قالبا آخر تمثل في النضال الفكري والسياسي بعد ظهور جمعية العلماء المسلمين و لم تجد السبل السابقة في طرد الغزو الفرنسي وهذا ما أدى إلى التفاف سكان المنطقة حول الثورة التحريرية التي اندلعت في01 نوفمبر 1954م لتصبح سوق أهراس مسرحا للعديد من المعارك والعمليات الثورية ، فقد احتضنت مقر القاعدة الشرقية كما دارت بها أحداث ساقية سيدي يوسف التاريخية ، ومعركة سوق أهراس الكبرى لم تخمد نيران الثورة التحريرية المجيدة بالمنطقة إلى أن أنارت شعلة الاستقلال الوطني في 5 جويلية 1962م.
المواقع الأثرية التاريخية:
إن مجال الولاية متنوع بمواقع أثرية تاريخية وهي شهادات على مختلف الحضارات التي تعاقبت على المنطقة منذ مرّ العصور فيكفيها فخرا كونها تعد المهد الذي نشأ وترعرع فيه المفكر الجزائري القديس “أوغسطين” حيث تتوفر الولاية على عدة معالم أثرية منها :
أولا: معلم القديس أوغسطين
زيتونة القديس أوغسطين ذات الشهرة العالمية التي لا تزال شامخة مخضرة لحد الآن بضواحي طاغست كشاهد عن الماضي العتيق لهذه المنطقة من الوطن فهو إبن المنطقة وواضع أسس التفكير للكاثوليكية ، حيث اعتبر هذه الزيتونة أفضل مكان للتفكير والتخمين خاصة أنها تقع فوق ربوة تتميز بهدوء روحاني ملهم وتطل على مدينة طاغاست الرومانية قديما بجانب الزيتونة يتواجد برج كتبت بداخله شجرة العائلة للقديس سانت أوغسطين وكذا أصدقائه القساوسة بجوار الزيتونة شيد متحف يعرض به لوحات نحاسية أنجزت بطريقة رائعة الإتقان تترجم مسار حياة القديس أوغسطين ورحلته الروحانية والفلسفية .
تعتز مدينة سوق أهراس بكونها تعود إلى العهد الذي نشأ فيه المفكر العظيم والفيلسوف العالمي القديس أوغسطين هذا البربري الذي ولد في 13 نوفمبر354م بـ طاغست القديمة من أم مسيحية تدعى “سانتا مونيكا”، وأب وثني لم يعتنق المسيحية إلا في أواخر عمره ويدعى “باتريسيوز” . بدأت رحلته من مدرسة مادور ، فقرطاجنة ، وجال إيطاليا، وأستطاع بفضل كفاءته العلمية أن ينتزع أكبر الدرجات الأكاديمية ، حيث درس بجامعة روما وميدان بإيطاليا ، وغادرها عائدا إلى الجزائر سنة388 م ، متخذا ببلده تاجينسة ديرا للتعبد والتدريس وأضحى مركزه علم وفلسفة ودين ، وفي سنة391 م عّين أسقفا بهيبون [عنابة حاليا] ، حيث أعلن حربا ضد المتطرفين والمتمردين عن الديانة المسيحية دونا تيست.
توفي بهيبون أثناء الاحتلال الوندالي للجزائر في28 أوت430 م مخلفا أعظم فلسفة عاش ومات من أجلها “أن تحب وتكون محبوبا”ومن مؤلفاته :التي تناهز المائتين مصنف كتبها كلها باللاتينية، الاعترافات ،مدينة الإلهة ،وأخرى في الموسيقى وفي الإحسان.
ثانيا: مادور الأثرية [مادوروس]
تعتبر مادور عاصمة أول جامعة في إفريقيا و موطنا للثقافة البربرية والرومانية القديمة برز في مادور علماء ومفكرين بالغوا الأهمية مثل “ماكسيموس” و”أبوليوس” أول روائي في الإنسانية حيث ألف بها “الحمار الذهبي” ذات الصيت العالمي
فهي منطقة أثرية يعود تاريخ تأسيسها إلى العهد الروماني تتربع على مساحة109 هكتار تبعد عن الولاية بـ46 كلم تعتبر مركز إشعاع علمي بفضل معاهدها الخاصة بالتدريس،أحتلها البيزنطيون سنة534، فأسسوا بها قلعة من أبرز مفكريها “أبوليوس المادوري”.
إنّ العثور على كتابات ليبية وقبور محفورة في الحجر على شكل حوانيت تأكد أن مدينة مادور عريقة الأصل يعود جذور تأريخها إلى الحقبة الفينيقية ما بين القرن 4و 5ق م حيث كانت مركزا تجاريا تتبادل من خلاله السلع مع مدينة قرطاج ، عرفت المدينة أوج اقتصادها في عهد الممالك النوميدية، وكان يغمرها سكان ينتمون إلى قبيلة “موسولامى” التي تعيش تحت ضل مملكة “ماسينيسا”، وكانت في تلك الحقبة الزمنية ،أي القرن 3م تعتبر مركز تموين روما بالقمح وزيت الزيتون، وفي القرن 1م توغلت روما إلى شمال إفريقيا ، وبدأت في بناء معسكرات حيث شيّدتا لمدينة الرومانية “مادوروس” على أطلال المدينة النوميدية سنة 75م منحت حكم الإمبراطور “فيسباسيان” ثم إرتقت إلى مرتبة بلدية في عهد “نارفا” سنة 95م ،وقد ساعد الرخاء الاقتصادي الذي عرفته منطقة “نوميديا” في تشييد “مادوروس” التي حضت بجميع المرافق الخاصة بالمدينة الرومانية إذ يشهد على ذلك أثار مبنى الفروم “الساحة العمومية”، بازيليكا”محكمة” ،كودي”بلدية”،حمامات، مسرح ،معابد ،معاصر الزيتون، مدارس، ضريح ذو طبقتين …الخ.
ويوجد على حواف الممر المنازل وكذا المعاصر ومجاري المياه ،ومن بعيد يوجد بناء ضخم هو القلعة البيزنطية و قبل أن نصل إليها يستقبلنا السوق والساحة الدائرية والأعمدة العملاقة ،وهي ما مثل في السابق الفروم أي الساحة العمومية، بجواره البلدية والمحكمة وقاعة الاجتماعات بنيت بحجارة مسترجعة وضعت بطريقة عشوائية مما يجعلنا نرى أجزاء من الحروف الاتينية أو رسوم مقلوبة أو أخرى في غير مواضعها، ويسمح لنا الباب الرئيسي للقلعة الدخول إلى المسرح والاستمتاع بمناظر بانورامية للسهول المجاورة ،ويعتبر مسرح مادور من أصغر المسارح في العالم الروماني وأكثرها ثمنا ، غير أنه بديع التصميم مدرجه نصف دائري ويتكون من نوعين من المقاعد ،فمنهم مخصص للجمهور والآخر للشخصيات المرموقة أنجز المسرح بمال تبرع به أحد أثرياء المدينة “ماركوس غابينوس”ومن المسرح نأخذ ممر “دوكيمانوس”لنصل إلى الحمامات بنيت بحجارة صغيرة مكثفة على الطريقة النوميدية مصنفة على نوعين الصيفية والشتوية ،من أبرز معالم مادور الضريح المتكون من طابقين ،الطابق السفلي غرفة الدفن وأما الطابق العلوي فيشبه إلى حد بعيد تصميم المعابد كما نقش في مواضع مختلفة صور “مركيس “إله التجارة عند الرومان وهذا ما يوحي بالرخاء الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته المدينة ،يمكنهم أيضا مشاهدة بيت الحاكم الماجسترا ،وهناك نقوشات تحمل العديد من الرموز مع معاصر الزيتون ومطاحن القمح صنفت سنة 1968م في قائمة التراث الوطني المحفوظ.
ثالثا: خميسة :
يعود تاريخ تأسيسها إلى مطلع القرن الثاني في عهد الإمبراطور”تراجان” تقع المدينة الأثرية باتجاه القمم العليا للجبال وعلي مقربة من الأودية الثلاث مجردة، كبريت،الدنام،وهي على شكل مثلث .
تعتبر خميسة من أهم المدن الأثرية في الجزائر حيث تقع المدينة في أعلى هضبة متخذة شكل مثلث قاعدته متوجهة نحو الجنوب، وهذه الهضبة شديدة الانحدار،تعتبر المدينة ذات طابع نوميدي إذ كانت تقطنها قبيلة نوميدية تواجدت منذ القرن ق م ،وكان نظام تسييرها قبلي نوميدي ،وأستمر اسمها نسبة إلى القبيلة المعمرة وإن تواجد نقاشات مهداة إلى الآلهة “تانيت”لدليل على تواجد المدينة في عهد البونيقي، وعند استعمار الرومان لشمال إفريقيا بنيت المدينة الرومانية في عهد تراجان على أطلال المدينة النوميدية “تبرسق”فأطلق عليها الرومان اسم “تبرسق النوميدية”، نظرا لوجودها في نوميديا ، لكن صعوبة تضاريسها جعل طبوغرافية الموقع تنعكس سلبا على تخطيط المدينة وتوزيع معالمها .
فهي تختلف قليلا من المخطط النموذجي المتبع في إنشاء المدن الرومانية خاصة على مستوى الشارعين الأساسيين “الكاردو” ،”الديكامانوس”اللذان لا يتعاملان إلا في بدايتها،وتدعي خميسة المدينة ذات الساحتين العموميتين دليل على أن المدينة قد أحدث فيها تطورا اقتصاديا وسياسيا في القرن 11م ،وجعل هذا الساحة القديمة لا تتسع لجميع سكانها، فبنيت الساحة الجديدة إثر ارتقاء المدينة إلى بلدية ومن بين أثارها نجد زيادة إلى الساحتين العموميتين،كابتول،معابد،بازيليكا ،حمامات ،قوس النصر ذو عمودين، خزان المياه،بوابة تيفاش ، مسرح وهو أكبر المسارح الرومانية في الجزائر إذ يتسع لـ 7000شخص،منازل ،سوق ، القصر الكبير.
وعند احتلال المدينة من طرف البيزنطيين سنة 534م، بنيت المعالم الجديدة والتي تتمثل في: الكنيسة ،القلعة، الأبراج . و يشهد الفروم سطحا واسعا تقف به أعمدة عملاقة وجدت بالساحة المحكمة ودار المال ، كما يتواجد بها أيضا أثارا للمنازل والدكاكين والسوق .ويعتبر مسرح خميسة من أجمل و أكبر المسارح الرومانية في شمال إفريقيا يحتفض المسرح إلى اليوم بتفاصيل تصميمه إذ يتكون من مدرجات للمتفرجين وتسمي “كافيا أوركيسترا”منصات شرفية ومكبرات الصوت ،وتشتهر مدينة خميسة بكونها مركز وقوع إحدى أكبر المعارك في 24م التي خاضها البربر الأصليون بقيادة “تاكفاريناس”ضد جيوش هبون الرومانية .
رابعا : تيفاش
عادة ماتبنى المدن النوميدية على قمم الجبال وذلك ليتسنى لسكانها الإشراف على السهول المجاورة لتصدي الهجوم وموقع أثار تيبازة النوميدية المتواجدة على ضلع من منحدر في نهاية سلسلة الجبال التي تطل على سهول تيفاش يعتبر حصن طبيعي للدفاع ضد الغزوات،وإن العثور على الكتابات الليبية و قبور محفورة في الصخر تؤكد أن المدينة ترجع أصولها إلى الفترة البونيقية ما بين القرن 4و 5ق م وإحتفضت المدينة تيبازة النوميدية على أسمها الفينيقي الأصل الذي يعني مكان التوقف ،وفي بداية القرن 11م بنيت المدينة الرومانية في عهد تراجان على أطلال المدينة النوميدية ،وارتقت إلى مرتبة بلدية سنة 173م،وكانت المدينة تحتل موقعا استراتجيا هاما ذات اقتصاد متطور والدليل على ذلك أثار الطرق العديدة التي كانت تصلها بالمدن المجاورة لها ومن بينها الطريق المؤدي إلى [تاورة حاليا] تيفست[تبسة] هيبوريجيوس [عنابة حاليا] ، طاغست [سوق أهراس]، وإن أثار معاصر الزيتون لدليل قاطع على أن المنطقة كانت زراعية تنتج الزيت الذي كان يصدّر إلى ما وراء البحار.
احتل البيزنطيون المدينة سنة 534 م حيث شيدوا القلعة التي تعتبّر بمثابة خط دفاعي إستراتيجي ضد الهجوم ،واستغلت هذه القلعة من طرف “ابن الأشعث”في عهد الفتحات الإسلامية ،فأنشأت بها معسكرا للدولة الأغلبية في القرن الثامن ميلادي، وفي عهد الفاطميين أدمجت تحت لواء الدولة الفاطمية ثم الدولة الزيرية في القرن 8 م، ويعود أصل تسميتها الحالي تيفاش نسبة إلى العالم الجيولوجي “أحمد شهاب الدين التيفاشي”[1253] من مشاهير المنطقة ،كان متطلعا في العلوم الطبيعية والجيولوجية فألف كتابا علميا في دراسة الصخور والحجارة، وأول من وضع موسوعة عربية شملت عدة فنون . وألف كتابا في المعادن والأحجار الكريمة، بالإضافة غلى ذلك كان أديبا وشاعرا، ونذكر من مؤلفاته الدرة الفاتقة في محاسين الأفارقة ،أنهار في دهر الأحجار، متعة الأسموع في عالم السماع ” ،وتبقى آثار الحمامات ، المنازل والقبور والقلعة البيزنطية شاهدا غلى رقي المدينة في تلك الحقبة من الزمن .
خامسا: تاورة
يوجد الموقع الأثري لمدينة تاورة جنوب عاصمة الولاية على بعد 26كلم وتقدر مساحتها بـ 36هكتار يعود تاريخ تأسيس المدينة إلى القرن 2م ، وقد رقيت إداريا إلى مصاف البلديات في العهد الروماني ، اشتهرت ب أسقفتها الكاثوليك خاصة بالقلعة البيزنطية التي تعد الخط الدفاعي الثاني للتل ،لم يبقي منها إلا بعض الجدران وبرجين ،وبجوارها بعض النصب الأثرية أما على حافة الطريق فنجد أثار حائط الكنيسة وحوله بعض الكتابات اللاتينية ذات الطابع الجنائزي بالإضافة إلى العديد من الأطلال الرومانية.
سادسا: هنشير القصيبة
تقع المنطقة الأثرية هنشير القصبية “سيفتاس بوبتانيس”شمال شرق مدينة سوق أهراس على مسافة53كلم في مخرج بلدية الخضارة نحو بلدية أولاد مؤمن ،وتمتد على مساحة 30هكتار ،ومعظم معالمها الأثرية مندثرة تحت الأرض بفعل العوامل المناخية على مر الأزمنة ،أسسها الرومان في القرن2م، حيث بنيت على أنقاض أطلال مدينة نوميدية الفينيقية ،تتميز بموقع إستراتيجي هام عرفت فيها الحياة الاقتصادية انتعاشا ملحوظا في تلك الفترة .تقع المدينة الرومانية غرب الهنشير ،والبارز منها أثارالحمامات الكبري على حافة الطريق وبعض المنحوتات الجنائزية الكبيرة ،وعندما غزاها البيزنطيون شيدوا بها قلعة كانت تعد بمثابة الخط الدفاعي لصد هجومات الغزاة ،لم يبقي من هذه القلعة إلى الجدران الخارجية وبعض أبراج المراقبة .
سابعا : كاف المصورة
معلم أثري يعود إلى ما قبل التاريخ ،ويتمثل في نقوش عملاقة تم دراستها لأول سنة 1892 “برنيل” ،ويرجع تأريخها إلى7000 سنة ق /م ،وتوالت عليها دراسات عديدة من طرف باحثين في الآثار والتاريخ ،وفي سنة 1928م صنفت من طرف “سوليقي”بكونها من أروع مصورات ما قبل التاريخ في موقع شمال إفريقيا ،معتمدا في ذلك على دراسة طبيعة الخطوط العميقة وكبر وضخامة النقوش .
رسوم ومنقوشات في صخرة جبلية وهي عبارة عن لوحة ضخمة ذات 2.93م² ارتفاعا و 15م طولا ،وهي تمثل مشهدا لصيد الأسود تتناول الفريسة المتمثلة في خنزير بجوارها رسومات لثعلبان ينتظران فضلات الفريسة التي يتركها الأسد.
ثامنا : كاف الرجم :
يتواجد هذا الموقع بنواحي سدراتة في جبل المايدة الذي يرتفع بـ 1250م يتضمن رسومات حجرية تعود إلى الفترة النومدية ،تأخذ الرسومات أشكال لخطوط منكسرة ودائرية يرجح أن تكون رموزا بربرية ،بالواجهة الأخرى للصخر توجد نقوش لرمز الصليب بقرب مجري مائي تعود إلى بداية ظهور المسيحية قديما .
تاسعا : تاقاست
تواجدت المدينة العتيقة تاقاست ذات الأصول البربرية على ثلاث تلال هي :تل سيدي مسعود،تل المستشفي ،وتل البلدية قطنها قبيلة بربرية عرفت بإسم بابريا،عندما استقر الرومان بالمنطقة ،احتفظوا بتسميتها ثم رقيت في عهد تراجان إلى بلدية حوالي القرن الأول ميلادي ذكر القديس أوغسطيس وجود العديد من الكتابات بسوق أهراس إلى جانب الكتابات الليبية منحوتات بونيقية، مصابيح برونزية والعديد من الطرق التي تربط المدينة بما جاورها من المراكز الحضرية ،عثر بها أيضا على لوحات فسيفيسائية وتماثيل رخامية ، أثار حمامات صغيرة والعديد من النوابيت الرخامية ، تعرض اليوم بعض أثار تاقاست بإقامة الولاية في تشكيلة أثرية صنفت سنة 1967 م ضمن التراث الوطني المحفوظ.
بقلم الدكتورة : شادية بن يحي مع بعض التعديلات البسيطة من صفحتنا..

You may also like

Leave a Comment

روابط سريعة

من نحن

فريق من المتطوعين تحت إشراف HOPE JZR مؤسس الموقع ، مدفوعا بالرغبة في زرع الأمل من خلال اقتراح حلول فعالة للمشاكل القائمة من خلال مساهماتكم في مختلف القطاعات من أجل التقارب جميعا نحو جزائر جديدة ، جزائرية جزائرية ، تعددية وفخورة بتنوعها الثقافي. لمزيد من المعلومات يرجى زيارة القائمة «الجزائر الجزائرية»

من نحن

جمع Hope JZR ، مؤسس الموقع ومالك قناة YouTube التي تحمل نفس الاسم ، حول مشروعه فريقا من المتطوعين من الأراضي الوطنية والشتات مع ملفات تعريف متنوعة بقدر ما هي متنوعة ، دائرة من الوطنيين التي تحمل فقط ، لك وحماسك للتوسع. في الواقع، ندعوكم، أيها المواطنون ذوو العقلية الإيجابية والبناءة، للانضمام إلينا، من خلال مساهماتكم، في مغامرة الدفاع عن الجزائر الجديدة هذه وبنائها.

ما الذي نفعله

نحن نعمل بشكل مستمر ودقيق لتزويد الجمهور بمعلومات موثوقة وموضوعية وإيجابية بشكل بارز.

مخلصين لعقيدة المؤسس المتمثلة في “زرع الأمل” ، فإن طموحنا هو خلق ديناميكية متحمسة (دون صب في النشوة) ، وتوحيد الكفاءات في خدمة وطنهم. إن إصداراتنا كما ستلاحظون ستسلط الضوء دائما على الأداء الإيجابي والإنجازات في مختلف المجالات، كما تعكس منتقدينا كلما رأينا مشاكل تؤثر على حياة مواطنينا، أو تقدم حلولا مناسبة أو تدعو نخبنا للمساعدة في حلها. 

مهمتنا

هدفنا الفريد هو جعل هذه المنصة الأولى في الجزائر التي تكرس حصريا للمعلومات الإيجابية التي تزرع الأمل بين شبابنا وتغريهم بالمشاركة في تنمية بلدنا.

إن بناء هذه الجزائر الجديدة التي نحلم بها والتي نطمح إليها سيكون عملا جماعيا لكل المواطنين الغيورين من عظمة أمتهم وتأثيرها.

ستكون الضامن للحفاظ على استقلالها وسيادتها وستحترم إرث وتضحيات شهدائنا الباسلة.

© 2023 – Jazair Hope. All Rights Reserved. 

Contact Us At : info@jazairhope.org

Letest Articles