سعادة السفيرة المحترمة
اتابع بإهتمام نشاط التعارف و المشاركة بين أبناء الشعبين الجزائري و الأمريكي و المبادرات التي تقومين بها من أجل تقوية جسور الصداقة و التعاون، إن تاريخ الولايات المتحدة مليئ بالتحديات و الانجازات التي تمنحنا الرغبة في محاكات هذه التجارب الناجحة في صناعة المعرفة و الكفاءات و التنوع الإيجابي إن على المستوى الشخصي أو الجماعي.
كما هو الحال تماما بالنسبة لمسيرة الشعب الجزائري من أجل بناء حاضره و مستقبله و رغبته في الانفتاح و مد جسور الصداقة و المشاركة في كنف الاحترام المتبادل ، إن التاريخ مليئ بالاحداث التي تثبت ذلك.
اذا كان اعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1776 The unanimous declaration of the thirteen united States of America يعتبر النص السياسي المؤسس للدولة الأمريكية المستلهم من الثورة على وصاية المملكة البريطانية
فإن بيان اول نوفمبر 1954 هو الوثيقة الأساسية التي أسست لعودة الدولة الامة الجزائرية التي قاومت أشرس إستعمار إستئصالي كولونيالي حقير عرفه التاريخ ،إن تجربة شعبكم في حرب Quasi-War 1778 قد منحتكم الفرصة لتختبروا حكم الجمهورية الفرنسية الاولى…و منحنا نضالنا الطويل فرصة لإمتحان العديد من حكومات الجمهورية الفرنسية.
إننا شعبان مولعان بالحرية و يمقتان أنظمة المماليك المطلقة، شعبان يقدسان الكرامة .
أنني استحضر التاريخ لأن الأمم التي استمرت و ازدهرت هي وحدها التي تملك مثل هذه النصوص السياسية الأساسية للوجود و الاستمرار .
اذكر هذا، و أتابع هذا النشاط تقفز إلى ذهني مناورات ما سميتموه بالأسد الإفريقي على حدود بلدي الغربية، (عشية الذكرى الستون للاستقلال) .
قد لا أستوعب و أنا المواطن البسيط هذه الأحداث و لكنها تبقى أيضا رسائل تثير القلق .و الحيرة و تهز ثقتي و إعجابي بالحلم الأمريكي..لا تصدقي سيدتي تملق بعض النخب التي تقابلينها هنا و هناك و تأكدي ان الجزائريون مواطنون يقدسون الوطن و يقدرون كل شبر من حدوده ،رسمتها تضحيات الشعب الجزائري بالنفس و النفيس.
سيدتي لقد زرت أغلب مناطق الوطن ،و لامس ذكائك حب أبنائه للحياة بكرامة ،و صبرهم و كرمهم و تضامنهم مع كل الشعوب التي تناضل من أجل الاستقلال و التنمية.
في بلدي و أنت تقتربين من الناس ،سيحدثونك عن معانات الأفارقة و حق شعب البوليزاريو و الشعب الفلسطيني و كل الشعوب المقهورة، حقها في تقرير مصيرها بحرية.
سيحدثونك عن الحڨارين،عن الحڨرة ،عن المخزن ،عن إسرائيل و يد الاستعمار القديم في إفريقيا.
سيدتي لن تجدي هذا الوصف في أي بلد آخر..أو ثقافة أخرى
الحڨرة توصيف ثقافي حصري لوضع نفسي إنساني فريد تميز به الجزائري و هو يواجه همج الاستعمار و إستكباره على الإنسان..هو مزيج من الإهانة… التجاهل…الاستخفاف…من الاحتقار و الإستغلال يمارسه المستعمر الحڨار على الشعوب المستضعفة.
إن أثار هذا الإعتداء على كرامة الجزائريين يتطلب كثيرا من الوقت و الكثير من الأفعال التي تهدئ من روع الذاكرة الأليم.
إن التاريخ و الجغرافيا تجعل من الجزائر بوابة إفريقيا الشمالية و حلم القارة في الكرامة و التنمية .
هل يجب علي و انا المواطن العادي ان أذكركم بحدس روبرت كيندي و هو يعتبر الجزائر Pivotal State و معركة السيناتور الشاب جون كيندي من أجل استقلال الجزائر.
(The Algerian Speech), le 2 juillet 1957 John F. Kennedy.
سيدتي المحترمة ،إن الرسائل تبعث على الثقة و الأمان ، و لكنها وحدها الأفعال من تحسم أمر التوترات و الشكوك، إن الثقة… كالجيولوجيا تماما…تتطلب. الكثير من الوقت و تراكمات من الأفعال الصادقة و الصديقة.
إننا مواطنون نصنع حاضرنا كما صنعنا ماضينا ،تنمية حرية و كرامة.
مرحبا بكي سيدتي في كل ربوع الجزائر و أتمنى أن تلتقط أسماعك الترددات الحقيقية للمواطنين البسطاء المنهمكين في بناء وطنهم.
نحن محضوضين بأن تكون سفير الولايات المتحدة عندنا إمرأة، لان المرأة وحدها من تستمع للاخر بعقلها و قلبها معا.
في الأخير أهديك هذه الابيات من إلياذة الجزائر لشاعرها مفدي زكريا و أدعوك الى قرائة الإلياذة كاملة كلما سمح لك الوقت.
“ألهـمت إنـسان هـذا الـزمـــان & فـكان بـأخلاقـنا مـؤمـنا
و علّـمـت آدم حـب ّ أخيـــــه & عـساه يـسير عـلى هـدينا
صنـعت الـبطولات من صلب شـعب & سـخي الدمـاء فرعتِ الـدّنا.
و عبّـدت درب النجاح لشعب & ذبـيح فلـم ينـصهر مـثلـنا”
حجازي حبيب.
03 أفريل 2023.
لعمامرة سطيف.