بقلم: المعتز بالله منصوري
صنع التفاعل اللطيف، بين رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والطفلة، ابنة أحد لاعبي اولمبي الشلف الفائز بنهائي كأس الجمهورية، الحدث. وسجلت كأجمل لحظات النهائي، وانقسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي، داخل وخارج الوطن، بين من رآها “صورة اليوم”، وبين من يعتبرها “صورة الأسبوع”.
امام جمالية اللحظة التي ستخلد طويلا، علينا أن نعترف كصحفيين ومعلقين على الأحداث الوطنية، بصعوبة إيجاد وصف يكفي المشهد حقه من القراءة والتعليق، إذ تنطبق عليه حرفيا مقولة “صورة تغني عن ألف كلمة”.
ومع ذلك، فإن ما فعلته ابنة اللاعب حميدة زناسني، مع رئيس الجمهورية، حينما مسكت رأسه بيد لتضع قبلة بريئة على جبينه، بعدما قلدها ميدالية والدها، ليبادلها هو الآخر بقبلة، لا يمكن أن يمر عن الأعين، خاصة وأنها سجلت كلحظة وكصورة انتشرت كالنار في الهشيم على مختلف المنصات في الداخل والخارج.
من الناحية السياسية، سيتمنى أي رئيس في العالم، أن يحظى بموقف مماثل، يرفق عادة بتعاليق تبين ما يسمى “الوجه الآخر للرؤساء”، يبرزون من خلاله قربهم من الشعب ويظهرون مشاعر إنسانية ولحظات لطف طارئة على مهامهم السياسية التي تستند إلى الصرامة والالتزام والحزم الشديد في إطار ما يعرف بـ “منطق السلطة أو الحكم”.
غير أن ما حدث على ملعب ميلود هدفي بوهران، فوق منصة التتويج، بين رئيس الجمهورية، والطفلة الرائعة، لا يأخذ منحى القراءة السياسية، بل إنه لحظة أكثر عمقا، تنقل حقائق دقيقة عن هوية وقيم الجزائر والجزائريين.
أقوى ما في تلك الصورة، هو العفوية ولا شيء غيرها، عفوية رئيس الجمهورية وعفوية الطفلة البريئة، بما يكشف عن معدن القاضي الأول في البلاد وحسن تربية النشأ، ففي الجزائر يعلي الصغير سنا، قدر الأكبر بتقبيل رأسه أو جبينه، ويعطف الأكبر سنا عمن هو أصغر منه، وتلك قيمة أخلاقية واجتماعية توارثها الجزائريون، جيلا بعد جيل، وتنم عن سمو الأخلاق وحسن التربية وقوة التلاحم الاجتماعي.
ثم إن لرئيس الجمهورية، مواقف عفوية، أدخلته قلوب الجزائريين، وتحديدا بنفس الملعب بوهران، لما استطرد، بكلمة “تحيا الجزائر” ويده تضرب المنبر الذي أعلن منه افتتاح الألعاب المتوسطية.
ولا يوجد تفسير لتفاعل الجزائريين مع اللحظات المميزة لرئيسهم، سوى أنه يجسد شخصية الجزائري الأصيل، الذي يجمع بين صفتي الرفعة والتواضع، ويصون وقار وهيبة الدولة، فلم يصدر منه لحد الآن ما يؤشر على ميول إلى التسلط، والأكثر من ذلك، أن كل زيارته إلى الخارج، تبعث في نفوسهم مشاعر الاعتزاز والفخر، برؤية كل ذلك الاحترام الذي يكنه الأشقاء والأصدقاء لبلدهم.
وقد نضيف، في التعقيب على الصورة بين الرئيس تبون والطفلة الجميلة، فنصل إلى المعدن النفيس الذي يسكن الجزائريين جميعهم باختلاف أعمارهم ومناصبهم وأدوارهم في المجتمع أو في مؤسسات الدولة، وهو معدن “الحرية والشموخ”، فلا أحد ينحني لأحد والجميع مرفوع الرأس، وجرت العادة أن من على شأنه ويرفع رأس من يمثلهم أو يجسدهم يجازى بتقبيل الرأس.
ولعل من يتتبع هذه المواقف والتفاصيل، سيفهم المعنى والمغزى من تصريح رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في سانت بطرسبورغ “الجزائريين ولدوا أحرارا وسيبقون أحرار في مواقفهم وفي تصرفاتهم”. أي أنهم لن ينحنوا.
Eljazairalyoum.dz