لدى الجزائر خارطة طريق في مجال الانتقال الطاقوي تمتد إلى أفق 2035، وتهدف إلى تكثيف القدرات الإنتاجية للطاقات المتجددة لتصل إلى 15 جيغاواط، وخفض الاستهلاك الوطني من الطاقة الأولية بـ15 بالمائة على الأقل. وبالموازاة مع هذا، يجري “تصميم نموذج طاقوي وطني يتيح إطلاق رؤية استشرافية لمختلف السيناريوهات المستقبلية والمتعلقة بالانتقال الطاقوي.
يعكف قطاع الطاقة على إعداد نموذج طاقوي استشرافي في إطار الفعالية الطاقويّة يغطي عدة قطاعات، لاسيما تلك التي تتميز بكثرة الاستهلاك، على غرار الإنارة العمومية التي تمثل 40 بالمائة من إجمالي استهلاك الكهرباء في الجزائر، وفق ما أكده، أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، الأمين العام لوزارة الطاقة والمناجم، عبد الكريم عويسي.
وأوضح عويسي، خلال أشغال الورشة الإفريقية حول الفعالية الطاقوية في مجال الإنارة العمومية، أن الجزائر أعدت برنامجا لتعزيز النجاعة الطاقوية واستخدام الطاقات المتجددة مع وضع كل الإجراءات والتحفيزات خصوصا للقطاعات الأكثر استهلاكا للكهرباء على غرار الإنارة العمومية، قصد الحفاظ على مصادر الطاقة للبلاد وتثمينها والحد من انبعاث الغازات الدفيئة.
ويجري في الإطار ذاته، يضيف المسؤول: “تصميم نموذج طاقوي وطني بمساهمة كل القطاعات المستهلكة، وهو نموذج يتيح إطلاق رؤية استشرافية لمختلف السيناريوهات المستقبلية والمتعلقة بالانتقال الطاقوي بإدخال الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي الوطني، إضافة إلى تلك المعنية بالكفاءة الطاقوية في كل القطاعات كالنقل والصناعة والسكن والإنارة العمومية”.
نحو انتقال طاقوي سلس
وسيمكن هذا النموذج من وضع خارطة طريق متوسطة وبعيدة المدى، من بين أهدافها ضمان الأمن الطاقوي والانتقال الطاقوي السلس، بحسب الأمين العام للوزارة، الذي أشار إلى أن من بين أهداف هذه المقاربة “تحديد الإجراءات الخاصة بكفاءة الطاقة بإدراج حلول جديدة تساهم في ترشيد وتقليل الوتيرة المتسارعة للطلب الوطني على الطاقة” في الجزائر.
وعند تطرقه إلى أهمية الشبكة الوطنية للإنارة العمومية، لاسيما في ظل اتساع شبكة الطرق الحضرية والطرق السيارة، ذكر عويسي أن إجمالي استهلاك الإنارة العمومية قدر بـ 6500 ميغاواط في 2021، ما يمثل 40 بالمائة من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد، الأمر الذي يفرض ضرورة المضي في تجسيد البرنامج الوطني في مجال فعالية الإنارة العمومية وترشيد استهلاكها.
وأوضح المسؤول، في السياق ذاته، أن السلطات العمومية بادرت في السنوات الأخيرة بتعميم الإنارة العمومية الناجعة على مستوى كافة مناطق الوطن بما فيها استعمال الطاقة الشمسية، لافتا إلى أنه جرى في الإطار تجديد حظيرة الإنارة العمومية والتعميم التدريجي للمصابيح الاقتصادية (LED)، حيث تفوق نسبة استعمالها حاليا على مستوى الوطن 30 بالمائة. وأضاف عويسي أن هذه المبادرة ستتعزز “بإطلاق برنامج لاستعمال الطاقة الشمسية في الإنارة العمومية يبدأ تنفيذه في جنوب البلاد، كما تسعى الدولة إلى تشجيع الصناعة المحلية للمصابيح الاقتصادية من أجل التقليل من فاتورة الاستيراد”.
من جهته، لفت مروان شعبان المدير العام للوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة وترشيده، والتي تنظم اللقاء بالتعاون مع اللجنة الإفريقية للطاقة (Afrec)، إلى خارطة الطريق التي أطلقتها الجزائر في مجال الانتقال الطاقوي في أفق 2035 والتي تشكل إحدى التزامات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مؤكدا أن الهدف من هذه الخطة هو تكثيف القدرات الإنتاجية للطاقات المتجددة لتصل إلى 15 جيغاواط وخفض الاستهلاك الوطني من الطاقة الأولية بـ15 بالمئة على الأقل.
3000 مليار دج للطاقات المتجددة والتحكم في الطاقة
وأوضح شعبان أنه تم، في هذا الإطار، إطلاق، تبني برنامجين الأول يخص الطاقات المتجددة قصد إنجاز محطات إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة خاصة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، فيما يتعلق البرنامج الثاني بمجال التحكم في الطاقة في مجالات المباني السكنية والخدماتية والصناعية والنقل وهذا بإشراف الوكالة.
وأفاد – في السياق ذاته – بأن الدولة خصصت “أكثر من 3000 مليار دج، أي ما يعادل 21,5 مليار أورو، لهذه البرامج”. أما المدير التنفيذي للجنة الإفريقية للطاقة، رشيد علي عبد الله، فأبرز أهمية الفعالية الطاقوية في اندماج السوق الطاقوي القاري بالنظر إلى التحديات التي يفرضها ضعف الولوج إلى الطاقة الكهربائية في إفريقيا بشكل عام، مبرزا أن التكامل الإقليمي المدرج في أجندة إفريقيا 2063 يعد أولوية تنموية للاتحاد الإفريقي.
ولدى تطرقه إلى البرنامج الإفريقي الخاص بفعالية الطاقة، الذي تشرف عليه اللجنة الإفريقية للطاقة، أكد عبد الله أنه يرمي إلى “جعل الإنارة العمومية والأجهزة الكهربائية في القارة ذات فاعلية أعلى من خلال عمل إستراتيجي متكامل لسياسة الطاقة على المستوى القاري”.
وقال المتحدّث في الصدد ذاته أن اللجنة تعمل حاليا على تطوير إستراتيجية وخطة عمل تخص الفعالية الطاقوية في إفريقيا، من خلال خلق بيئة تسهل التجارة والاستثمار وتبني أحسن التقنيات والممارسات. وأضاف المدير التنفيذي للّجنة أن تطبيق معايير الفعالية الطاقوية وترشيد استهلاك الطاقة في الإنارة العمومية عالميا يمكّن من خفض الاستهلاك من 13 بالمائة إلى 8 بالمائة بحلول 2030، مؤكدا أنه من المهم وضع آليات للتعاون الإقليمي وتنسيق السياسات في مجال الفعالية الطاقوية في إفريقيا.