عندما عرّفنا مفهوم العمل التطوعي في الجزء السابق , و تسائلنا عن إمكانية زرع الرّغبة و القيمة لتأصيله داخل المجتمع خاصة عبر الجيل الناشئ , وجدنا أن المدرسة ميدان تطبيقي يساعد فباشرنا بالطور الابتدائي ثم الطور المتوسط و في هذا الجزء نكمل التدرج كما يلي :
3- التطوع عند فئة طلاب المستوى الثانوي والجامعي :
هذه الفئة من الطلاب , تنقسم عمريّا إلى قسمين واحدة تشارف على سن البلوغ القانوني , والأخرى تعدّته , لكنّهما يجتمعان في شيء واحد هوّ أنهما لا يحتاجان إلى أنشطة تطوّعية تهدف إلى التحسيس و التعريف بهذا العمل النبيل , بل هما مؤهلان للانخراط فيه بطريقة مباشرة و بمستوى أعلى .
3 (أ)- الطلاب الثانويين :
بالإضافة إلى الأنشطة والأعمال التطوعية المعروضة من إدارة الثانوية , والمبادرات الّتي يقدّمها الطلاب بأنفسهم داخل المؤسسة , يمكن للطلاب توسيع مجالهم التطوعي على ما هو خارج الثانوية , إذ بإستطاعتهم الإنخراط مثلا في :
– جمعيات سبر الآراء و جمع الإحصائات .
– المشاركة بالتطوع في الحملات الإنتخابية .
– التطوع عند الهلال الأحمر الجزائري .
– التطوع لدى جمعيات الوقاية الصحية و التحسيس بالأمراض المُعدية , و مساعدتهم في توزيع المنشورات المختصة بذلك .
– المشاركة في جمعيات خيرية تساهم في تهيئة المقابر و تنظيفها .
– التطوع عند الحماية المدنية و جمعيات الإغاثة حين الحوادث و الكوارث .
بدون أن ننسى البرنامج التربصي التطوعي و الذي شرحناه سابقا عند طور طلاب المتوسط. وتكون مدّته كذلك أسبوعبن إلى ثلاثة أسابيع , و تتم برمجته في السنة الثانوية ماقبل سنة إمتحان البكالوريا . هكذا يتسنّى للطالب إذا لم يتحصل على البكالوريا بأن يباشر تربصا مهني قد تعرّف عليه من قبل في طورين دراسيين , أو يختار تربص مهني آخر يلائمه , ولكن بتجربة يحملها معه
3(ب)- الطلاب الجامعيين :
تعتبر فئة الطلاب الجامعيين زبدة المجتمع , و يعوّل عليها كثيرا لكونها هي القيادة المستقبلية لقاطرته . ولكونها قطعت شوطا كبيرا من التحصيل العلمي و بلغت من النضج ما يؤّهلها و يكفيها للإنخراط في مجال الإلتزام الإجتماعي والتطوع ليس بدور ثانوي فقط , بل يمكنها إرتقاء دور قيادي لجمعيات أو مؤسسات ذات هذا الطابع كذلك . ويتم ذلك بمقدار الإندفاع الذي يحوز مابداخل الطالب المتطوع , لأن المنفعة في هذه الحالة تكون متبادلة بينه وبين المجتمع , و ربما تميل أكثر إلى جهة الطالب إذا ما أحسن ربط إختصاصه الجامعي مع عمله التطوعي . إن التجربة المكتسبة عبر هذا الإلتزام تكون مكمّلة لما تلقاه من تحصيل معرفي داخل الجامعة و تكون كذلك تحصين لسيرته الذاتية مستقبلا في عالم الشغل بعد التخرّج . ومن بين المجالات الّتي يمكن للطالب أن يختارها , على سبيل المثال لا الحصر :
– رعاية الأطفال و الشباب .
-الرعاية الطبية ( خاصة مناطق الظّل ) .
-رعاية المسنين و ذوي الإحتياجات الخاصة .
– رعاية البيئة و الحيوانات .
– الرياضة و التربية البدنية .
– الثقافة و الإعلام خاصة الرقمي منه .
– الميدان السياسي و الإداري .
– الإغاثة و التنبيه من الكوارث , و محاربة الأوبئة .
– محو الأميّة و ترجمة الدراسات الحديثة ( الإ نترنت تساعد هنا كأداة و ميدان )
– الميادين التقنية و الأبحاث .
– مجال الأنشطة التطوعية الفنيّة و الابداعية .
– جمعيات حماية المستهلك و تقديم الارشادات القانونية .
الإلتزام الإجتماعي و العمل التطوعي مهمّان و قيمة إضافية للفرد و المجتمع .
أ- الفرد :
كل الأعمال التطوعية و الإلتزامات الإجتماعية لها ميزة خاصة و أهمية كبيرة في الحالات الطبيعية أو الإستثنائية داخل المجتمع . و باإضافة إلى كونها حل لبعض المشاكل التي تحتاج الى تضافر الجهود لتجاوزها , فهي تعود كذلك بفوائد ثمينة للفرد :
– إكتساب مهارات تساعد في الحياة العملية .
– إكتساب تجارب إنسانية عديدة و إمكانية التعرّف و التواصل مع آخرين , ناهيك عن الثقة بالنفس و القدرات الذاتية .
– يعزّز من القدرة على تحمّل المسؤوليات و يعطي مغزى إضافي للحياة .
– يمنح فرص جديدة في الحياة من خلال توسيع الدائرة الإجتماعية , وبالتالي يقوّي القدرة على التواصل و الإستفادة من معلومات وآراء جديدة .
– وتشير بعض الدراسات كذلك إلى أن المتطوعين من الناس , يتمتعون براحة نفسية و رضى عن أنفسهم , لأنهم غالبا من خلال التطوع يقدّمون أعمالا يتقنونها و يستغلّونها في مساعدة الغير . و كذلك للمتطوعين روابط عديدة مع مختلف طبقات المجتمع و بالتالي تجدهم يسهل عليهم فهم المجتمع الذي يعيشون فيه .
– أما فوائد الجانب النفسي و الصحي الّتي تعود على فئات المجتمع المنخرطة في أعمال تطوعية , فهي كذلك أخذت حقها في هذه الدراسات , بحيث نجد أن العمل التطوعي يخفّض من نسبة التوتر و القلق و يحسّن من الحالة المزاجية للأفراد. لذا نجد كثير من العمّال في المجتمعات الغربية فور تقاعدهم يتجهون إلى العمل التطوعي أو الإنغماس فيه أكثر إذا ما كانوا من قبل متطوعين , لملء الفراغ الذي سيجدونه بعد التقاعد و تجنب الملل و الضرر الذي ينجرّ عنه .
– العمل التطوعي مهم للسيرة الذاتية : يعزّز العمل التطوعي سيرتك الذاتية عند البحث عن العمل , و يعطيها فارقا لدى معظم المؤسسات و الشركات الكبرى في المجتمعات المتقدمة , ويجعلك متميزا وتُؤخذ على محمل الجدّ , لأنك بعملك هذا اكتسبت صفة المساعد لمن هم أقلّ حظّا منك و كذلك روح تحمّل المسؤولية لتكون إنسانا أفضل , وهذا بحدّ ذاته إنجاز على المستوى الشخصي .
ب- المجتمع :
وكما يستفيد الفرد من العمل التطوعي و الإلتزام الإجتماعي , يستفيد المجتمع كذلك , حيث تحتاج الشركات , الإدارات , المستشفيات , المؤسسات, الجمعيات , …إلخ , حكومية أم خاصة للخدمات الّتي يؤديها المتطوعين بحيث تسهّل عليهم تأدية مهامّهم المنتظرة منهم . إن المجتمعات الّتي توجد بها نسبة معتبرة من المتطوعين , تكون معظمها ذو روابط إجتماعية جيدة , من بين الأوائل في سلّم الرقي و متحضّرة كذلك . حيث نجد المستوى المعيشي مرتفع و بالتالي يكون معدّل الرّضى و الشعور بالإطمئنان كذلك .
… يتبع
بقلم طوفان
في الجزء القادم و الأخير نعرض بعض الاحصائيات و البيانات لإنتشار ثقافة التطوع في أحد المجتمعات المتقدمة كمثال . و التفكير في وضع إستراتيجية
من الدولة بإشراك المجتمع المدني لتعميم المنفعة و تنمية المواطنة في المجتمع .
1 comment
العمل التطوعي يغرس قيم المواطنة في المجتمع و روح الانتماء للوطن في نفسية الفرد ما يحميه من كل محاولات غرس روح الاحباط او الرغبة في خيانة أرضه . كما ااتطوع يزيد من عنصر التحضر و التمدين في المجتمع مما يعود بالخير على جميع افراده و البلد عامة.