ي ظل التحولات الاقتصادية العالمية والاحتياجات المحلية، تواجه الجزائر تحديات كبيرة تتعلق بتطوير نظام بيئي متكامل للشركات الناشئة والمشاريع المبتكرة. يأتي هذا في سياق سعي الجزائر نحو الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، معتمدة على العديد من المبادرات والمنصات التي تشجع البحث والتطوير والتمويل المصاحب.
المرحلة الأولى: بناء الأساس
لقد وضعت الجزائر اللبنة الأساسية في مجال البحث العلمي وتطوير الشركات الناشئة من خلال إنشاء العديد من حاضنات الأعمال، ودعم مذكرات التخرج التي تركز على إنشاء شركات ناشئة، وشروط الحصول على وسم “لاب ستارت آب”، بالإضافة إلى مشاريع مبتكرة وإيداع براءات الاختراع. وقد شهدت هذه المرحلة إجماعًا من المتخصصين على ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية لتحقيق نمو مستدام.
الانتقال إلى المرحلة الثانية
المرحلة الثانية تتطلب قوانين جديدة تدعم اقتصاد المعرفة، مثل دفتر الشروط الخاص بصناعة الدرون وهياكل أخرى. تحتاج الجزائر إلى تحويل براءات الاختراع إلى شركات ناشئة فعلية، وعقد اتفاقيات مع دول رائدة في مجال الاقتصاديات المبتكرة. يُعتبر القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتمويل في هذه المرحلة، حيث يجب أن يلعب دورًا أكبر في دعم الشركات الناشئة من خلال صناديق تمويل خاصة.
التكامل الحكومي والخاص
يجب تفعيل اتفاقيات بين وزارات مختلفة مثل وزارة الشركات الناشئة ووزارة التكوين المهني ووزارة التعليم العالي ووزارة المالية بهدف إنشاء صناديق تمويل ومنح امتيازات ضريبية لتشجيع البحث والتطوير. من الضروري أن تشمل هذه الامتيازات صناديق التمويل، وليس فقط الأنشطة البحثية، لتحقيق قفزة نوعية في تمويل الابتكار.
– دور القطاع الخاص
يلعب القطاع الخاص دورًا حيويًا في تمويل الشركات الناشئة. ذكر الأستاذ أن المؤسسات الاقتصادية، خاصة القطاع الخاص، هي التي يجب أن تمول الشركات الناشئة. الدولة تقوم بدورها من خلال القوانين والتنظيم والإشراف، ولكن الاحتياجات التمويلية الكبيرة في الجزائر تتطلب مشاركة فعالة من القطاع الخاص. هذه المشاركة تشمل إنشاء صناديق تمويل ومنح امتيازات ضريبية للشركات التي تساهم في البحث والتطوير وإنشاء شركات ناشئة.
– دور الجامعات ومراكز التكوين المهني
تعتبر الجامعات ومراكز التكوين المهني هي الأماكن الرئيسية للابتكار. اقترحنا سابقًا إنشاء مسرعات أعمال جامعية وصناديق تمويل مهني خاصة لطلبة التكوين المهني. يجب تخصيص نسب محددة من التمويل لدعم هؤلاء الطلبة، تتراوح بين 5% إلى 7%، لتشجيعهم على الابتكار وإنشاء مشاريعهم الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تخصيص جزء من صندوق تمويل “الجيري ستارت فاند” لدعم طلبة الجامعات ومراكز التكوين المهني.
التعاون الدولي والدبلوماسية الاقتصادية
يُعتبر التعاون الدولي أحد الحلول الوسطى لتطوير الاقتصاد الجزائري، خاصة مع الدول التي تربطها بالجزائر علاقات سياسية قوية مثل قطر. يمكن إنشاء صناديق تمويل مشتركة مع هذه الدول لدعم الشركات الناشئة الجزائرية. على سبيل المثال، يمكن للجزائر وقطر إنشاء صندوق تمويل مشترك للاستفادة من استثمارات قطر في الخارج، خاصة في القطاع المالي والمصرفي.
التحديات المالية المستقبلية
تواجه الجزائر تحديات كبيرة في ميزانية الدولة، حيث تقدر النفقات بحوالي 100 مليار دولار في مقابل إيرادات تبلغ 67 مليار دولار، مما يسبب عجزًا في الموازنة. يجب البحث عن مصادر إيرادات جديدة لتمويل النفقات الكبيرة في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم. مع التوقعات بزيادة عدد السكان إلى 60 مليون نسمة بحلول السنوات القادمة، ستكون الحاجة إلى ميزانية لا تقل عن 150 مليار دولار لتسييرها وتجهيزها.
الشراكات من أجل التمويل
تعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وكذلك مع الدول الرائدة في مجال الاقتصاد المعرفي، أمرًا ضروريًا لتعزيز التمويل والدعم اللازمين للشركات الناشئة. يمكن أن تشمل هذه الشراكات تمويلًا مشتركًا وتبادل الخبرات والتكنولوجيا، مما يعزز بيئة الابتكار ويزيد من فرص النجاح للمشاريع الناشئة.
إن الانتقال إلى اقتصاد المعرفة يتطلب جهدًا مشتركًا بين الحكومة والقطاع الخاص، مع التركيز على البحث والتطوير، وتفعيل القوانين الداعمة للابتكار، والتعاون الدولي، ودعم الابتكار من خلال الجامعات ومراكز التكوين المهني. فقط من خلال هذه الإجراءات يمكن للجزائر تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحويل التحديات إلى فرص للنمو والازدهار.
ساعد جزائرهوب وشارك في التعريف بتراث و تاريخ الجزائر، عن طريق شراء كتاب جزائرهوب لك أو كهدية لأقربك هنا: https://jazairhope.org/fr/ebook/، لأولئك الموجودين في الجزائر الذين لا يستطيعون شرائه، نقدم نسخة رقمية مجانية، لذلك أرسل بريدًا إلكترونيًا إلى: INFO@JAZAIRHOPE.ORG