بقلم: المعتز بالله منصوري
مازال العالم، مصدوما ومشمئزا وقرفا، من بعض القطع اللافنية والمنحطة التي تخللت حفل افتتاح الأولمبياد في العاصمة الفرنسية باريس.
وهي المرة الأولى، التي يسمع فيها صوت المسيحيين الكاثوليك، يدينون وبشكل علني، المساس بمقدساتهم، خاصة في مشهد “العشاء الأخير” الذي جسد بطريقة مقززة من الشذوذ والانحلال.
أما الشعوب الإسلامية ومن يشاطرونها من حملة راية الفطرة السليمة، فقد أثبت الحفل المسخ، أن ما كانت تحذر منه وترفضه، ليس “نظرية مؤامرة” ولا مطاردات للحريات الشخصية، فالجميع اكتشف أن الشيطان أطل برأسه من باريس وتحديدا من باحة برج إيفل.
باريس التي صرفت ملايين اليوروهات، لإزالة التلوث من نهر السين، إلى أن جعلته صالحا للسباحة، صرفت الملايين من اليوروهات لتحويل شاشات التلفزيون عبر العالم إلى مجاري لصرف الشذوذ والبيدوفيليا، والعبث بفطرة الإنسان والخنوع أمام رأس العجل الذهبي.
كل هذا الجنون الذي شاهده العالم في باريس، يعكس في جوهره نهاية الأخلاق في جزء كبير من صناع السلطة في فرنسا وفي غيرها من الدول الغربية.
إن هناك خنوع كبير وغريب، أمام الإرادات المرضية والشريرة التي تعبث بالنفس البشرية وتسعى إلى إشعال النيران في كل زاوية في الكرة الأرضية.
جوهر المشكل يكمن في الأخلاق، وتدنيها في جميع مناحي الحياة العامة في الدولة الفرنسية، وينسحب على ذلك موقف حكومتها من النزاع في الصحراء الغربية ودعمها لخطة الحكم الذاتي للإقليم.
وعدم الاكتراث بالسمعة الأخلاقية الدولية، هو ما يجعل دولة ما تتملص من القانون الدولي والإنساني، وتجنح عن الأعراف الدبلوماسية لتعتمد نموذج مقايضة المبدأ بالمصلحة.
والأخلاق الهابطة، هي التي تحفز عدم الاكتراث بمآسي شعب بأكمله بل وتدفع إلى التلذذ بمعاناته ونهب أراضيه وثرواته، بحجج البراغماتية والمصلحة الضيقة.
والاستعمار ككل، القديم (التقليدي) والجديد، هو في حد ذاته، يمثل قمة جبل النفايات الأخلاقية التي تفرزها دولة أو نظام سياسي يحكم دولة، بعيدا عن إرادته الشعب.
في الماضي القريب والبعيد نسبيا، مارس الاستعمار الفرنسي والأوروبي، أبشع صور التنكيل بالبشر في إفريقيا، لقد قتل وسلخ وقطع أوصال أناس أبرياء..شيوخ ونساء وأطفال، وجمع الجمام ووقف فوقها.
وإنه اليوم يتماهى مع بعضه البعض، في إطار تحالف ثلاثي صيهوني-فرنسي-مغربي، يعتقد عبثا أن بإمكانه فرض الأمر الواقع، وأكد استعداده لممارسة جرائم أبشع مما قام به الاستعمار القديم، وما يجري في غزة من مجازر يومية، تثبت معاداة هؤلاء للنفس البشرية.
ومن مظاهر انهيار الأخلاق العامة للنظام الاستعماري، هو شهوته المرضية برؤية المآسي الإنسانية، وفي غمرة نشوته، ينسى أنها نشوة ظرفية، لأن الحتمية التاريخية تحمل دروسا لا نهاية لها عن النهاية المخزية لكل محتل وكل متغرطس.
ومثلما يتصدى الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة للاحتلال الصهيوني المتوحش وحلفائه، سيتصدى الشعب الصحراوي للاحتلال المغربي وحلفائه..وعلى الحكومة الفرنسية مراجعة حساباتها.
باريس..الشيطان أطل برأسه – الجزائر اليوم (aljazairalyoum.dz)