قلعة الجزائر: رمز التاريخ والتراث العثماني في العاصمة
تتربع قلعة الجزائر، أو كما كانت تُعرف بدار السلطان، في أعلى مدينة القصبة العتيقة. هذه القلعة تعد واحدة من أجمل المعالم التاريخية في بلادنا، حيث شُيدت في القرن السادس عشر الميلادي خلال فترة الحكم العثماني، وتعتبر أكبر معلم عثماني في العاصمة.
القصبة العتيقة، التي كانت تُعرف بمدينة المحروسة، تتميز بأسوارها ومدافعها التي كانت تحمي المدينة من الغزاة. القلعة شهدت عدة تعديلات عبر العصور وتضم العديد من المباني والملاحق أبرزها قصر الداي، قصر البايات، مسجد الداي، ودار البارود، وجميعها صنفت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو والقطاع المحفوظ للقصبة.
تحتوي القلعة على معالم تاريخية مهمة مثل مسجد الإنكشاريين الذي بُني عام 1622 وجامع حسين داي الذي شُيد عام 1818، بالإضافة إلى جامع سيدي رمضان الذي يعود تاريخه إلى عام 971 ميلادي. القلعة اكتسبت أهمية خاصة عندما أمر داي الجزائر علي خوجه في عام 1817 بنقل مقر الحكم من قصر الجنينه إلى قلعة الجزائر، مما جعلها مركزًا للسلطة والإدارة.
الترميم والحفاظ على التراث
تخضع قلعة الجزائر حاليًا لعملية ترميم واسعة للحفاظ عليها كموقع تاريخي وثقافي مهم. بلغت تكلفة هذه العملية في مرحلتها الأولى أكثر من 24 مليار دينار جزائري، حيث خصصت ولاية الجزائر أكثر من 5 مليارات دينار جزائري لتنفيذ هذه العملية. تشمل عمليات الترميم عدة بنايات ومعالم تاريخية، مثل قصر الداي الذي وصلت أعمال ترميمه إلى مرحلتها الثانية، حيث يتم الحفاظ على الطابع الأصلي والتاريخي للقصر مع إعادة بريق العمارة العثمانية التقليدية.
أشغال الترميم تشمل استخدام مواد بناء أصلية مثل خشب العرعار للأسقف والزليج الفاخر للأرضيات، حتى الأعمدة والأبواب تطلى بالألوان الطبيعية الأصلية. تم تسجيل حوالي 80 نوعًا من الزليج المختلف في القصر، مما يجعل عملية الترميم معقدة ومكلفة.
أهمية قلعة الجزائر
تعتبر قلعة الجزائر بمعالمها وتراثها المادي واللامادي جزءًا من التراث الثقافي الوطني، وتجذب السياح بتاريخها الغني وموقعها الاستراتيجي الذي يوفر إطلالات رائعة على المدينة والبحر. تعتبر القلعة جزءًا من المخطط الدائم لحفظ القصبة الذي صُدق عليه في 2012، ويتم تنفيذه بميزانية كبيرة من الدولة.
يتم ترميم العديد من المعالم الأخرى ضمن إطار هذا المخطط، مثل دار البارود التي تم فتحها مؤخرًا للزوار، بالإضافة إلى عدة مساجد تاريخية وقصور أخرى.
جاذبية سياحية
تعتبر قلعة الجزائر نقطة انطلاق مثالية للسياح لاستكشاف العاصمة من أعلى نزولًا إلى أسفل عبر أزقة القصبة. المدينة القديمة تتميز بسحر خاص يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. السياح الأجانب ينبهرون بجمال المدينة وتاريخها العريق، مما يجعلهم يرغبون في العودة لزيارتها مرارًا وتكرارًا.
باختصار، قلعة الجزائر ليست مجرد معلم تاريخي، بل هي رمز للتراث العثماني في الجزائر وشاهد على تاريخها العريق، وتستمر جهود الترميم في الحفاظ على هذا الإرث الثمين للأجيال القادمة.