كان يومًا مميزًا حقًا، مليء بالمرح والاكتشافات، خاصة عندما قررت صديقتنا الجزائرية، مسعودة، أن تشاركنا جزءًا من تراثها الغني في إطار وليمة عشاء دولية. كنت هناك، وأستطيع أن أقول إن هذه التجربة لن تُنسى بسهولة.
بدأ كل شيء عندما قررت مسعودة، التي تعيش في اليابان منذ عام 2019 وتعمل كمدرسة للغة الإنجليزية والعربية، أن تدعونا لعشاء مشترك. الفكرة كانت بسيطة ورائعة: كل واحد منا يحضر طبقًا تقليديًا من بلده. كنا مجموعة متنوعة من الأشخاص، من اليابان، ماليزيا، كازاخستان، باكستان، الفلبين، وحتى من أستراليا. وبالنسبة لي، كان الطعام هو الوسيلة المثلى للتعرف على ثقافات بعضنا البعض بطريقة عملية ولذيذة!
مسعودة اختارت أن تحضر لنا طبقين من أطباقها الجزائرية التقليدية: طاجين الزيتون والبقلاوة. منذ بداية اليوم، كانت مسعودة مشغولة بتحضير الأطباق. أذكر كيف كانت متحمسة وتحدثت بحماس عن الطاجين والبقلاوة، وشرحت لنا كيف أن هذه الأطباق تحمل في طياتها ذكريات عائلية وقصصًا من حياتها في الجزائر.
أثناء تحضيرها للطاجين، كانت تعبّر عن أهمية البصل والثوم والتوابل الجزائرية الأصيلة مثل الكمون والكركم والقرفة. رائحة الطاجين كانت تملأ المكان بشكل لا يُصدق، مزيج من الروائح الدافئة التي تجعلك تشعر وكأنك في مطبخ جزائري حقيقي. مسعودة حرصت على شرح كل خطوة لنا، وكيف أن التفاصيل الصغيرة، مثل كمية التوابل ونوعية الزيتون، يمكن أن تصنع فارقًا كبيرًا في الطعم النهائي.
أما البقلاوة، فكانت تجربة بحد ذاتها. رأيتها وهي تحضر المكسرات بعناية، تخلطها مع السكر، وتضعها بين طبقات العجينة الرقيقة. كانت تتحدث عن كيفية حرصها على أن تكون كل طبقة مشبعة بالزبدة، حتى تضمن تلك القرمشة التي تجعل من البقلاوة طبقًا لا يُقاوم. كانت متحمسة جدًا لمعرفة ردود أفعالنا على هذا الحلوى التقليدية.
عندما حان وقت العشاء، تجمعنا جميعًا حول الطاولة التي كانت مليئة بالأطباق من مختلف أنحاء العالم. ولكن ما جذب انتباه الجميع كان طاجين الزيتون والبقلاوة. الجميع كان متحمسًا لتجربة الأطباق الجزائرية، وخاصة الطاجين الذي بدا مغريًا للغاية، والبقلاوة التي كانت تلمع تحت الأضواء، كأنها جوهرة ثمينة.
بالإضافة إلى مسعودة، كان هناك مجموعة رائعة من الزملاء الذين جعلوا السهرة أكثر حيوية. كان لدينا أشخاص من مختلف أنحاء العالم، مما أضاف بعدًا دوليًا حقيقيًا للعشاء. كان هناك أحمد من باكستان، الذي أحضر طبقًا تقليديًا من بلده، مليئًا بالتوابل والنكهات القوية. ثم كانت ليلى من ماليزيا، التي حضرت طبقًا يحتوي على مزيج رائع من الأرز وجوز الهند. كما كان لدينا سارة من كازاخستان، التي جاءت بطبق لحم مشوي مميز. وأخيرًا، كانت يوشيكو من اليابان، التي قدمت لنا بعض السوشي التقليدي اللذيذ.
ردود أفعالهم على الأطباق الجزائرية كانت ممتعة للغاية. أحمد، الذي يُعرف بحبه للطعام الحار، أحب التوابل في طاجين الزيتون وقال إنه يذكره ببعض الأطباق الباكستانية، لكنه تفاجأ بالعمق الغني للنكهات. ليلى، التي عادة ما تفضل الأطعمة الخفيفة، وجدت البقلاوة مذهلة وطلبت الوصفة من مسعودة. أما سارة، فقد أعجبت جدًا بالقرمشة الرقيقة للبقلاوة، وقالت إنها تشبه الحلويات التي تصنعها جدتها، ولكن بمذاق جديد تمامًا. يوشيكو كانت مدهوشة بكيفية تحضير الطاجين وأبدت إعجابها بالبساطة المعقدة التي تميز المطبخ الجزائري، قائلة إنها تتطلع لتجربة تحضير الطاجين في منزلها.
الضحكات والتعليقات الإيجابية ملأت المكان. كان من الواضح أن الجميع استمتع بالتجربة، ليس فقط بسبب الطعام اللذيذ، ولكن بسبب الشعور بالترابط والتواصل الذي خلقته هذه الوجبة. في تلك اللحظة، شعرت بأننا جميعًا كنا جزءًا من تجربة ثقافية غنية، حيث تمكن كل منا من تقديم شيء من بلده، وفي نفس الوقت تعلم شيء جديد عن الآخرين.
في نهاية السهرة، شكرنا مسعودة على هذه التجربة الرائعة. كانت تجربة مليئة بالحب، الطعام الجيد، والضحكات. لقد أظهر لنا هذا العشاء كيف يمكن للطعام أن يكون وسيلة قوية لتوحيد الناس، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية المختلفة.
لقد غادرت تلك السهرة وأنا أشعر بالامتنان لهذه الفرصة، وبتأكيد أنني سأحمل هذه الذكريات معي لفترة طويلة.