Home سياسة في طبيعة العلاقة بين روسيا والجزائر،بين الماضي وتحديات المستقبل.

في طبيعة العلاقة بين روسيا والجزائر،بين الماضي وتحديات المستقبل.

by Jijiga
0 comment
A+A-
Reset

Dr. Soheib Khezzar – د. صهيب خزار

إن العلاقات التي تجمع الجزائر وروسيا هي علاقات أكبر من كونها علاقات بائع وزبون سلاح كما يتصور الكثيرون.
العديد من المتابعين يهملون نقطة مهمة جدا وهي التأريخ لمسار العلاقات الجزائرية الروسية منذ العهد القيصري، ثم السوفييتي ثم الفيدرالي المُعاش حاليا، أين كانت ولا تزال العلاقات بين الدولتين متميزة منذ القديم. والدفع لتطبيع استراتيجي بينهما أكثر من ضروري خصوصا في الظروف الدولية الحالية التي تستوجب تماسك محور ممانعة المنظومة أحادية القطبية بشكل أكبر.
فروسيا تُعتبر حليفا موثوقا لا تترك أصدقاءها وحلفاءها في أيسر الأوقات وأعسرها، ولكم في التجربة السورية كأحسن مثال يضرب في هذا المجال، ولكم أيضا في تجربتها مع الجزائر سنوات الثمانينيات والتسعينيات، فبالرغم من ترهل الاتحاد السوفييتي وحالة الوهن التي عاشها آنذاك، إلا أن الخبراء الروس “السوفييت” كانوا يعملون في مجال الاستشارة العسكرية ونزع الألغام من المخلفات الاستعمارية، وكذا في مجال الطاقة وحقول النفط في الجزائر. إلى أن تم استهدافهم من طرف الجماعات الإرهابية التي عمدت إلى تصفيتهم دون غيرهم من الجنسيات الأخرى مما دعى للاستغراب آنذاك، وذهب الكثيرون إلى أن بعض الأجهزة الغربية هي التي عملت على فك الارتباط أو إضعافه على الأقل بين الجزائر وروسيا في تلك السنوات العسيرة التي عاشها البلدان.
ما يجمعنا مع روسيا هو التوجه والرؤية الإستراتيجية بضرورة ترسيخ نظام دولي متعدد الأقطاب وهو حجر الزاوية “إن صح التعبير” في توجه السياسات الخارجية للبلدين، وكل الاتفاقات والتفاهمات بين الدولتين في علاقاتهما الدولية تُبنى على هذا الأساس. ويجب أن نذكر مفارقة غريبة أيضا هي أن الجزائر تعيش فترات قوتها كل ما كان الاتحاد السوفييتي “سابقا” وروسيا الاتحادية “حاليا” قوية، وهنا لا نشير إلى تبعية الجزائر لروسيا بل لطبيعة التوازنات الدولية وظروف السياسة الدولية سواء من الناحية الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية التي تحتم على دول “الممانعة الدولية” أن تغتنم فرص تراجع قوة المحور الغربي الامبريالي لتحقيق ميلان في كفة التوازنات الدولية.
تأتي زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لروسيا الفيدرالية للمشاركة في منتدى سان بطرسبورغ في ظل الظروف الاستثنائية التي نعرفها جميعا، والتي تتزامن والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتخبط المحور الغربي في أزمات اقتصادية وغذائية واجتماعية لم يعشها منذ قرابة القرن وهي نتاج لأخطاء إدراكية إستراتيجية في هذه الدول.
هذه الأزمات التي تدفع قدما نحو تغير بنية النظام الدولي بما يخدم القوى الإقليمية الصاعدة التي ستصبح فعاليتها أكبر مما كانت عليه، وتصورنا للمنظومة الدولية المتشكلة شيئا فشيئا باعتبارها نظاما سيمنح مساحة أكبر لأقطاب الامتياز الإقليمية التي تدرك التغيرات الجيو استراتيجية جيدا، وتبني سياساتها على هذا المضمار، فدول غرب آسيا كإيران، السعودية، ودول إفريقية كالجزائر ومصر وجنوب إفريقيا، ودول لاتينية كالبرازيل والأرجتين وفنزويلا، وكذا أوراسية كتركيا، وأذربيجان بدرجة أقل قد يكون لها صوت أعلى مستقبلا إن اغتنمت هذه الفرصة التاريخية لبناء قوتها وقراراتها السيادية بعيدا عن إملاءات المحور الغربي وهيمنته، فنرى مثلا دولا كالسعودية وإيران بدأت تطبع علاقاتها وتتجاوز خلافاتها شيئا فشيئا، ودولا أخرى كالجزائر بدأت منذ فترة بتحركاتها الدبلوماسية الجريئة التي غابت منذ أزمة التسعينيات وكذا دول أمريكا اللاتينية التي تراهن على بناء قوتها الصناعية واستغلال مكامن القوة الطاقوية لديها. وتركيا التي أعادت النظر في علاقاتها مع العديد من دول الغرب والشرق الأوسط سواء بمنحنى تصاعدي أو تنازلي، وهو ما يدفعنا للاعتقاد بأن المنظومة الإقليمية والدولية سائرة نحو التغير بما يخدم هذه القوى الإقليمية، إضافة لاعتبارات إستراتيجية أخرى تتمحور حول إرادة الدول لإصلاح مؤسسات ومنظمات دولية وأممية وعلى رأسها مجلس الأمن حيث نرى مطالبات بإضافة دول إفريقية ولاتينية للمقاعد الدائمة في مجلس الأمن وهو اقتراح بدأ الحديث عن مرافعة بعض الدول لترسيخه، كما لا نهمل التجمعات والتكتلات الاقتصادية والاستراتيجية الأخرى كمنظمات شانغهاي، بريكس … إلخ، التي طرحت بدائل سياسية واقتصادية لمجابهة التضخم الاقتصادي العالمي ومحاولة تحييد الدولار الأمريكي في معاملاتها وهي ضربة قاسية للولايات المتحدة التي تتحكم في الاقتصاد العالمي في مقابل صعود الصين المتنامي كل سنة وسط تقديرات بإمكانية تريده للاقتصاد العالمي في العقود المقبلة إن سارت التوازنات على ما هي عليه الآن.
عودا على بدء، فالعلاقات الثنائية الجزائرية الروسية هي علاقات إستراتيجية لا تعطلها الإجراءات البروتوكولية الشكلية أو البرودة الظاهرة في التصريحات السياسية أو الإعلامية المتبادلة بين مسؤولي البلدين، بل يحكمها مدى التكاتف والتنسيق بين الدولتين وإن كان ذلك خفيا للعيان وسط صفقات عظمى للتسليح اكتسبتها الجزائر منذ أيام الثورة، بحيث تعاظمت القوة الدفاعية والهجومية الجزائرية بفعل هذا التنسيق المتبادل، “والجميل في الأمر”، أن روسيا حليف موثوق ولا يتدخل في سياسات الجزائر وتوجهاتها، ولا يفرض شروطه “السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية” عندما يبيع السلاح لحلفائه، عكس القوى الغربية التي تبيع سلاحها بشروط مهينة لأتباعها لكي لا أقول حلفاءها وأصدقاءها. ولكم في صفقات السلاح الأمريكية مع العراق وتركيا والسعودية خير مثال على ما أقول وهذه الدول أعادت النظر في أسواق صفقات السلاح الأمريكية وتوجهت لروسيا للأسباب المذكورة. لهذا فأفضلية السوق الروسي بالنسبة لنا لا نزاع حولها أو عليها.
أما في تقديرنا المستقبلي لمستوى العلاقات بين البلدين، فهو اعتقاد الجميع بأن هذه العلاقات ستبقى ثابتة على المقدار الكبير والعلاقات البينية العميقة بينهما، ولن يهمنا الظاهر الإعلامي والتصريحات الباردة بين مسؤولي البلدين بقدر ما يهمنا مستوى التنسيق المتبادل فيما يخص الملفات الاستراتيجية في إقليمنا، ويكفي أن نختم كلامنا بشكل صريح أن “تواجد روسيا في إفريقيا مريح لنا أكثر من التواجد الأمريكي أو الفرنسي أو الإسرائيلي” وللقارئ مسؤولية فهم قراءتنا بعيدا عن سوء التقدير والإدراك لتفاصيله.

https://www.facebook.com/Meditt.policy.res.forum?mibextid=LQQJ4d

You may also like

Leave a Comment

روابط سريعة

من نحن

فريق من المتطوعين تحت إشراف HOPE JZR مؤسس الموقع ، مدفوعا بالرغبة في زرع الأمل من خلال اقتراح حلول فعالة للمشاكل القائمة من خلال مساهماتكم في مختلف القطاعات من أجل التقارب جميعا نحو جزائر جديدة ، جزائرية جزائرية ، تعددية وفخورة بتنوعها الثقافي. لمزيد من المعلومات يرجى زيارة القائمة «الجزائر الجزائرية»

من نحن

جمع Hope JZR ، مؤسس الموقع ومالك قناة YouTube التي تحمل نفس الاسم ، حول مشروعه فريقا من المتطوعين من الأراضي الوطنية والشتات مع ملفات تعريف متنوعة بقدر ما هي متنوعة ، دائرة من الوطنيين التي تحمل فقط ، لك وحماسك للتوسع. في الواقع، ندعوكم، أيها المواطنون ذوو العقلية الإيجابية والبناءة، للانضمام إلينا، من خلال مساهماتكم، في مغامرة الدفاع عن الجزائر الجديدة هذه وبنائها.

ما الذي نفعله

نحن نعمل بشكل مستمر ودقيق لتزويد الجمهور بمعلومات موثوقة وموضوعية وإيجابية بشكل بارز.

مخلصين لعقيدة المؤسس المتمثلة في “زرع الأمل” ، فإن طموحنا هو خلق ديناميكية متحمسة (دون صب في النشوة) ، وتوحيد الكفاءات في خدمة وطنهم. إن إصداراتنا كما ستلاحظون ستسلط الضوء دائما على الأداء الإيجابي والإنجازات في مختلف المجالات، كما تعكس منتقدينا كلما رأينا مشاكل تؤثر على حياة مواطنينا، أو تقدم حلولا مناسبة أو تدعو نخبنا للمساعدة في حلها. 

مهمتنا

هدفنا الفريد هو جعل هذه المنصة الأولى في الجزائر التي تكرس حصريا للمعلومات الإيجابية التي تزرع الأمل بين شبابنا وتغريهم بالمشاركة في تنمية بلدنا.

إن بناء هذه الجزائر الجديدة التي نحلم بها والتي نطمح إليها سيكون عملا جماعيا لكل المواطنين الغيورين من عظمة أمتهم وتأثيرها.

ستكون الضامن للحفاظ على استقلالها وسيادتها وستحترم إرث وتضحيات شهدائنا الباسلة.

© 2023 – Jazair Hope. All Rights Reserved. 

Contact Us At : info@jazairhope.org