على عكس كثير من الدول العربية والغربية التي تأثرت بالحرب في أوكرانيا، شهدت صادرات الجزائر من المحروقات انتعاشة ضخمة خلال المدة بين فبراير/شباط (2022)، ومطلع العام الجاري (2023).
وتكشف إحصائيات رصدت حجم الصادرات النفطية الجزائرية إلى مختلف دول العالم، أن الـ9 أشهر الأولى التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حققت فيها البلاد قفزة عملاقة في مختلف أنواع الصادرات.
وتشكّل صادرات الجزائر من المحروقات نحو 90% من اقتصاد الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، بينما تواصل العمل على تنمية الصادرات خارج المحروقات (غير النفطية)، وتعزيز قطاع الطاقة بالمصادر المتجددة والنظيفة.
صادرات الجزائر من المحروقات
في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، قفزت أسعار النفط العالمية بشكل غير مسبوق، إذ لامست حدود الـ140 دولارًا للبرميل، وفي التوقيت نفسه، تحركت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لحصار النفط الروسي، بهدف تحجيم الإيرادات الروسية التي تُوَجَّه إلى الحرب.
ومع تصاعد حركة الحصار، وجدت صادرات الجزائر من المحروقات متنفسًا لدى كثير من دول العالم، إذ ارتفع الطلب على المشتقات النفطية الجزائرية، بالإضافة إلى ارتفاع إنتاج النفط في البلاد بنسبة 2% عن العام السابق 2021.
وخلال الـ6 أشهر الأولى من العام الماضي 2022، سجلت الجزائر قفزة كبيرة في صادرات المحروقات، التي حققت عائدات 22.4 مليار دولار حتى نهاية شهر يونيو/حزيران، بالإضافة إلى 3.5 مليار دولار إيرادات الصادرات غير النفطية، ليصبح المجموع الكلي لصادرات البلاد 25.9 مليار دولار.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2022، أعلن وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب أن صادرات الجزائر من المحروقات ارتفعت خلال الـ9 أشهر الأولى من العام، حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بنسبة 77%، محققة 42.6 مليار دولار.
وتوقّع الوزير أن تتجاوز إيرادات المحروقات حتى نهاية العام 50 مليار دولار، في خطوة قد تعدّ إنجازًا كبيرًا للدولة التي كانت تتوقع في يناير/كانون الأول الماضي 2022 عجزًا تاريخيًا بموازنتها العامة، إذ تمكنت شركة سوناطراك من تحقيق استفادة كبرى من الأزمة التي خلّفتها الحرب في أوكرانيا.
وحتى الآن، لم تعلن الجزائر أحدث الإحصاءات المتعلقة بحجم الصادرات وإيراداتها خلال عام 2022 بالكامل، ولكن توقعات المحللين ذهبت إلى تحقّق الأرقام التي أعلنها الوزير، البالغة 50 مليار دولار.
أزمة اقتصادية قبل الحرب
قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب في أوكرانيا، توقعت الحكومة في الجزائر أن يبلغ حجم العجز في موازنتها للعام 2022 نحو 31 مليار دولار، في توقيت حددت فيه السعر المرجعي لأسعار النفط عند 45 دولارًا للبرميل، وفق ما جاء في قانون المالية للعام المنصرم.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم إيرادات صادرات النفط والغاز الجزائرية خلال عام 2021:
ولكن الغزو الروسي لكييف عزّز من موقع البلاد، مع ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008، لتصل إلى 140 دولارًا للبرميل، قبل أن تتراجع في الأشهر الأخيرة لتدور حول 90 دولارًا، وهو ضعف الرقم المرجعي، ويحقق مكاسب ضخمة لقطاع النفط الجزائري.
ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميًا، ارتفع الطلب على صادرات الجزائر من المحروقات خلال النصف الأول من 2022، لتتحول الأزمة الاقتصادية إلى انتعاشة قوية ازدهرت بها إيرادات الخزينة العامة، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
اتفاقيات لتعزيز صادرات المحروقات
مقرّ شركة سوناطراك الجزائرية
في شهر أبريل/نيسان 2022، وقّعت شركة سوناطراك الحكومية اتفاقية مع شركة إيني الإيطالية، بهدف تسريع تطوير مشروعات إنتاج الغاز الطبيعي، وزيادة صادرات الجزائر من المحروقات، لا سيما الغاز، من خلال استغلال خط أنبوب الغاز “ترانسيد”، الرابط بين الجزائر وإيطاليا مرورًا بتونس وصقلية.
كما وقّعت الشركة الجزائرية العملاقة اتفاقًا في مايو/أيار الماضي، مع المجمع الصيني، يهدف إلى تقليل استيراد المنتجات النفطية والتصدير للخارج، إذ يقضي الاتفاق بإنتاج ميثيل ثلاثي بوتيل الإيثر، الذي يُستَعمَل بصفته مادة مضافة لتصنيع البنزين الخالي من الرصاص، باستثمارات 521 مليون دولار.
بالإضافة إلى ذلك، وقّعت شركة سوناطراك الجزائرية اتفاقية مع شركة سينوبك الصينية، لتحديث 6 آبار قديمة، بالإضافة إلى حفر 12 بئرًا جديدة، في استثمارات بقيمة 490 مليون دولار، بهدف زيادة إنتاج النفط لتعزيز قدرات البلاد على تصدير المحروقات إلى الدول المتعاقدة معها.
Source : https://attaqa.net/2023/02/16/