Home سياسة لطالما رفضته الجزائر وحذرت من تداعياته… التدخل الأجنبي في الأوطان عراب الخراب

لطالما رفضته الجزائر وحذرت من تداعياته… التدخل الأجنبي في الأوطان عراب الخراب

by Toufan
0 comment
A+A-
Reset

فايزة سايح

على امتداد تاريخها اعتبرت الجزائر أن التدخلات الأجنبية أمر مرفوض بشكل مبدئي وقطعي ، بالنظر إلى التداعيات والنتائج التي يخلفه.

فمهما اختلفت المسافات، إلا ان مشاهد الدمار وخراب الأوطان تكاد تتشابه سواء كان التدخل في منطقة الساحل او اليمن ، أو أفغانستان، ورغم اختلاف مسميات التدخلات الأجنبية ومطياتها ، ألا إن مآلاتها واحدة ..

لطالما اعتبرت الجزائر التدخلات الأجنبية من اهم أسباب انتشار الفوضى وعدم الإستقرار وتأزم الأوضاع ، وقد اكد الواقع صدق وحكمة وتبصر الجزائر التي لها ما يشبه المناعة الوطنية والوعي التام بمخاطر التدخل الأجنبي ، مناعة تولدت من الفترة الاستعمارية حين لم تتوقف المقاومات الشعبية إلى حين اندلاع الثورة التحريرية التي انتهت بطرد الاستعمار.

وقبل هذه الفترة لطالما قاوم الشعب الجزائري تواجد القوات الأجنبية على أراضيه وتم اعتبارهم غزاة ، هذه التركيبة النفسية التي لها امتداد وجذور تاريخية ، تبلورت حاليا في شكل مقاربة وطنية ، تتبناها الجزائر حين إعلان رفضها في كل مرة لأي وصاية أو تدخل اجنبي .

السعيد شنقريحة يرافع عن مقاربة الجزائر لحفظ الأمن

أن الجزائر “تؤمن بأن التكفل الجاد بالأسباب المنتجة للأزمات والمغذية لعدم الاستقرار والمتسببة في اللاأمن الدولي والجهوي يمر حتما عبر الالتزام بالشرعية الدولية، بعيدا عن التدخلات الأجنبية ومحاولات صناعة عدم الاستقرار”..،

كلمة تلخص اهم معالم مقاربة الجزائر لحفظ الأمن اعلنها رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة، امس الثلاثاء أثناء مشاركته عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، في الندوة الـ11 للأمن الدولي بموسكو.

كما أشار الفريق أول إلى أن الوضع الذي تعيشه منطقة الساحل الأفريقي هو نتيجة مباشرة للانعكاسات السلبية للأزمة الليبية، والتدخلات الأجنبية في المنطقة منذ عام 2011، والتطور المقلق للنزاع المسلح في السودان منذ 2023.

وقد تناولت الندوة “بالتحليل والدراسة مختلف التحديات الأمنية التي يواجهها العالم، لاسيما في ظل تنامي التهديدات والمخاطر الناجمة عن حالات اللاإستقرار التي تطبع بعض مناطق العالم وكذا الحلول والإجراءات الواجب إعمالها لمواجهتها بالتنسيق بين الفاعلين الدوليين”.

وقد اكد الفريق الأول أيضا ، ان مشاركته فرصة لعرض المقاربة الجزائرية في التعامل مع التحديات والتهديدات الأمنية التي تواجهها منطقتا الشرق الأوسط والقارة الإفريقية”.

الجزائر ..مسار طويل من رفض التدخل الأجنبي

من المؤكد أن الواقع هو خير برهان على صحة الأقوال من عدم صدقها ، والواقع المعاش في كل الدول التي اختبرت تجربة التدخلات الأجنبية يؤكد التداعيات السلبية التي حملها التدخل لتلك الأوطان ولمحيطها الإقليمي ، وبالتوازي مع ذلك ، كان خير برهان على صدق المقاربة والقناعة الجزائرية الرافضة للتدخلات الأجنبية بما تمثله من قرار سيادي ومبدئي .

لطالما أفرزت تلك التدخلات الأجنبية تداعيات كبرى سواء على النسيج الاجتماعي للدول المتدخل فيها ، وتسبب في معظم الأوقات في حالة من اللاستقرار السياسي والفوضى الأمنية وتغيير لمعالم الأرض وجغرافيا الأوطان .

فقد نتج عن تدخل الناتو في ليبيا حالة من الانفلات الأمني ، وعسكرة المنطقة بعد سقوط نظام الراحل القذافي ، و استمر الاقتتال لسنوات وبعد هدوء نسبي تجددت فصول الوضع الدامي في هذا الأسبوع ، لتؤكد ان أمد النزاع الذي الذي أججه التدخل الأجنبي الذي قاده الناتو لا يزال يهدد ليبيا وكل جوارها الإقليمي .

فالتدخل الأجنبي في ليبيا كان مكلف للغاية ، وخلف وراءه أعباء إضافية للدول نتيجة لرفع حالة التأهب والاستنفار بسبب الوضع الأمني المتردي ، وهو حال الجزائر التي تتقاسم حدود شاسعة مع ليبيا قرابة الالف كيلومتر ، كاحد الحلول لمواجهة مخاطر انتشار الجماعات المسلحة ، وفوضى السلاح وتواجد قوات أجنبية على الأراضي الليبية .

وما يسجل في هذا السياق التحذيرات التي اطلقتها الجزائر منذ أعوام فور اندلاع الأزمة ، فقد دقت ناقوس الخطر مبكرا وحذرت بشدة من مخاطر التدخل الأجنبي ، الذي باتت مآلاته المأساوية اليوم واقع معاش يشهده الليبون قبل غيرهم ، ويعاني من تداعياته كل دول الجوار خاصة الجزائر .

وعلى غرار موقفها الرافض للتدخل الأجنبي في ليبيا ، وقفت الجزائر ضد التدخل الأجنبي في مالي عام 2013، وضد “عملية البرخان” التي جاءت بتداعيات وخيمة على المنطقة، وأثبتت قصور الحلول العسكرية بمفردها وفشلها الذريع في حل الازمة المستعصية ورفض الجزائر مرده مخاوف من تحويل المنطقة إلى بؤرة لانتشار الإرهاب.

بالمقابل عملت بكل جهد من اجل استتباب الوضع الأمني عن طريق الحل الدبلوماسي والسلمي ..وتجلت هذه الرؤية بتشكيل الجزائر “مجموعة دول الميدان”، التي تضم أيضا مالي والنيجر وموريتانيا،

وتهدف إلى تنسيق العمل في مكافحة الإرهاب، وفي الوقت ذاته رفضت الانضمام إلى تحالفات عسكرية لمكافحة الإرهاب في دول الساحل الإفريقي قادتها فرنسا شاركت فيها أغلب دول المنطقة.

ازمة مالي هي الأخرى كان من تداعيات فرار الألاف من منازلهم وانتشار موجات نزوح نحو الجزائر تحديدا ، والتي باتت مستهدفة في امنها هي الأخرى مادام الخطر على الحدود.

اما اليوم فالجزائر تنادي بأعلى صوت برفض التدخل العسكري في النيجر ، حيث قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قبل أسبوع، أن التدخل تهديد مباشر للجزائر، كما شدد قائد الجيش الوطني الفريق أول السعيد شنقريحة البارحة خلال مشاركته في ندوة موسكو حول الامن الدولي.

أن التدخل العسكري الأجنبي لحل الأزمة النيجر سيتسبب في تعقيد الأوضاع، ودعا إلى مساعدة دول الجوار على إيجاد حلول محلية للأزمات والتهديدات التي تعرفها المنطقة.

وعلى غرار رفضها للتدخل الأجنبي في جوارها الإقليمي رفضت الجزائر التدخل الأجنبي في محيطها العربي ، على غرار رفضها للتدخل في سوريا وقبله تحفظها الاستثنائي على غزو العراق ، في الوقت الذي باركته اغلب دول العالم خاصة العربية منها .

كما وقفت الجزائر ضد التدخل في اليمن او المشاركة في تحالف ضده ، وبعد مرور سنوات بات اليمن يعد من الدول الفاشلة حسب تقارير معظم مراكز الأبحاث الدولية ، نتيجة الأزمة الخانقة التي خلفها التدخل وخلفتها “عاصفة الحزم ” في وطن كان يسمى في الماضي غير البعيد ” باليمن السعيد ” .

التدخل الأجنبي ..قاطرة البؤس والفوضى والخراب

بنظرة بسيطة على الواقع المعاش في الدول التي شهدت تدخلات أجنبية نجد أن هذا الأخيرة كان قاطرة جلبت معها البؤس والفوضى والخراب وتغير من خلالها جغرافيا الدول بعد أن تم تقسيمها الى دويلات ، ولنا في السودان احسن دليل ..

وعليه فاذا كان التدخل في الماضي اتخذ شكل الاحتلال والاستعمار، وما نتج عنه من قتل للأنفس وطمس للهويات و نهب للثروات وتفقير للشعوب بعد الاستحواذ على خيراتها ، فاليوم يعد التدخل الأجنبي الوجه الأخر للاستعمار الحديث، وعراب الخراب لما يحدثه من دمار في الدول وتمزيق واختراق فاضح لنسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات .

aljazairalyoum.dz

You may also like

Leave a Comment

روابط سريعة

من نحن

فريق من المتطوعين تحت إشراف HOPE JZR مؤسس الموقع ، مدفوعا بالرغبة في زرع الأمل من خلال اقتراح حلول فعالة للمشاكل القائمة من خلال مساهماتكم في مختلف القطاعات من أجل التقارب جميعا نحو جزائر جديدة ، جزائرية جزائرية ، تعددية وفخورة بتنوعها الثقافي. لمزيد من المعلومات يرجى زيارة القائمة «الجزائر الجزائرية»

من نحن

جمع Hope JZR ، مؤسس الموقع ومالك قناة YouTube التي تحمل نفس الاسم ، حول مشروعه فريقا من المتطوعين من الأراضي الوطنية والشتات مع ملفات تعريف متنوعة بقدر ما هي متنوعة ، دائرة من الوطنيين التي تحمل فقط ، لك وحماسك للتوسع. في الواقع، ندعوكم، أيها المواطنون ذوو العقلية الإيجابية والبناءة، للانضمام إلينا، من خلال مساهماتكم، في مغامرة الدفاع عن الجزائر الجديدة هذه وبنائها.

ما الذي نفعله

نحن نعمل بشكل مستمر ودقيق لتزويد الجمهور بمعلومات موثوقة وموضوعية وإيجابية بشكل بارز.

مخلصين لعقيدة المؤسس المتمثلة في “زرع الأمل” ، فإن طموحنا هو خلق ديناميكية متحمسة (دون صب في النشوة) ، وتوحيد الكفاءات في خدمة وطنهم. إن إصداراتنا كما ستلاحظون ستسلط الضوء دائما على الأداء الإيجابي والإنجازات في مختلف المجالات، كما تعكس منتقدينا كلما رأينا مشاكل تؤثر على حياة مواطنينا، أو تقدم حلولا مناسبة أو تدعو نخبنا للمساعدة في حلها. 

مهمتنا

هدفنا الفريد هو جعل هذه المنصة الأولى في الجزائر التي تكرس حصريا للمعلومات الإيجابية التي تزرع الأمل بين شبابنا وتغريهم بالمشاركة في تنمية بلدنا.

إن بناء هذه الجزائر الجديدة التي نحلم بها والتي نطمح إليها سيكون عملا جماعيا لكل المواطنين الغيورين من عظمة أمتهم وتأثيرها.

ستكون الضامن للحفاظ على استقلالها وسيادتها وستحترم إرث وتضحيات شهدائنا الباسلة.

© 2023 – Jazair Hope. All Rights Reserved. 

Contact Us At : info@jazairhope.org