يتزامن تاريخ العشرين من شهر ماي من كل سنة مع الفترة المريرة التي عاشتها مدينة وهران خلال حقبة الإحتلال الإسباني الذي تريد إسبانيا تمجيده بينما يعتبر هذا الإستعمار في نفس الهمجية التي تمّخضت مع نظيره الفرنسي.
للعلم أن الإحتلال الإسباني لوهران و الذي بدأ بضّم منطقة المرسى الكبير سنة 1508 كمرحلة أولية,جاء نتيجة وصّية تركتها الملكة الهالكة إيزابيلا قبل موتها,و التي أوصت من خلالها بمحاربة المسلمين حتى في شواطئ شمال إفريقيا كنوع من تأمين شبه الجزيرة الأيبيرية من حملات المسلمين العكسية.
حيث كان القصد منع استرداد الأندلس مجّددا و التي كما هو معلوم سقطت آخر حواضرها سنة 1492,أين انطفأت شعلة الحضارة الإسلامية التي عمّرت طيلة ثمانية قرون من الزمن,كانت كافية لكي تصاب القارة العجوز بالعدوى الحضارية,حتى تبدأ في التحضير للثورة الصناعية أين نقل علماؤها الجانب النظري الذي جاء باجتهادات فطاحل العرب إلى الجانب التطبيقي.
فوهران حسب المؤّرخين تعرضت لحملة دينية عنصرية شعواء من قبل الإسبان الذين اتخذوا احتلال الباهية ذريعة في ملاحقة المسلمين الموريسكيين الفارين بدينهم من محاكم التفتيش الإسبانية.
فمن خلال ما لحقنا من تأريخ تلك الحقبة,فإن ساكني وهران تعّرضوا لأبشع عمليات القتل الممنهج عن طريق المذابح و المجازر و التهجير القسري,و حتى الإعتقال التعسفي أين تم استعباد سكانها الذين لم يقدروا على الفرار بعد الحملة الإسبانية و فضلوا التحّصن وراء أسوار المدينة التي سقطت و دّكت تحت نيران المدفعية القشتالية.
و يشهد التاريخ الحديث أن الإسبان الذين ائتمروا بالأوامر الكنسية بقيادة الكاردينال خمينيس المستمدة من قلب الفاتيكان,أقدموا على مجازر سبقت الهولوكوست بأربعة قرون.و التي من المفروض أن تعتذر عليها إسبانيا و تعّوض أهل الباهية على ما قامت به من تنكيل و تعذيب للوهرانيين و سرقة ثرواتهم لمدة ثلاثة قرون.
علما أن الإحتلال الإسباني بدأ منذ سنة 1508 أي بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس ب16 سنة,و تم تحريرها بواسطة الباي بوشلاغم المسراتي سنة 1708 خلال المرحلة الأولى,ليعاد استرجاعها عام 1732 ثم عرفت التحرير النهائي عن طريق الباي محمد بن عثمان الكبير الذي كان واليا على حاضرة مدينة معسكر سنة 1792.
للإشارة أن عدة مباني عمرانية لا تزال شاهدة على الإحتلال الإسباني للباهية لعل أبرزها قصر الباي,و كذلك باب كاناستيل الأثري و عدة أنفاق كانت تستخدم لأغراض مدنية و كذا عسكرية.
و تطالب عدة جمعيات مختصة في التراث لإجراء عمليات صيانة استعجالية لهذا النسيج العمراني الأثري,الذي يلاقي التلف بسبب عامل الزمن و كذا تقلبات الأحوال الجوية ناهيك عن أيادي العبث التي تعرضت لها بالسوء.
و يجدر الذكر بأن عدة كنوز أثرية تعود للحقبة الإسبانية و كذا العثمانية تمت سرقتها بطريقة ممنهجة من قبل علماء الأثار الفرنسيين و كذا بعض عملائهم في السّر من بينها المخطوطات التي تؤّرخ للفترة ما قبل الإسبانية أي فترة بني مرين و الزيانيين و كذا فترة الحكم العثماني.
و التي ينبغي المطالبة باسترجاعها من أجل إعادة كتابة التاريخ الصحيح لمدينة وهران التي ظلمها التاريخ و ظلمت من قبل جميع المستعمرين,خصوصا الفرنسيين,و حتى بعض المندّسين الذين يريدون فرض الطابع الغربي على المدينة عنوة,لكن يبدو أن استنطاق الحجارة الوهرانية تأبى من خلاله إلا أن تقول بأنها إسلامية و عربية حّب من حّب و كره من كره.
elmakal.dz
1 comment
شكرا على المقال يا صاحبي