في عام 2012، شهدت مالي واحدة من أبرز اللحظات التاريخية في تاريخها الحديث، عندما نجحت الجزائر في التوسط لإطلاق سراح أكثر من 80 جنديًا ماليًا كانوا أسرى لدى الحركات الأزوادية. من بين هؤلاء الجنود كان رئيس المجلس العسكري الحاكم الحالي في مالي، آسيمي غويتا، الذي كان حينها مجرد ضابط في الجيش المالي. لقد أعادت وسائل الإعلام الجزائرية مؤخرًا تداول هذه المشاهد التي تظهر وصول طائرة القوات الجوية الجزائرية إلى باماكو، وعلى متنها الجنود المحررون، في عملية تعتبر من أبرز النجاحات الدبلوماسية الجزائرية في المنطقة.
وتحت إشراف الجزائر، تمت عملية التفاوض مع الحركات الأزوادية التي كانت تحتجز الجنود كرهائن في إطار النزاع الذي كان يشهده شمال مالي آنذاك. ورغم أن الإفراج عن الجنود كان بمثابة إنجاز كبير للجزائر، إلا أن لهذه الحادثة تبعات نفسية وسياسية عميقة على رئيس المجلس العسكري الحالي، آسيمي غويتا.
يشير العديد من المراقبين إلى أن غويتا، الذي قاد انقلابًا عسكريًا أطاح بالحكومة المنتخبة في مالي، ما زال يحمل في داخله ذكريات تلك الفترة التي قضاها أسيرًا لدى الحركات الأزوادية. يعتقد هؤلاء المراقبون أن هذه التجربة شكلت عقدة نفسية لدى غويتا، جعلته ينتهج سياسات متشددة ضد الأزواديين ويصعد من وتيرة العنف ضدهم.
ويضيف بعض الخبراء أن لغويتا حسابات شخصية قديمة مع الشعب الأزوادي، حيث يُقال إنه يعتقد بأن أجداده قد تعرضوا للاستعباد من قبل التوارق، وهذا ما يجعله يسعى اليوم للانتقام منهم بأي وسيلة. كما يرى هؤلاء الخبراء أن انقلاب غويتا على اتفاق السلام الذي رعته الجزائر وتحت إشراف الأمم المتحدة لم يكن مجرد صدفة، بل ربما يعكس توجهاً عدائياً تاريخياً تجاه الجزائر، نتيجة تلك الفترة التي أمضاها في الأسر.
في النهاية، تبقى هذه المشاهد من العام 2012 بمثابة تذكير دائم بالدور الحاسم الذي لعبته الجزائر في محاولات تهدئة الأوضاع في مالي، وبالآثار النفسية والسياسية العميقة التي تركتها تلك الأحداث على بعض الفاعلين السياسيين في المنطقة