في ذلك اليوم الممطر من مارس 1954،بينما كان أحمد محساس،محمد بوضياف و ديدوش مراد في باريس يتشاورون حول تحضيرات الثورة ؛ كان الربيع قد رمى برداءه الأخضر فوق ارض الجزائر الطيبة.
فصل الربيع الذي من عادته اضفاء شيئ من أمل على انفس البشر بشمسه الداقئة و أشعتها الناعمة، فتخرج الطيور من أوكارها فرحة مبتهجة تغرّد لتُسمِع الحجر ، الشجر و كل البشر أن سواد السماء قد ولى ليحل مكانه صفاءها و يزكى نسيمها… نعم تلك عادة الربيع في مشارق الأرض و مغاربها … إلا في جزائر 1830-1954 ، لم يفعل ذلك أو بالأحرى،كان يفعل، غير أن شعب الجزائر كان مجردا من كل احساس مرهف… كيف يكون لديه هكذا احساس و هو يتألم من قسوة ما سُلِّط عليه من ظلم و طغيان ؟…
123 ربيعا كان قد مرّ من ارض الجزائر و كان يُفرح الطير و الشجر، الحيوان و الحجر و… بخضرته و شمسه و نسيمه العليل إلا البشر،لم يستطع إقاضهم … لكن هذا اربيع الرابع و العشرين بعد المئة (124) كان مختلفا، شيئ ما تغيّر… ما هو ؟؟ لا أحد يدري…
كانت الجزائر العاصمة مدينة معمرين بأتم معنى الكلمة، فكل الشوارع الرئيسية كانت توحي بأنك في مدينة فرنسية
كل ما هو جزائري كان خجلا لا يحبذ الظهور و إن ألزم ففي شوارع خاصة به كالقصبة غيرها من الاححياء العربية…
و عن بعد 70 كم من العاصمة من ناحية الشرق تقف جبال جرجرة شامخة و كأنها تمنع،من أراد المرور، إجتيازها… انها منطقة قبائل الاحرار ؛ هم من بربر الجزائر الموزعين علىفي كامل ترابها الطيب.
و من بين هؤلاء الناس الطيبين الذين امتازوا كغيرهم من اخوانهم الجزائريين من سكان الأرياف، بقوة ارتباطهم بعاداتهم و أصلتهم ؛ برز شاب من دوار آيت يحيى موسى ،قرية تيزري عيسى ، دائرة ذراع الميزان، كان لا يتعدى عمر كريم بلقاسم 24 سنة لمّا بدأ يحتج على الإدارة الإستعمارية و هذا إبان انتخابات 1947 حيث قرر اللجوء الى الجبال الشاهقات لبني رجالاته على مكث و يبث فيهم الهمم عالية استعدادا لليوم الموعود.
يُتبع…
6 comments
اللهم ارحمهم وًطيّب ثراهم.
اتمنى من شبابنا ان يطالع مقالات كهذه ليقارن بين رجال الجزائر و رجال pay pal . شكرا
أمين يا رب العالمين
شكرا على التعليق أخي عبد النور
اتمنى ذلك ، وعلى الاقل نغرسه في أولادنا أولا لان حسن تربيتهم أم المسؤوليات بالنسبة لنا، و هم بدورهم يبثون حب الوطن و غيرها الفضيلة في محيطهم … و من يعلم ؟ قد ننجح
شكرا على تعليقك صديقي Toufan
المشكل الحقيقي عند شبابنا أنه لا يقرأ ولا يحب البحث بل يحبذ الجاهز في كل شيئ من أكل و شرب و حتى تاريخ وطنه و أجداده .مع أن أول ما نزل على حبيبنا المصطفى صل الله عليه و سلم هو القصص القرآني الذي يعتبر تاريخ من سبق من الأمم كعبرة و دروس على المِؤمن استخلاصها. ربي يجيب الخير
Nafila، انا ارى ان الجيل تغير و يجب علينا نحن الكبار ابتكار طرق جديدة لتعليمهم التاريخ لتذكيرهم بأمجاد اجدادهم …
ادخال المسرح للمدرسة كوسيلة و ليس كمادة ، نعلم بها الاتريخ و التربية الاسلامية …
مشكورة على التعليق اختي الكريمة